ملتقى طلاب وطالبات جامعة الملك فيصل,جامعة الدمام

العودة   ملتقى طلاب وطالبات جامعة الملك فيصل,جامعة الدمام > .: ساحة الطلاب والطالبات الغير أكاديمية :. > .: الـسـاحـة الـعـامـة :. > ملتقى المواضيع العامة
التسجيل الكويزاتإضافة كويزمواعيد التسجيل التعليمـــات المجموعات  

ملتقى المواضيع العامة منتدى المواضيع العامة والنقاش الهادف

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
  #1  
قديم 2007- 9- 28
طاغور
:: أكــــاديـــمــي ::
بيانات الطالب:
الكلية: كلية آداب الدمام
الدراسة: انتساب
التخصص: عربي
المستوى: المستوى الأول
بيانات الموضوع:
المشاهدات: 1575
المشاركـات: 10
 
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 1841
تاريخ التسجيل: Tue Sep 2007
المشاركات: 678
الـجنــس : ذكــر
عدد الـنقـاط : 100
مؤشر المستوى: 74
طاغور will become famous soon enoughطاغور will become famous soon enough
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
طاغور غير متواجد حالياً
مقالات للثقافه والفكر والفلسفه .. كن معي و اقرأ وعلّق (متجدد)


~ 1 ~

عبوديّاتنا المختارة

رجاء سلامه
من الأطياف المرفرفة التي ستظلّ تحوم بنا طيف لابواسّي، ذلك الفتى الفرنسيّ الذي كتب سنة 1548، وهو لم يبلغ سنّ العشرين، مقالة في "العبوديّة المختارة". فضْلُ لابواسّي هو أنّه نبّه النّاس في زمانه، وينبّهنا اليوم إلى ما نميل إلى الغفلة عنه، وهو أنّ للضّحيّة الباكية أو المتباكية قسطا من المسؤوليّة في نظم الاستبداد وفي الكثير من سيناريوهات العنف المتكرّر. نبّهنا إلى ذلك بلغة بسيطة فريدة، فيها الكثير من حميّة الشّباب وتوهّج الفكر، وفيها شيء من الغضب، عندما يكون الغضب طاقة مولّدة للتّفكير، لا مجرّد "هوى" من الأهواء التي تحول دون التّفكير (لعلّه غضب آخر غير الغضب الذي يبدو أنّ ياسين الحاج صالح غاضب منه في "خواطر مرسلة في شأن السياسة والثّقافة"، وليسمح لنا بهذه الدّعابة).

أدهش كتيّب لابواسي النّاس وشدّهم على مرّ العصور، لأنّه يتجاوز السيّاق التّاريخيّ الذي أراد بعضهم اختزاله فيه، وهو سياق احتجاج البرجوازيّة النّاشئة على إكراهات النّظام الإقطاعيّ الأوروبّيّ، ففي كلّ نصّ نابع من شوق تترجمه الكتابة، يوجد بالضّرورة بعد يتجاوز مقتضيات التّاريخ والسّياق، كثيرا ما تضيّعه المقاربات المستلهمة من الماركسيّة. وربّما تمثّل فكرة العبوديّة المختارة اليوم أداة مهمّة لتحليل دوائر الاستبداد وأشكاله المختلفة، أو ربّما تمثّل منفذا لإدخال نفحة من الهواء الجديد على طرحنا لإشكاليّات السّلطة والهيمنة لا في المستوى السّياسيّ فحسب، بل في مستويات أخرى.

ولقد أصاب لابواسّي المقتل عندما قلب النّظرة السّائدة للهيمنة، مبيّنا أنّ العبد هو الذي يبني في خياله السّيّد ويسلم إليه مقاليد نفسه في واقعه، وليس السّيّد الذي يتغلّب على مصارعه فيحوّله إلى عبد كما في الجدليّة الهيجليّة الشّهيرة. يقول لابواسي حسب التّرجمة العربيّة البديعة التي خصّه بها مصطفى صفوان (صدرت سنة 2005) : "من أين له (الطّاغية) العيون التي يتبصّص بها عليكم إن لم تقرضوه إياها؟ وكيف له بالأكف التي بها يصفعكم إن لم يستمدّها منكم؟ ومن أين له بالأقدام التي يدوسكم بها إن لم تكن من أقدامكم؟ كيف يقوى عليكم إن لم يقو بكم؟ كيف يجرؤ على مهاجمتكم لولا تواطؤكم معه".

ولكن لا حدّ لإمكانيّات التّأويل والتّصريف التي يفتحها حدس لابواسي هذا في تفسير إماتة الشّوق إلى الحرّيّة والاستكانة إلى الآخر. فما العبوديّة المختارة سوى السّادومازوشيّة الممارسة على نطاق اجتماعيّ وسياسيّ في عصرنا هذا الذي يعدّ عصر إنسان الجموع سليب الإرادة، وفي السّياق العربيّ الرّاهن الذي لا يعيش فيه العربيّ عبوديّة البضاعة والصّورة والاستهلاك المعولم فحسب، بل يعيش عبوديّات أخرى: عبوديّة تخضعه إلى أنظمة تحتكر السّلطة والثّروة ولا يبتعد زعماؤها كثيرا عن صور الطّغاة كما رسمها لابواسّي منذ حوالي أربعة قرون ونصف، وعبوديّة تخضعه إلى رجال الدّين في دين ليس فيه كنيسة ولا بابا، ولكن كلّ جماعة فيه وكلّ فرد يمكن أن ينتصب كنيسة وبابا.

يمكن أن يفيدنا لابواسّي في تعرية لعبة عبادة "الواحد" الذي "يكفي النّطق باسمه لإيقاع الفتنة والسّحر" كما يقول، الواحد الذي نجعله فوق القانون وفوق كلّ شيء، والذي لا نكتفي بعبادته، بل نعيد إنجابه، أو نؤبّد النّظام الذي يعيد إنجابه. فالسّؤال الذي يمكن أن نطرحه على أنفسنا ليس فحسب : لماذا نواصل إحلال من نولّيهم أمورنا محلّ الآلهة التي تحاسبنا وتعاقبنا دون أن نحاسبها ونعاقبها، بل: لماذا ينهل الكثير من معارضي عبادة الأشخاص من المعين الاستبداديّ والجموعيّ نفسه، فيخلقون في دوائرهم الخاصّة زعماء آخرين يستولون على سدّة الحكم في الدّائرة الضّيّقة، بحيث تفقد مطالبتهم بالدّيمقراطيّة كلّ مصداقيّة، وتفقد تنظيماتهم كلّ طابع مؤّسّسيّ مدنيّ؟ لماذا تتحوّل كلّ تجارب الحرّيّة الجميلة إلى بوتيكاتات لقضاء المصالح وبناء التّحالفات وإنتاج "الواحد" المتألّق في صيغة مفردة أو متعدّدة، المتألّق بمجرّد النّطق باسمه أو عرض صورته؟

وهناك أسئلة أخرى من وحي لابواسّي يمكن أن نطرحها: لماذا تتواصل سلطة رجال الدّين على النّفوس والعقول رغم ما اتّضح من خواء فتاوى بعضهم وصغر نفوسهم وعقولهم في الأغلب الأعمّ؟ ألم تعل أصوات المكفّرين بصمتنا وخوفنا؟ ألم نشلّ أيدينا لنساعدهم على توجيه أصابع الاتّهام نحونا كما في صورة لابواسي؟ إذا كان غير المؤمن لا ينهض بعبء "كفره"، بالمعنى الضّيّق الأوّليّ للكلمة، أي عدم إيمانه، فيتكلّم لغة المؤمنين، ويتظاهر بالعبادة مثلهم، ويحشر نفسه في زمرتهم، ويبسمل ويحوقل مثلهم، ولا يريد أن يحلّ في موقع غير المؤمن الذي هو موقعه، ألا يترك المجال لمن يتّهمه بما هو عليه في حقيقته، أي لمن يكفّره؟ أليس جهر غير المؤمنين بمعتقداتهم هو إحدى الوسائل المدنيّة الرّاقية لمواجهة التّعصّب والأصوليّة التي لم تنتشر إلاّ لأنّها وجدت السّاحات قفراء صامتة؟

ويسمح لنا لابواسّي بتعرية لعبة احتمال ما لا يحتمل وبطرح أسئلة من هذا القبيل: لماذا تحتمل النّساء ما لا يحتملنه، وتدافع الكثيرات عن خصوصيّات تأسرهنّ وتفقدهنّ ذواتهنّ وفرادتهنّ ووجوههنّ؟ لماذا ينتشر حجاب النّساء وهو الوسم الدّالّ على عبوديّتهنّ العتيقة، ويتحوّل إلى علامة على التّحرّر والإرادة الشّخصيّة؟ لماذا تواصل النّساء الالتحاف بالسّواد في حرّ القيظ ولماذا يواصلن جرّ عباءاتهنّ وخمرهنّ كما جرّ المسيح صليبه؟

تبقى صيحة لابواسي الشّابّ جديدة متجدّدة رغم القرون الطّويلة التي تفصلنا عنه، وأهمّ دليل على ذلك عودة بعض المحلّلين النّفسانيّين إلى هذا الكتاب لينظروا إلى العبوديّة المختارة على أنّها تنظيم مرضيّ يوجد في الكثير من الأبنية الذّاتيّة، ويتجسّد في الكثير من المصائر الفرديّة والجماعيّة. فهذا الكتاب حسب آخر دراسة من هذا القبيل (عياديّة العبوديّة، جاك فليسيان، باريس، 2007) "يربط بين السّياسيّ واللاّشعور فاتحا الباب لإيطيقا الشّوق"، لأنّ الحرص على خدمة الآخر في نطاق العبوديّات المختارة ليس شوقا للذّات "بل استعمالا لما بقي لها من متعة لكي تضمن متعة الآخر". فلا يوجد أمر لا يحتمل، إلاّ وتوجد لعبة أحد أطرافها يحتمل ما لا يحتمل، ويكلّف نفسه ما لا طاقة به خدمة لآخر خياليّ أكثر منه رمزيّا، وهو في ذلك إمّا يتظاهر بالشّكوى ويستمتع بها، أو يعلن أنّ قدره المحتوم أو منيته وضالّته واجب احتمال ما لا يطاق، والنّتيجة في كلتا الحالتين هو أنّه يغترب عن ذاته، ويغطّي ما لا طاقة له به بكوكبة خطابات الواجب والهويّة والوفاء الخادع، ويواصل بناء صروح العادة، وهي أوّل سبب من أسباب العبوديّة المختارة حسب لابواسّي.

الإنسان يولد حرّا نعم، ولكن علينا أن نضيف إنّه يولد وبين جوانحه شوق دفين إلى الحرّيّة، والعبوديّات المختارة هي كلّ ما تراكم من حجب تحول دون الوعي بهذا الشّوق ودون مسايرة حركته.


التعليق : اكثر هذا المقال صائب إن لم يكن كله , آخذُ عليه الشده , فلم يكن الرفق في شيء إلا زانه , وما ذكره حقائق رآها القاصي والداني على سطح الأرض .
رد مع اقتباس
قديم 2007- 10- 1   #2
بـــو أحــمــد
مؤسس الملتقى
 
الصورة الرمزية بـــو أحــمــد
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 1
تاريخ التسجيل: Wed Aug 2006
المشاركات: 16,930
الـجنــس : ذكــر
عدد الـنقـاط : 20807
مؤشر المستوى: 262
بـــو أحــمــد has a reputation beyond reputeبـــو أحــمــد has a reputation beyond reputeبـــو أحــمــد has a reputation beyond reputeبـــو أحــمــد has a reputation beyond reputeبـــو أحــمــد has a reputation beyond reputeبـــو أحــمــد has a reputation beyond reputeبـــو أحــمــد has a reputation beyond reputeبـــو أحــمــد has a reputation beyond reputeبـــو أحــمــد has a reputation beyond reputeبـــو أحــمــد has a reputation beyond reputeبـــو أحــمــد has a reputation beyond repute
بيانات الطالب:
الكلية: كلية الطب
الدراسة: انتظام
التخصص: طب عام
المستوى: خريج جامعي
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
بـــو أحــمــد غير متواجد حالياً
رد: مقالات للثقافه والفكر والفلسفه .. كن معي و اقرأ وعلّق .


طاغور
اقتباس:
فضْلُ لابواسّي هو أنّه نبّه النّاس في زمانه، وينبّهنا اليوم إلى ما نميل إلى الغفلة عنه، وهو أنّ للضّحيّة الباكية أو المتباكية قسطا من المسؤوليّة في نظم الاستبداد وفي الكثير من سيناريوهات العنف المتكرّر
أعتقد بأن الكاتب قد أختصر كثيراً من الكلمات في هذه الجملة
الإنسان له جزء من المسؤولية عما يتعرض له من لإضطهاد و سجن لحريته الشخصية
و ذلك بسبب سكوته عن الذل و الإهانة و عدم قدرته على تغيير الواقع و إن أضطر إلى دفع دماءً من بني جنسه للدفاع عن ذلك !


  رد مع اقتباس
قديم 2007- 10- 2   #3
طاغور
:: أكــــاديـــمــي ::
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 1841
تاريخ التسجيل: Tue Sep 2007
المشاركات: 678
الـجنــس : ذكــر
عدد الـنقـاط : 100
مؤشر المستوى: 74
طاغور will become famous soon enoughطاغور will become famous soon enough
بيانات الطالب:
الكلية: كلية آداب الدمام
الدراسة: انتساب
التخصص: عربي
المستوى: المستوى الأول
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
طاغور غير متواجد حالياً
رد: مقالات للثقافه والفكر والفلسفه .. كن معي و اقرأ وعلّق .

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بـــو أحــمــد مشاهدة المشاركة

طاغور

أعتقد بأن الكاتب قد أختصر كثيراً من الكلمات في هذه الجملة
الإنسان له جزء من المسؤولية عما يتعرض له من لإضطهاد و سجن لحريته الشخصية
و ذلك بسبب سكوته عن الذل و الإهانة و عدم قدرته على تغيير الواقع و إن أضطر إلى دفع دماءً من بني جنسه للدفاع عن ذلك !


هذا المقال عبارة عن كتاب كبير في اسطر معدوده , صدقت .. ونحن في حاجة لهذا الشيء واستيعابه جيداً ..
  رد مع اقتباس
قديم 2007- 10- 15   #4
طاغور
:: أكــــاديـــمــي ::
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 1841
تاريخ التسجيل: Tue Sep 2007
المشاركات: 678
الـجنــس : ذكــر
عدد الـنقـاط : 100
مؤشر المستوى: 74
طاغور will become famous soon enoughطاغور will become famous soon enough
بيانات الطالب:
الكلية: كلية آداب الدمام
الدراسة: انتساب
التخصص: عربي
المستوى: المستوى الأول
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
طاغور غير متواجد حالياً
رد: مقالات للثقافه والفكر والفلسفه .. كن معي و اقرأ وعلّق (متجدد)


~ 2 ~



جبل الخراب
ذات العماد - جسد الثقافة


"أعلمُ أنّني أعيشُ في خرابةٍ لأنني أفرّشُ أسناني كل صباح.

العالمُ تالفٌ لأن لا شيء يبقيهِ صالحا ً للاستخدام إلا الصيانة و التجديد و الإصلاح. الحياة ليست شيئا ً إذا أصبحت مطاردة مستمرة للخراب، و هيَ كذلك، و هيَ لا شيء إلا ذلك. و لو توقفنا عن إصلاح العالم وهلة لطفح بالموت و الدمار و العفونة و القـُبح. كلما استيقظتُ صباحا ً أخرجتُ يدي و وضعتُ صافرة الـsafety على سقفي و بدأتُ أطارد الخراب، و أتابع المطاردات اليومية و الأسبوعية و الشهرية و السنوية. البَرَكات لئلا تضيع، و السيئات لئلا تزداد سوءا ً، و كل شيء آخر ليبقى على حاله. أسمعُ جَرْسَ "عصافير السوس" و هي تتقافزُ على شجرتي المتعاظمة. تنقر الثمار و تمضغ الأوراق و تهز الأغصان و تهرس البراعم و تنخر و تحفر و تكشف الأحشاء الخضراء و النسغ الصافي للدود و الغبار. لا أراها بعيني لكنني أسمع، و أصدّق ما أسمع، و أسمعُ ما أتخيّـل. فأتحرّك لطرد "عصافير السوس" في الأنحاء غير المتوقعة و سعادتي الصغيرة الوحيدة أن أجدها لم تأتِ بعد إلى هذه الناحية. ستأتي لكنها لم تأتِ بعد. و كلما انتهى يومٌ أو عامٌ أو عُمرٌ، راعني أنه لم يذهب إلا في مطاردة الخراب. لا شيء آخر. الجسد رمز ذلك. معظم وقتي أمضيه في صيانة الجسد. كم يستهلك الواحد في سبيل أن يُبقي جسدهُ مكانا ً مقبولا ً لسُكنى روحه؟ إنني أستهلك الكثير و أشيع الفوضى حولي و أنتج أطنانا ً من الـمُخلفات فقط من أجل أن أحتفظ بحدٍ أدنى من القبول لوجودي، و لأشعر بقدرٍ قليل من الكرامة لإنسانيتي...

تنظيف الأسنان مرتين كل يوم.
الاستحمام مرة كل يوم.
رمي أنبوب المعجون الفارغ و قنينة الشامبو الفارغة في القمامة.
شراء معجونٍ جديد و شامبو جديد.
غسل الوجه، ترطيب الوجه و الشفتين.
ترطيب الذراعين و الساقين.
ترطيب كعب القدم بمرطب خاص ثم لبس الجوارب.
تهذيب الحاجبين. رسمهما بالقلم. رمي "بـِـراية" القلم القديم. شراء قلم جديد.
تهذيب الأظافر.
استخدام مقوي الشعر كل ليلة قبل النوم. ابتلاع قرص الزنك و الحديد كل يوم. قص أطراف الشعر التالفة. صبغ الشعر كل ستة أشهر.
إفراغ سلة الغسيل. فصل الثياب حسب ألوانها. غسل كل لون على حدة. إفراغ غالونات الماء المصبّن من الغسالة و ملؤها، تباعا ً. وضع الثياب المغسولة في المجفف مع ورق معطـّـر. كَي الملابس. طي الثياب. توزيعها على الأدراج.
نفض الغبار عن الكتب، و الطاولات، و اللوحات، و تحت السرير، و على قاعدة الأباجورة، و من قماش الستارة، و حامل الأحذية، و فوق الدولاب، و تحت الكنبة، و المكتب، و على الستيريو، و الأشرطة، و الاسطوانات، و من على أكتاف الثياب المركونة جانبا ً.
فرز الصحف و الأوراق و رمي القديم و البحث عن مكانٍ للجديد.
غسل أغطية السرير و إعادة توضيبه. تعطيره.
إفراغ سلة القمامة. تغليفها بكيسٍ جديد.
تنظيف أرضية الحجرة. تعطيرها. إفراغ كيس المكنسة الكهربائية.
شراء خضروات و معلبات جديدة كل أسبوع. رمي الخضروات التالفة في الثلاجة. قياس الوزن مرتين كل أسبوع.
قراءة الصحف الجديدة كل يوم. قراءة الأخبار الأخيرة على النت. تفريغ الإيميل من الرسائل المتراكمة. البقاء على اتصال بجماعة النت. مراجعة الموضوعات العالقة. تحديث المعلومات بشأنها.
قراءة كتاب جديد. استذكار معلوماتٍ من كتابٍ قديم. كتابة ملاحظاتٍ بالمعلومات و الأفكار المهمة لئلا تـُـنسى.
الإرسال و الاتصال و الرد على رسائل الصديقات.
مراجعة الأشخاص الذين مضى وقت طويل على الاتصال بهم و معاودة الاتصال.
الاجتماع بالصديقات مرة كل شهر.
زيارة طبيب الأسنان مرة كل سنة.
زيارة كل طبيب لمطاردة الأوجاع المختلفة و الطارئة.
سمكرة السيارة القديمة.
طلاء الحيطان المتشققة.
الاحتجاج على حكومة فاسدة.
المطالبة ببيئة أقل قذارة، لأتمكن من الموت فيها بقدر قليل مُحتمل من الألم، و قدرٍ معقول من الكرامة. ليس اختناقا ً بالغازات المسمومة، و لا غيلة، و جيفة لا تجد دفــّـانا ً. بطاعاتٍ تستنزل رحمة الله من أجل نعيم جنة أصل اختلافها عن الدنيا، أنها دار كرامة لا تبلى. آمين.



الكرامة التي نعيش عليها حيواتنا في الدنيا، كرامة هشة تنهار عندما نتقيأ أو نذهب إلى دورة المياة أو نمرض. و عندما نموت نتخلص بسرعة من الجثمان قبل أن تُفزعنا رؤيته يتعفن أمام أعيننا. و لو توقفنا عن صيانة الجسد الحي يوما ً أو يومين لأدركنا أننا ننطوي على جوهر تلف هذه الدنيا فينا. العالم الذي نسكنهُ، شديد الشبهِ بنا. الجمالُ فيه لا يولدُ عَرَضيا ً أو صدفة، و لا يدوم طويلا ً، و طوال وجودهِ يجب أن يُتابع و يُرعى بلهفة شديدة. و هوَ مُـعرّضٌ في أية لحظة للذوبان في ملح الحياة. الأعمال الصالحة تستلزم جهدا ً كثيرا ً لتوجد. ولادة إنسانٍ صالح. إنشاء الإنسان على الصلاح. استحكام الإنسان الصالح على القوة. منع القوة من إفساده. تسخير قوة الإنسان الصالح لنيةٍ صالحة. استرشاد القوة و النية الصالحتين بذكاءٍ يسمح لهما ببلوغ الصواب. لهذا يوجد عددٌ قليلٌ من الأعمال الصالحة في هذا العالم. الطبيعة تعود بتجديد نفسها دائما ً. لكنها من أجل أن تتجدد يجب أن تتلف أولا ً. لكنّ الأشياء التي تتلف لا تعود بذاتها، بل ببدائلها. المرأة الجميلة تذوي إلى الأبد. البيت الجميل تتشقق حيطانه و يتقادم و يتهدّم. المثير يصبح مُمِـلا ً. الأناس الأجمل الأضعف يرتدم العالم بغباره فوقهم و يُميتهم باكرا ً عندما يغفل جمالهم عن إدارك الخراب. الحقائق الجميلة بتقدم الوقت تختلط بالوهم. الأوهام الكريهة بتقدم الوقت تتكشف عن حقائق. رُقاقةُ الطيب الثمينة يسحقها رَدمُ المزابل.

و أين تذهب العذوبة التي تـُـنسى؟
أين تغور الشفاعات الطيبين التي لا تـُـستجاب؟
أين تذهب الأشياء الأكثر أصالة؟
أين يضيع الـود الذي تبدد؟
أين تذهب فضلات العالم التي تحتوي أفضل ما في الدنيا مختلطا ً بأقذر ما فيها دون تمييز؟

إلى جبل الخراب. جبل الخراب طويل، أطول من الدنيا، أطول إلى السماء. رماديّ أعلى من كل شيء. تأسس في بدء الخليقة. إليه تذهب الأرواح الضائعة. و الجمال الذابل. و الخير الذي انقصم ظهره. و طول الأمل الشقي. و الأفكار المغفلة. و الذكريات الحلوة المنسية. و المزابل. و بصاق معاجين الأسنان. و الماء الآسن. و الماء الـمُصبّن الذي يدوم في ثقوب الحمام، و يأخذ طريقة باندفاع ٍ إلى جبل الخراب، حيث يختلط بأفضل ضحكات طفولتي تحت الشمس، ضحكاتي التي نسيتها".


  رد مع اقتباس
قديم 2007- 11- 7   #5
طاغور
:: أكــــاديـــمــي ::
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 1841
تاريخ التسجيل: Tue Sep 2007
المشاركات: 678
الـجنــس : ذكــر
عدد الـنقـاط : 100
مؤشر المستوى: 74
طاغور will become famous soon enoughطاغور will become famous soon enough
بيانات الطالب:
الكلية: كلية آداب الدمام
الدراسة: انتساب
التخصص: عربي
المستوى: المستوى الأول
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
طاغور غير متواجد حالياً
رد: مقالات للثقافه والفكر والفلسفه .. كن معي و اقرأ وعلّق (متجدد)


~ 3 ~



هل يحتاج أطفالنا ثقافة الكراهية ؟
صالح إبراهيم الطريقي


قبل فترة نشرت رسالة موجهة من والد لوزير التربية والتعليم ، يتحدث فيها عن مأزقه أمام سؤال طفله "بابا يعني أنا لازم أكره كل الناس اللي مو مسلمين" ؟

اليوم أكمل في نفس المأزق ، أعني مأزق أطفالنا وتعلمهم "كراهية الآخر" المختلف معنا عقديا ، بعد أن عسف التأويل ، أو ألغي سبب نزول الآية ، وما الذي أدت إليه ثقافة الكراهية المطلقة ؟

فمن جهة العقل الذي تم تأسيسه على "كراهية الآخر" بشكل مطلق ، أصبح مأزوما ، فكيف يتعامل هذا العقل مع النائب في مجلس العموم البريطاني "جورج غالاوي" الذي أبهر جل المسلمين وهو يتحدث تحت قبة الكونغرس ويعلن بصريح العبارة عن رأيه في الحرب العراقية وأن سكان البيت الأبيض ما هم إلا صهاينة ومحافظون جدد ، ومضللون ومحتالون ومزيفيو حقائق ، وتلاميذ فاشلون ، وأن حكم بوش وبلير حكم الغوغاء المحبين للحرب والقتل .

هذا العقل الذي تم ملؤه ـ وقبل الوعي ـ بمقدس "كراهية الآخر" كيف يمكن له حل مأزقه مع أولئك الذين بدأوا يمشون بمظاهرات تطالب البيت الأبيض بسحب الجيش الأمريكي من العراق ، وتلك المظاهرات المؤيدة للحق الفلسطيني؟

وقبل هذا ما الذي سيفعله "غالاوي" والرافضون لاحتلال العراق ومن يؤيدون قضيتنا ، إن قيل لهم إن المسلم حسم أمره معكم دون النظر لأفعالكم ، فهو منذ البداية يعلن عن كراهية مطلقة لا تفرق بين من يقف معه ومن يقف ضده ، مع أنها تفرق بين القتلة من الجيش الأمريكي والقتلة من القاعدة ؟

هذا على مستوى الخارج ، أعني علاقة هذا العقل بالآخر المختلف عنه عقديا وإن لم يختلف معه في رؤية العدل ، ولكن ماذا عن الداخل ، أو ما الذي تؤسسه ثقافة تعليم الكراهية في المجتمع ؟

إن تأسيس العقل على "كراهية الآخر" ، يعني تأسيس العقل على كراهية من يخالفك بغض النظر هل هو يخالفك في العقيدة أو يخالفك في فهم الإسلام أو يخالفك في التفسير والتأويل ، أو حتى في رؤيته لأحداث تاريخية "كما حدث في مسلسل الملك فاروق" .

وأظن الكثير شاهد وتابع ما الذي يحدث حين يبدأ الحوار بين طرفين في السعودية أو في العالم العربي ، فهو يبدأ باختلاف على فكرة ما ، ثم يمضي وكعادته إلى رغبة في تدمير الآخر ، لأن العقل تم تأسيسه على ثقافة الكراهية ، كراهية كل من يختلف معه "أي يختلف مع هذا العقل المؤسس على كراهية الآخر" .

خلاصة القول : إن الكراهية لا تحتاج لمعلم ، ففي النهاية سيكبر هذا الطفل/الطفلة وستتصادم مصالحهم مع الآخر بالداخل وفي الخارج ، وسيتعلم الإنسان الكراهية وبسهولة ودون معلم .

لهذا ما يحتاجه الطفل أن يحب معتقده "الإسلام" دون كراهية لمعتقد الآخر ، وأن يؤسس عقله على أن يمنطق الأمور ، وأن يرفض ويعارض الظلم والظالم ، يرفض ويعارض من يضطهد الناس ويسرق ويزور ويقتل ، دون أن يسأل عن ماهية عقيدة هذا الظالم .

إن مشكلة بعض الذين يقومون بكتابة مناهج الأطفال لا ينتبهون أن تأسيس المقدسات يحدث قبل الوعي ، لهذا هو يذهب في اللاوعي ويسيطر على الانفعالات النفسية للفرد ، بمعنى أننا حين نعلم الطفل قبل وعيه رمز "كراهية الآخر" ، نحن لا نزود الطفل بالمضمون فقط ، وإنما أيضا بالاتجاهات نحو السلوك ، وبهذا يتحدد اتجاهه السلوكي نحو الأشخاص دون أن يختبر مبادئهم وقيمهم ، وهل هم يؤيدون قضيته أم ضدها ؟

وبهذه الآلية ، أعني آلية تعليم "الكراهية" كان من الطبيعي أن نقرأ في الصحف ونسمع في نشرات الأخبار ، مع كل تفجير للقاعدة في أي مكان أن هناك شابا سعوديا مشاركا مع القاعدة ، لأن المنهج لم يؤسس له عقلا منطقيا ، يفرق بين الخير والشر ، يفرق بين الظلم والعدل ، بل أسس له عقل يقيم الأمور من خلال الحب والكراهية ، ومن يحمل معتقده يحبه وإن كان يقتل الأبرياء ، ومن يخالف معتقده ، يكرهه وإن كان يدافع عن قضيته .

كان من الطبيعي أن يموت الحوار في المجتمع ، لأن الرأي الآخر إن لم يكن صدى لهذا العقل الكاره لمن يختلف معه ، فهو فاسق ومتزندق أو ظلامي إسلاماوي لا بد من الحجر عليه أو نفيه خارج المجتمع أو خارج الحياة .


  رد مع اقتباس
قديم 2007- 12- 1   #6
طاغور
:: أكــــاديـــمــي ::
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 1841
تاريخ التسجيل: Tue Sep 2007
المشاركات: 678
الـجنــس : ذكــر
عدد الـنقـاط : 100
مؤشر المستوى: 74
طاغور will become famous soon enoughطاغور will become famous soon enough
بيانات الطالب:
الكلية: كلية آداب الدمام
الدراسة: انتساب
التخصص: عربي
المستوى: المستوى الأول
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
طاغور غير متواجد حالياً
رد: مقالات للثقافه والفكر والفلسفه .. كن معي و اقرأ وعلّق (متجدد)


~ 4 ~

قال إن الفلسفة تساعد الإنسان في تجاوز الأوهام التي يعيشها ... المطيري: «الليبرالية» شُوهت... وعلى المثقفين تحمل مسؤولياتهم

حائل - سالم الثنيان الحياة - 25/11/07//


يعد عبدالله المطيري واحدا من أبرز الكتاب الشباب اليوم، الذين يتعاطون مع قضايا الليبرالية والتنوير والطابع الفكري والفلسفي، من وجهة نظر نقدية في شكل عام.
المطيري مدرس تربية إسلامية، يكتب مقالات منتظمة في جريدة «الوطن»، و»الرياض»، وعرف في الساحة الثقافية بجرأته التي تميز كتاباته. نشأ المطيري، الذي يستعد لأطروحة الماجستير في فلسفة التربية والفكر، كما يقول، ممتلئاً بالبديهيات والمبادئ، لكنه سعى إلى تأمل هذه البديهيات وفحصها ثم ردها إلى أصلها الحقيقي. «الحياة» التقته وحاورته حول تحولاته الفكرية وعدد من القضايا التي تهم شريحة واسعة من المثقفين.

هنا نص الحوار.
> نتحدث بداية حول جمعك بين دراسة الفقه كتخصص من جهة، والفلسفة كاهتمام من جهة أخرى، هناك من يرى في هذا الجمع مفارقة، ما رأيك؟
- دراسة الدين أمر مهم لفهم ما يجري في هذه الحياة... أثر الدين في حياة الإنسان عميق جداً وشديد التأثير. في مجتمعنا يزداد الأمر أهمية كون الدين هو أهم المشكّلات الثقافية، من دون دراسة الدين لا يمكن فهم المجتمع السعودي والعربي عموماً. الفلسفة هي صورة العقل البشري، الفلسفة تعقلن الإنسان وتساعده في أن يتجاوز أوهامه التي يعيشها. مع دراستي للفقه شعرت بضرورة دراسة الفلسفة. كانت أسئلتي تتوالد يوماً بعد يوم وتكبر يوماً بعد يوم. شعرت بحاجة للعقل، أن أمارس مسؤوليتي مع أسئلتي... وكانت الفلسفة هي الطريق.
> ألا ترى أن الانعطافات الحادة في منحى حياتنا تنم عن عدم قناعاتنا الثابتة دوماً، فهل انعطاف عبدالله المطيري من منحى إلى منحى آخر في حياته كان نتيجة عدم ثبات في قناعاته؟ وهل السنوات القليلة الماضية أعادت توازنه في ظل اصطداماته المباشرة بمن حوله؟
- لم يكن اصطداماً بمن حولي بقدر ما كان مع ذاتي ومع قناعاتي الخاصة. لم أكن شديد الاندفاع للإجابات التي تربيت عليها منذ الصغر. كان هناك شعور باستمرار بعدم الحماسة لما يقال. في مرحلة لاحقة ازدادت جرأة النقد والسؤال وازداد القلق.
> لماذا بواكير كتاباتك فكرية؟
- لا أعتبر ما أكتبه اليوم من البواكير، فقد كتبت في أول سنة في الجامعة رواية بسيطة ثم انتقلت إلى كتابة القصص القصيرة ونشرت بعضاً منها. مع كتابتي ليومياتي التي كنت أدونها يومياً. كانت هذه أنواعاً للتعبير عما كنت أعيشه وأنفعل به وأفكر فيه. مع القراءة المتأنية والنقاش والتأمل أجد الآن أن أداة التعبير الأكثر قرباً مني هي الكتابة الفكرية، وإن كانت تواجه إشكالات كبرى أولها مع الذات، التي تطالب دائماً بالصرامة والعلمية والدقة، ومن القارئ الذي لم يعد يملك وقتاً ولا صبراً للكتابة المتعمقة (طبعاً لا أدعي القدرة على هذه الكتابة)، ولا مجال لتجاهل القارئ وإلا تفقد الكتابة التنويرية هدفها الأكبر.
في هذا الصراع أعيش وأتحول ولا أستقر. كما أنني لا أعتقد أن نوع الكتابة هو أمر يتم بالاختيار بقدر ما هو استجابة لدوافع داخلية تجد في هذا النوع أو ذاك من الكتابة متنفساً ووسيلة للتعبير.
> مقالاتك وحوارك التلفزيوني في قناة «الحياة»، أثارت الكثير من اللغط والجدل، هل هدأت العاصفة؟
- ظاهرياً العاصفة هدأت لكن في الأساس ما تزال عواصف الأسئلة حول الإنسان وحقوقه تشتد داخلي يوماً بعد يوم.
> تعمل مدرساً في مدرسة ثانوية كيف هي أجواء المدرسة الآن بعد الكثير من الصراعات؟
- منذ بدأت العمل معلماً كان الطلاب هم هدفي، وهم الذين يعطون المعنى الحقيقي للعمل، باستمرار كانت علاقتي معهم تدعوني للاستمرار في العمل، منهم استقيت الكثير من أفكاري، ومعهم خلقنا أجواء إنسانية جميلة. في 2005 كانت المدرسة تشبه العاصفة بسبب المؤامرات والشكاوى ضدي. كان الصراع الفكري مع بعض الزملاء في أوجه، خرج عن إطار الفكر للإيذاء الشخصي، لكن الظروف العامة قللت من أثر هذه الأجواء كثيراً. شخصياً أنظر اليوم لتلك الأحداث كذكريات مهمة، كتجربة كان من الطبيعي المرور بها في بيئة مغلقة ومتشددة كبيئتنا الفكرية. المهم اليوم هو أنني خرجت من صراع التعصب والكراهية من دون أن أتدنس به، من دون أن أتعصب وأتشدد من جهة أخرى... آمل أن يكون هذا حقيقياً بنسبة عالية.
> ما مساحة البديهيات في العقل لديك؟
- نشأت ممتلئاً بالبديهيات والمبادئ، كان كل شيء يبدو تقريباً مسلماً به وبديهيا ومن المبادئ. مع القراءة والنقاشات والتفكير أصبحت هذه الأشياء تقل شيئاً فشيئاً، لأنها لم تكن تصمد أمام الفحص. اكتشفت أن كثيراً من مبادئنا وبديهياتنا هي أفكار تحتمل الصواب والخطأ، وأنا الآن أتعامل معها على هذا الأساس بعيداً من هالات الوثوقية. حين البحث في العلوم والسياقات الفكرية نكتشف أن وجود البديهيات في العموم هو أمر ضروري للبناء العلمي والفكري، ولكن بشرط عدم تمدد وتوالد هذه البديهيات وبقائها في حدود الأسس الأولى. شخصياً أرى أن حتى هذه البديهيات يجب أن تكون مفتوحة للفحص والنقد. طبعاً القلّة من الفلاسفة والعلماء يملكون القدرة على هذا، وحين نتأمل التحولات والتطورات في المسارات الفكرية والعلمية نجد أنها ليست إلا الاقتراب من تلك البديهيات نقداً وفحصاً والخروج عليها، إن ثبت أنها لا تصمد لكل ذلك. مساحة البديهيات عندي أصبحت صغيرة جداً، إنها تضيق يوماً بعد يوم.
> في ورقة قدمتها في نادي حائل الأدبي قبل خمسة أعوام عن العقل، كيف تنظر إليها الآن؟
- في الواقع كنت قدمت ثلاث ورقات فكرية في نادي حائل الأدبي، النادي صاحب الفعالية الأكثر عمقاً ووعياً اليوم. كانت الورقة الأولى محاولة في التفكير في المسلمات والمبادئ والبديهيات عن طريق تعريفها فلسفياً وبالتالي نزع هذه الصفات من معظم الأفكار التي تُقدم باسمها. كما حاولت أن أثبت مدى خطورة تكاثر وتوالد المسلمات في عملية التفكير، إذ إنها تمنعها، فما دامت الأمور مسلماً بها فما داعي التفكير فيها مجدداً. الورقة الثانية كانت استكمالاً للأولى فقد كانت محاولة لتأسيس فكرة الشك وإعادة الاعتبار لها بوصفها الفكرة القادرة على تأسيس عملية المراجعة والنقد والفحص. كيف أنظر لهاتين الورقتين الآن. أجدني لا أزالت مقتنعاً ومفكراً في الأفكار الرئيسة فيها مع تجاوز للصياغة وطريقة العرض.
> العلمانية، الليبرالية، التنوير، العقلانية، كيف يتم تفسيرها في مجتمعنا؟
- هذه المقولات هي نتاج الفكر الغربي الناهض والحديث وأثبتت فعاليتها في تلك البيئة، ولكنها من ناحية أخرى منجز بشري يمكن الاستفادة منه بشكل كبير، خصوصاً في ظل التشابه الكبير بين أجواء ما قبل النهضة الأوروبية وأجوائنا الحالية، من ناحية سيادة الفكر ما قبل العلمي والتطرف الديني من جهة أخرى. طبعاً هذه المفاهيم مغلوطة ومشوهة جداً في مجتمعنا، بل أصبحت تهماً يُلاحق بها المنشغلون بالفكر والثقافة، الذين يقومون بنقد ومراجعة للفكر التقليدي المتخلف صاحب السلطة.
ولكن مع استمرار هذه الأعمال النقدية ونضوجها وقدرتها على الإقناع أكثر، ستتغير النظرة شيئاً فشيئاً، فكما نلاحظ الآن أن بعض المثقفين لدينا أصبحوا يعرفون أنفسهم بكونهم ليبراليين وبشكل علني، بعد إحساسهم بشيء من الحرية والأمان. إذا توافرت أجواء آمنة لممارسة العمل الثقافي ستتحسن الأمور بالتدريج.
> ما مفهومك للمثقف والدور المناط به؟
- مفهوم، المثقف مفهوم مختلط ومشوش الآن. فمن جهة لا يزال كثير من المشتغلين بالثقافة يعتقد أن المثقف هو الممتلك للمعارف دون غيره، والمسؤول عن تقديم المعرفة للآخرين وتولي مهمة التفكير نيابة عنهم. ومن جهة أخرى مفهوم المثقف مختلط بمفهوم الداعية، وكثير من المتسمين بالثقافة يفكرون بعقلية الداعية ومنهجه وأساليبه. في رأيي أن المثقف يمكن وصفه بأنه ذلك الإنسان المتحصل على قدر من المعرفة يضعه ضمن الطبقة العالِمة، وهو كذلك منشغل بالشأن العام تحليلاً ونقداً ويمتلك حساً عالياً، يدفعه دوماً للبحث والتقصي والنقد والسعي للمعرفة. في لحظات إدراك الأمم لواقعها المتخلف وضرورة التنوير تبرز أهمية المثقف، بوصفه الأكثر ممارسة لنقد الواقع والأكثر استشرافاً وسعياً للمستقبل.
> هناك فجوة بين المثقف والمجتمع، ما سبب هذه الفجوة؟
- هذه الفجوة سببها تجاوز المثقف في مستواه الفكري والثقافي وفي اهتماماته لمستوى المجتمع. وستبقى هذه الحال حتى تفلح مؤسسات التربية والإعلام في رفع هذا المستوى في حلقة الوصل بين المثقف والمجتمع. الذي حصل عندنا أن الواعظ أو الداعية ملأ هذه الفجوة، وأصبح أحد المرسخين لها بحكم عدم انشغاله بالرقي بالوعي المجتمعي بقدر اهتمامه بالحصول على أتباع ومؤمنين. أيضاً على «المثقفين» تحمل مسؤولياتهم في التصدي للشأن العام على رغم الصعاب المتعلقة بذلك.
> العقل العربي مقارنة بالعقل الأوروبي يتراجع بشكل كبير، في رأيك ما سبب هذا التراجع؟
_العقل العربي إن صح التعبير لا يزال في مرحلة العقل الميثيولوجي (الأسطوري) ولم يتجاوز إلى العقل العلمي الحديث، بمعنى أن مقولات العقل والحرية والعلم لا تشكل الفكر العربي بل لا تسهم في تشكيله. حين نعود إلى التراث الحاضر (فتراثنا لم يكن ماضياً في يوم من الأيام) نجد أن مقولات العقل والحرية والعلم لا تشكل أثراً محسوساً ومؤثراً، بل تبقى في خطابات صغيرة ومقموعة تتداول في إطارها المحدود، وحين تحاول الخروج تهاجمها مقولات الأسطورة والأفكار البدائية ذات السلطة العليا، فتقمعها وتعيدها إلى مداراتها المغلقة. الفكر العربي لم يقم بقطيعة مع الماضي كما حدث في الفكر الأوروبي، القطيعة هنا لا تعني إنكار الماضي والتجرد منه بل تعني قطيعة مع المنهج السابق والخروج بمنهج جديد يجيد التعامل مع الماضي، كما يضع المستقبل والإنسان هدفه وغايته. الفلسفة هي أداة هذا كله وهي صاحبة القدرة في إحداث هذه القطيعة وإيجاد البديل القادر على ملء الفراغ. لم تكن قطيعة الغرب مع ماضيه أمراً سهلاً وبسيطاً بل كانت عملية بالغة الألم والحساسية، ذلك أنها قطيعة مع الذات.


http://ksa.daralhayat.com/arts/11-20...935/story.html


التعليق : هذا اللقاء لخـّص الكثير من الأفكار التي تحوم حولها العقول , يشير الى الحقيقه ويعتصر الألم ! . لله در طالب الشريعه عبدالله المطيري .

التعديل الأخير تم بواسطة طاغور ; 2007- 12- 2 الساعة 07:44 PM
  رد مع اقتباس
قديم 2007- 12- 2   #7
حياه بلاحياه
:: مــشرفـة سـابـقـة ::
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 1953
تاريخ التسجيل: Wed Sep 2007
المشاركات: 652
الـجنــس : أنـثـى
عدد الـنقـاط : 2204
مؤشر المستوى: 76
حياه بلاحياه has a reputation beyond reputeحياه بلاحياه has a reputation beyond reputeحياه بلاحياه has a reputation beyond reputeحياه بلاحياه has a reputation beyond reputeحياه بلاحياه has a reputation beyond reputeحياه بلاحياه has a reputation beyond reputeحياه بلاحياه has a reputation beyond reputeحياه بلاحياه has a reputation beyond reputeحياه بلاحياه has a reputation beyond reputeحياه بلاحياه has a reputation beyond reputeحياه بلاحياه has a reputation beyond repute
بيانات الطالب:
الكلية: كلية العلوم الزراعية والاغذية .. تغذية خاصة
الدراسة: انتظام
التخصص: حريجة مع وقف التنفيذ
المستوى: خريج جامعي
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
حياه بلاحياه غير متواجد حالياً
رد: مقالات للثقافه والفكر والفلسفه .. كن معي و اقرأ وعلّق (متجدد)

مشكور اخوي طاغور
عبودياتنا المختارة : هذه حقائق لا يقبل الزمن فيها الشده وأن أخذت فالزمن في تطور مستمر

جبل الخراب: كلمات تحفز على النطق بمخارج الأمور ولكن
ليس كل الكلام يعبر عن مخارج الشفاه

هل يحتاج أطفالنا الى الكراهيه:
مشاركة قيمة بما تحمله من معان جميله ووافية

حيث انها تناولت التربية وبعضا من مؤسساتها لكن اختزالها في هذا العنوان ظلما لها.

ألست معي أخي المبارك أن تمييز أحد الأبناء على غيره من إخوته يسبب مشكلات لها اول وليس لها آخر .

ألم يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (أشهد على هذا غيري)عندما أتى أحد الصحابه ليشهد الرسول صلى الله عليه وسلم بما قسمه لأحد أبنائه دون غيره من إخوته.

هذا دليل قاطع على ضرورة العدل في المعاملة بين الأولاد كل وفق خصائصه النفسية والجسمية والعقلية .... بغض النظر أذكر كان أم أنثى.

فعلا أعجبتني المقاله

وتقبل اضافتي



~ 5 ~

الابتلاء بالسرطان : رسالة حب من الله

يحمل هذا التاريخ أهمية خاصة عندي وعند أبنائي وأهلي وأحبتي.. يوم من عمري تحولت فيه حياتي وأولوياتي إلى منحى جديد
يومها عدت مع أولادي بعد تناول الغداء خارج المنزل.. وجلست في غرفتي وبالصدفة البحتة لامست يدي صدري فأحسست بوجود كتلة في الثدي.. في لحظات استيقظت كل الحواس الطبية في داخلي.. وأخذت أتحسس الكتلة أفحص الورم وأفحص العقد الليمفاوية تحت الذراع.. في ثانية أدركت ان قضاء الله قد حل بي.. في لحظة أدركت ما عندي. لم أكن احتاج إلى فحص أو أخذ عينة فأنا وللأسف طبيبة لذلك يكون الجهل نعمة في لحظات كهذه.. لحظة عصيبة عشتها أخذت أدور في أرجاء الغرفة أدعو الله بصوت عالٍ أن يلهمني الثبات.. أدعوه الثبات لأنني أعلم أن الأجر إنما يكون عند الصدمة الأولى.. دعوته ناجيته دامعة هل تحبني إلى هذه الدرجة حتى ترسل لي رسالة حب كهذه.. تلك كانت اللحظة الأولى في هذه التجربة الإنسانية التي أعيشها هذه الأيام مع سرطان الثدي.

أولادي.. أول وأهم المحاور.. مسؤوليتي كأم وكأب جعلتني أبدأ بهم.. كان لا بد من التمهيد لهم وبالتدريج وعلى قدر أعمارهم.. كنت أريدهم أن يعرفوا المعلومة مني.. أن أعطيهم الأمان والثقة.. أن استثمر الأزمة في بناء شخصياتهم فالمؤمن كما أقول لهم يجب أن يكون قويا وبناء الشخصية الإيجابية يبدأ بمواجهة الأزمة.. واستطعت بفضل من الله أن أضعهم في الصورة معي كما أريد فكسبت أول معركة في مرضي.

أهلي وأحبتي.. عندما ترى الحب في العيون تتمنى لو مرضت كل يوم.. عندما تسمع عبارات اليقين ممن حولك فكأني بهم جميعا يتحدثون لغة عالمية واحدة تقول لك اصبر فهذا رفع للدرجات عند الله.. تشعر لحظتها بحلاوة الإيمان.. وأكثر من هذا بأن نعمة الإيمان هي البديل لكل جديد في عالمنا الطبي.. وتلك هي أكبر إيجابيات هذه الابتلاءات.

ماذا بعد.. جاءت لحظة القرار في العلاج.. كان خالي خارج المملكة.. وهو من أسميه أبي وكل أهلي.. لحظة اتصلت به قال لي سأحجز لك للسفر عندي.. جاءت معركة أخرى قررت أن أخوضها عن يقين وثقة قلت له لن يعالجني غير زملائي وفي بلدي.. وضعت ثقتي بل وضعت صحتي وروحي بين أيديهم لأنني أعلم من هم.. قلت لهم لن أذهب إلى أي مكان لسببين أولهما أن ثقتي فيكم هي ثقتي في نفسي وفي الطب في بلدي والثاني أن وجودي بين أبنائي وفي حضن أهلي وجودي هذا هو جزء من علاجي.. تلك هي قصتي وتلك هي بدايتي مع سرطان الثدي.

لماذا أحكي لكم عن أمر هو هم خاص بي ولأحبتي أضع قصتي هنا ليكون البوح عاليا فقد لمست إصرارا من البعض على أن تكون هذه الأمراض من الأسرار التي لا ينبغي الخوض فيها.. وهذا أمر أشعر في داخلي أنه يتعارض مع الرضا والإيمان بالقضاء والقدر خيره وشره.. ولذا يجيء البوح هنا عاليا.

لنتعلم معاً الاستثمار الأمثل للابتلاءات بالإكثار من الدعوات ومواجهة الأزمات بإيجابية المؤمن وهذه المواجهة هي دعم نفسي وعاطفي واجتماعي لمن أصابهم هذا الابتلاء.. ولان مرحلة المرض وعلاجه مليئة بالكثير أستأذنكم ان تشاركوني رحلتي مع المرض والعلاج وهي رحلة إنسانية أدعو الله أن يكون فيها شيء من الدعم لكل مريض ومريضة عل وعسى أن نتلمس بهذا بابا من أبواب الأجر لي ولكم وعافانا الله جميعا والله من وراء القصد.

بقلم / د. سامية العمودى .

التعديل الأخير تم بواسطة طاغور ; 2007- 12- 7 الساعة 09:37 PM
  رد مع اقتباس
قديم 2007- 12- 2   #8
طاغور
:: أكــــاديـــمــي ::
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 1841
تاريخ التسجيل: Tue Sep 2007
المشاركات: 678
الـجنــس : ذكــر
عدد الـنقـاط : 100
مؤشر المستوى: 74
طاغور will become famous soon enoughطاغور will become famous soon enough
بيانات الطالب:
الكلية: كلية آداب الدمام
الدراسة: انتساب
التخصص: عربي
المستوى: المستوى الأول
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
طاغور غير متواجد حالياً
رد: مقالات للثقافه والفكر والفلسفه .. كن معي و اقرأ وعلّق (متجدد)


سامية العمودي , مازلتُ اتذكر تكريمها بجائزة الشجاعه على مستوى العالم من وزيرة الخارجية الأمريكية العام الفائت , انسانه تستحق التقدير ..

الأخت المشرفة حياة , شكراً لإضافتك القيّمة ورأيك ...

  رد مع اقتباس
قديم 2007- 12- 7   #9
عنقاء أصيلة

مشرفة سابقة

الملف الشخصي:
رقم العضوية : 1858
تاريخ التسجيل: Thu Sep 2007
المشاركات: 1,171
الـجنــس : أنـثـى
عدد الـنقـاط : 100
مؤشر المستوى: 79
عنقاء أصيلة will become famous soon enoughعنقاء أصيلة will become famous soon enough
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
عنقاء أصيلة غير متواجد حالياً
رد: مقالات للثقافه والفكر والفلسفه .. كن معي و اقرأ وعلّق (متجدد)




الابتلاء بالسرطان : رسالة حب من الله

يحمل هذا التاريخ أهمية خاصة عندي وعند أبنائي وأهلي وأحبتي.. يوم من عمري تحولت فيه حياتي وأولوياتي إلى منحى جديد
يومها عدت مع أولادي بعد تناول الغداء خارج المنزل.. وجلست في غرفتي وبالصدفة البحتة لامست يدي صدري فأحسست بوجود كتلة في الثدي.. في لحظات استيقظت كل الحواس الطبية في داخلي.. وأخذت أتحسس الكتلة أفحص الورم وأفحص العقد الليمفاوية تحت الذراع.. في ثانية أدركت ان قضاء الله قد حل بي.. في لحظة أدركت ما عندي. لم أكن احتاج إلى فحص أو أخذ عينة فأنا وللأسف طبيبة لذلك يكون الجهل نعمة في لحظات كهذه.. لحظة عصيبة عشتها أخذت أدور في أرجاء الغرفة أدعو الله بصوت عالٍ أن يلهمني الثبات.. أدعوه الثبات لأنني أعلم أن الأجر إنما يكون عند الصدمة الأولى.. دعوته ناجيته دامعة هل تحبني إلى هذه الدرجة حتى ترسل لي رسالة حب كهذه.. تلك كانت اللحظة الأولى في هذه التجربة الإنسانية التي أعيشها هذه الأيام مع سرطان الثدي.

أولادي.. أول وأهم المحاور.. مسؤوليتي كأم وكأب جعلتني أبدأ بهم.. كان لا بد من التمهيد لهم وبالتدريج وعلى قدر أعمارهم.. كنت أريدهم أن يعرفوا المعلومة مني.. أن أعطيهم الأمان والثقة.. أن استثمر الأزمة في بناء شخصياتهم فالمؤمن كما أقول لهم يجب أن يكون قويا وبناء الشخصية الإيجابية يبدأ بمواجهة الأزمة.. واستطعت بفضل من الله أن أضعهم في الصورة معي كما أريد فكسبت أول معركة في مرضي.

أهلي وأحبتي.. عندما ترى الحب في العيون تتمنى لو مرضت كل يوم.. عندما تسمع عبارات اليقين ممن حولك فكأني بهم جميعا يتحدثون لغة عالمية واحدة تقول لك اصبر فهذا رفع للدرجات عند الله.. تشعر لحظتها بحلاوة الإيمان.. وأكثر من هذا بأن نعمة الإيمان هي البديل لكل جديد في عالمنا الطبي.. وتلك هي أكبر إيجابيات هذه الابتلاءات.

ماذا بعد.. جاءت لحظة القرار في العلاج.. كان خالي خارج المملكة.. وهو من أسميه أبي وكل أهلي.. لحظة اتصلت به قال لي سأحجز لك للسفر عندي.. جاءت معركة أخرى قررت أن أخوضها عن يقين وثقة قلت له لن يعالجني غير زملائي وفي بلدي.. وضعت ثقتي بل وضعت صحتي وروحي بين أيديهم لأنني أعلم من هم.. قلت لهم لن أذهب إلى أي مكان لسببين أولهما أن ثقتي فيكم هي ثقتي في نفسي وفي الطب في بلدي والثاني أن وجودي بين أبنائي وفي حضن أهلي وجودي هذا هو جزء من علاجي.. تلك هي قصتي وتلك هي بدايتي مع سرطان الثدي.

لماذا أحكي لكم عن أمر هو هم خاص بي ولأحبتي أضع قصتي هنا ليكون البوح عاليا فقد لمست إصرارا من البعض على أن تكون هذه الأمراض من الأسرار التي لا ينبغي الخوض فيها.. وهذا أمر أشعر في داخلي أنه يتعارض مع الرضا والإيمان بالقضاء والقدر خيره وشره.. ولذا يجيء البوح هنا عاليا.

لنتعلم معاً الاستثمار الأمثل للابتلاءات بالإكثار من الدعوات ومواجهة الأزمات بإيجابية المؤمن وهذه المواجهة هي دعم نفسي وعاطفي واجتماعي لمن أصابهم هذا الابتلاء.. ولان مرحلة المرض وعلاجه مليئة بالكثير أستأذنكم ان تشاركوني رحلتي مع المرض والعلاج وهي رحلة إنسانية أدعو الله أن يكون فيها شيء من الدعم لكل مريض ومريضة عل وعسى أن نتلمس بهذا بابا من أبواب الأجر لي ولكم وعافانا الله جميعا والله من وراء القصد.

بقلم / د. سامية العمودى .




روااااائع اجهل مصدر منبعها ااااااااااا



رائع رائع ما نقلت

حفظك الرب ...

مع فائق ودي
  رد مع اقتباس
قديم 2007- 12- 7   #10
حياه بلاحياه
:: مــشرفـة سـابـقـة ::
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 1953
تاريخ التسجيل: Wed Sep 2007
المشاركات: 652
الـجنــس : أنـثـى
عدد الـنقـاط : 2204
مؤشر المستوى: 76
حياه بلاحياه has a reputation beyond reputeحياه بلاحياه has a reputation beyond reputeحياه بلاحياه has a reputation beyond reputeحياه بلاحياه has a reputation beyond reputeحياه بلاحياه has a reputation beyond reputeحياه بلاحياه has a reputation beyond reputeحياه بلاحياه has a reputation beyond reputeحياه بلاحياه has a reputation beyond reputeحياه بلاحياه has a reputation beyond reputeحياه بلاحياه has a reputation beyond reputeحياه بلاحياه has a reputation beyond repute
بيانات الطالب:
الكلية: كلية العلوم الزراعية والاغذية .. تغذية خاصة
الدراسة: انتظام
التخصص: حريجة مع وقف التنفيذ
المستوى: خريج جامعي
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
حياه بلاحياه غير متواجد حالياً
رد: مقالات للثقافه والفكر والفلسفه .. كن معي و اقرأ وعلّق (متجدد)

لطالما أعجبتني الدكتورة ساميه فهي بكتابتها وكأنها تدخل البهجه على القلوب فتريحها

أما أنا


~ 6 ~

أيقظ العملاق وأطلقه

الكاتبه خوله الغزويني

عندما تقرر أن تغير نفسك تذكر أن لك القدرات الهائلة والقوى الجبارة التي تسوغ لك النحت بالصخر أو المشي على الجمر أيقظ هذه النعم المخبوءة في أعماقك وانفض عنها غبار الزمن واندثارها تحت ركام الخوف، القلق، الإحباط والتردد.. احسم أمرك وانطلق نحو الأمام واستنفر كل المهارات الدفينة والمواهب الخابية في مكامن ذاتك المنطفئة.

ذلك هو المضمون الذي تهدف إليه عنوان هذه الدورة ((أيقظ العملاق وأطلقه)) قرأته إعلاناً نارياً بلونه الأحمر ولهبه الساطع، برنامجاً عملياً في تنمية الذات والمهارات الشخصيّة للمحاضر المتميز الدكتور ((سليمان العلي)) بالتنسيق مع أكاديمية القادة.

دعوة مثيرة بكل ما فيها من دوافع جاذبة لإيقاظ الطاقة فيك نحو التجدد والتغيير، انهض بعزمك، لا تلتفت إلى الوراء وحطم الخوف والتردد حينما كبلك سنين طويلة واقتحم المجهول بروح المغامرة والشجاعة ثم اختبر نفسك في نهاية هذه الدورة، وهذا ما حصل بالضبط لجميع الحاضرين الذين قرروا المشي على الجمر بإصرار وتحدي حاول أن تتناسى حرارة الجمر ولسعة النار الضارية، دعها تحرق قدميك فالقوة داخلك ترفض هذا القانون الفيزيائي، إنه يتعطل أمام إصرارك على مقاومة هزائمك النفسية التي تشل توقدك نحو الحياة.

حدث كل هذا..

لجميع الحاضرين في الدورة، رجال، نساء، صغار، مشوا على الجمر لأكثر من مرة وكم هي فرحة عظيمة عندما تكسر حاجز الخوف داخلك وتهب من رقدة السكون الممض لقواك الفتية المكبلة..

الآن عرفت السر...

سر كل هؤلاء على مر التاريخ..

الناجحين، الكادحين، المناضلين، المبدعين، العلماء، الأدباء الذين شيدوا هذا الصرح الحضاري الكبير وساهموا في إسعاد البشرية على جميع المستويات، لأنهم واجهوا التحديات الاجتماعية والمادية ومشوا على جمر الخوف وشوك الجراح فلم يثبط عزمهم الفشل أو تحطم إراداتهم معاول الهزيمة حاولوا مرات عدة وكرروا التجربة رغم المعارضين، المنتقدين، المثبطين، الفاشلين، أبواق الفشل والخمول تصدح حولهم أثناء سيرهم نحو القمة.

وأظنه المحك الحقيقي الذي يغربل الناس على اختلاف شخصياتهم، نوعياتهم، أمزجتهم، منهم من كان لاعباً في الحياة يعيش ضمن خطة مبرمجة ما بين مهاجم أو مدافع كي يحقق الهدف أو المرمى.. وآخر متفرج يجلس على مقعد مريح يلتهم الطعام يترقب اللاعب بعينين متوجستين مدفوعا بطاقة سالبة وروح انهزامية فالآخر يذكره دوماً بضآلته، بعجزه، بحجمه الصغير، بتفاهته.. يشعر أنه رقم باهت أمام الكادح الذي سخّر وقته وجهده وطاقته لخدمة الناس.

الكادحون أدركوا أن بداخلهم طاقات وقدرات متعددة، كامنة في داخلهم استفزوها من المنابت لتحسين حياتهم اليومية وإعمار مجتمعاتهم بالأعمال العظيمة والمكاسب الجليلة، انطلقوا نحو هدف أسمى من حدود المعاش والحياة اليومية الرتيبة، بيد أن الخاملين عطلوا طاقاتهم وهدروا قدراته وعاشوا حياة كلها فوضى وعبث غير مدركين لقيمة الوقت وعظمة المسؤولية وأمانة السماء انصرف عمرهم الثمين بالجلوس على المقاهي أو التسكع بالشوارع أو مجالس البطّالين، أو الجلوس كالخشب المسندة أمام شاشات التلفاز لساعات طويلة، همّهم قوتهم اليومي، متذبذبي الآراء متقلبي المناخ، ممسوخي الهوية.. يقفون على ناصية الشارع خائفين هلعين خشية أن يدهمهم الزمن بقوة الإعصار فارتخت حبائل عزمهم وتقوضت أواصر جهدهم فتركوا أنفسهم اللينة تتشكل وفق أفكارهم المرفهة، المترفة بحثاً عن الدعة والراحة يتفرجون على العمالقة ساخرين، متهكمين، يتصيدون زلاّتهم، نقائصهم لعلّها تشفي غلواء غيظهم.. بينما العمالقة سائرين بأقدارهم مزودين بقناعات صادقة كونهم (دينامو الحياة) يتحركون من موقع لآخر، يلقون أنفسهم طعماً للموقد الحضاري الكبير كي يظل مشتعلاً، موّاراً، يضيء الكون بنور العلم والمعرفة والأدب، استوعبوا الحياة بشكل كامل ورسموا أهدافهم بوضوح، تركوا النمطية والعادة والألفة وتمردوا على الراحة التي تغذي في حياتنا اليومية ذلك الروتين القاتل والملل البغيض حينما يلقي على أعيننا أستار الزهق السوداء فتتشكل على أثرها أفكارنا السلبية ومشاعرنا المحنطة التي تقولب يومياتنات بنمط متكرر فنجد أنفسنا توابع، مستهلكين، منقادين، انسحابيين وغيرنا يتعملق ويكبر وينتج ويسيطر فيحكم العالم..

ألم يحن الوقت أيها الإنسان العاجز أن:

· تتمرد على الراحة..

· تكسر حاجز الخوف..

· تجبر نفسك على القيام بأمور صعبة لم تألفها من قبل..

· تخطط لحياتك نمط أكثر إثارة ومغامرة..

لا تورّثوا أولادكم مُثُل هابطة، وأنماط مهزوزة وأفكار مشوشة اتركوهم في خضم الحياة يصارعون الموج، يكتشفون، يحاولون، يبدعون يفكرون، يجربون، يحللون... يدركون حجمهم من واقع تجربة.

فقط يحتاجون إلى مجدافين الأول الثقة بالنفس والثاني العزم حتما سينشأ في داخل كل واحد منهم عملاق متوثب بروح المغامرة والتحدي.

أعرفت أيها الإنسان كم أنت كبير ((وتحسب أنك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر))...

لو لم تكن عظيماً وكبيراً، ما ألقيت عليك أمانة أبت كل مظاهر الكون حملها لثقلها كما قال الله سبحانه ((إنّا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنّه كان ظلوماً جهولا)) الأحزاب آية 72.

فبدءاً من هذا اليوم أطرق الباب على عملاقك النائم وأيقظه لينطلق.

النقد : لطالما اعجبتني في كتابتها ولكن لا أدري لماذا تميل الى التعقل والبحث عن المجهول ترى هل هذا ما اعجبني سؤال يراودني ؟؟ كلما بحثت عن أجابته لا اعرفها

التعديل الأخير تم بواسطة طاغور ; 2007- 12- 7 الساعة 09:39 PM
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
للثقافه, متجدد, معي, مقالات, اقرأ, والفلسفه, والفكر, وعلّق

« الموضوع السابق | الموضوع التالي »

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


All times are GMT +3. الوقت الآن حسب توقيت السعودية: 12:47 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. جامعة الملك الفيصل,جامعة الدمام
المواضيع والمشاركات في الملتقى تمثل اصحابها.
يوجد في الملتقى تطوير وبرمجيات خاصة حقوقها خاصة بالملتقى
ملتزمون بحذف اي مادة فيها انتهاك للحقوق الفكرية بشرط مراسلتنا من مالك المادة او وكيل عنه