ملتقى طلاب وطالبات جامعة الملك فيصل,جامعة الدمام

العودة   ملتقى طلاب وطالبات جامعة الملك فيصل,جامعة الدمام > .: سـاحـة التعليم عن بعد (الانتساب):. > ملتقى التعليم عن بعد جامعة الإمام عبدالرحمن (الدمام) > كلية الأداب > الدراسات الإسلامية
التسجيل الكويزاتإضافة كويزمواعيد التسجيل التعليمـــات المجموعات  

الدراسات الإسلامية طلاب وطالبات المستوى الثالث واعلى تخصص دراسات الاسلامية التعليم عن بعد جامعة الدمام

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع
قديم 2015- 11- 10   #81
soomay
متميزه في قسم الدراسات الاسلامية
 
الصورة الرمزية soomay
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 183770
تاريخ التسجيل: Mon Mar 2014
المشاركات: 602
الـجنــس : أنـثـى
عدد الـنقـاط : 108
مؤشر المستوى: 48
soomay will become famous soon enoughsoomay will become famous soon enough
بيانات الطالب:
الكلية: طالبة
الدراسة: انتساب
التخصص: تخصص دراسات اسلاميه
المستوى: المستوى السابع
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
soomay غير متواجد حالياً
رد: " الاختبار النصفي لمقرر الإعجاز في الكتاب والسنة "

ليه كم اخذت الحين انت ؟ترى 29 حلوه نقص درجه بس تعوض بنهائي يعني مو شيء جسيم يعني
 
قديم 2015- 11- 10   #82
k.shamray
متميز بالمستوى الثامن - دراسات إسلامية
 
الصورة الرمزية k.shamray
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 223148
تاريخ التسجيل: Fri Mar 2015
المشاركات: 3,778
الـجنــس : ذكــر
عدد الـنقـاط : 83080
مؤشر المستوى: 158
k.shamray has a reputation beyond reputek.shamray has a reputation beyond reputek.shamray has a reputation beyond reputek.shamray has a reputation beyond reputek.shamray has a reputation beyond reputek.shamray has a reputation beyond reputek.shamray has a reputation beyond reputek.shamray has a reputation beyond reputek.shamray has a reputation beyond reputek.shamray has a reputation beyond reputek.shamray has a reputation beyond repute
بيانات الطالب:
الكلية: كلية الآداب بالدمام
الدراسة: انتساب
التخصص: دراسات إسلامية
المستوى: خريج جامعي
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
k.shamray غير متواجد حالياً
رد: " الاختبار النصفي لمقرر الإعجاز في الكتاب والسنة "

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة bmbm مشاهدة المشاركة
فيصل حطيت هالجواب انا بالمحاوله الثانييه هم طلع غلط شسالفه ؟؟


درجة المحاولة29 درجة من 30 درجة الوقت المنقضي
34 دقيقة من 1 ساعة



بعدل التعديل هذآ
سلمت لي الــ 29
وخفتلا انقصها بعد
و29 نعمه والحمدلله
ودرجة ماتسوى التعب
ومعد اشوف الأرض
هاتوا لي العشاء بسرعه



 
قديم 2015- 11- 10   #83
k.shamray
متميز بالمستوى الثامن - دراسات إسلامية
 
الصورة الرمزية k.shamray
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 223148
تاريخ التسجيل: Fri Mar 2015
المشاركات: 3,778
الـجنــس : ذكــر
عدد الـنقـاط : 83080
مؤشر المستوى: 158
k.shamray has a reputation beyond reputek.shamray has a reputation beyond reputek.shamray has a reputation beyond reputek.shamray has a reputation beyond reputek.shamray has a reputation beyond reputek.shamray has a reputation beyond reputek.shamray has a reputation beyond reputek.shamray has a reputation beyond reputek.shamray has a reputation beyond reputek.shamray has a reputation beyond reputek.shamray has a reputation beyond repute
بيانات الطالب:
الكلية: كلية الآداب بالدمام
الدراسة: انتساب
التخصص: دراسات إسلامية
المستوى: خريج جامعي
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
k.shamray غير متواجد حالياً
رد: " الاختبار النصفي لمقرر الإعجاز في الكتاب والسنة "

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة soomay مشاهدة المشاركة
لا جدا ماحد عنده هالمادة فقة العبادات 1وش بسوي انا الحالي طيب يعني حلو خل اروح اذاكر واسمي واحل ابي دعواتكم لللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللل لللللللللي محتاجه


الله يعينك ويسر أمرك


واحيننا ودي اساعدكم من أجل ارجع معلومات
وافيدكم وساعدكم
بس الوقت ضيق عندي
 
قديم 2015- 11- 10   #84
k.shamray
متميز بالمستوى الثامن - دراسات إسلامية
 
الصورة الرمزية k.shamray
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 223148
تاريخ التسجيل: Fri Mar 2015
المشاركات: 3,778
الـجنــس : ذكــر
عدد الـنقـاط : 83080
مؤشر المستوى: 158
k.shamray has a reputation beyond reputek.shamray has a reputation beyond reputek.shamray has a reputation beyond reputek.shamray has a reputation beyond reputek.shamray has a reputation beyond reputek.shamray has a reputation beyond reputek.shamray has a reputation beyond reputek.shamray has a reputation beyond reputek.shamray has a reputation beyond reputek.shamray has a reputation beyond reputek.shamray has a reputation beyond repute
بيانات الطالب:
الكلية: كلية الآداب بالدمام
الدراسة: انتساب
التخصص: دراسات إسلامية
المستوى: خريج جامعي
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
k.shamray غير متواجد حالياً
رد: " الاختبار النصفي لمقرر الإعجاز في الكتاب والسنة "

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة soomay مشاهدة المشاركة
ليه كم اخذت الحين انت ؟ترى 29 حلوه نقص درجه بس تعوض بنهائي يعني مو شيء جسيم يعني

29 حلوه ومميزة بعد
وقلت خل اجرب المحاوله الثانيه
 
قديم 2015- 11- 10   #85
بثين
أكـاديـمـي
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 180093
تاريخ التسجيل: Wed Jan 2014
المشاركات: 65
الـجنــس : أنـثـى
عدد الـنقـاط : 659
مؤشر المستوى: 42
بثين will become famous soon enoughبثين will become famous soon enoughبثين will become famous soon enoughبثين will become famous soon enoughبثين will become famous soon enoughبثين will become famous soon enough
بيانات الطالب:
الكلية: الاداب
الدراسة: انتساب
التخصص: دراسات إسلاميه
المستوى: المستوى الثالث
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
بثين غير متواجد حالياً
رد: " الاختبار النصفي لمقرر الإعجاز في الكتاب والسنة "

سيهزم الجمع ......نزلت في مكه وتحققت في المدينه 30\30
الله يجزاكم خير وشكر الله سعيكم
 
قديم 2015- 11- 10   #86
rania2015
متميزة بالمستوى الثامن - دراسات إسلامية
 
الصورة الرمزية rania2015
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 206101
تاريخ التسجيل: Wed Nov 2014
العمر: 30
المشاركات: 978
الـجنــس : أنـثـى
عدد الـنقـاط : 3648
مؤشر المستوى: 51
rania2015 has a reputation beyond reputerania2015 has a reputation beyond reputerania2015 has a reputation beyond reputerania2015 has a reputation beyond reputerania2015 has a reputation beyond reputerania2015 has a reputation beyond reputerania2015 has a reputation beyond reputerania2015 has a reputation beyond reputerania2015 has a reputation beyond reputerania2015 has a reputation beyond reputerania2015 has a reputation beyond repute
بيانات الطالب:
الكلية: جامعة الدمام كلية الأداب
الدراسة: انتساب
التخصص: دراسات إسلامية
المستوى: المستوى الثامن
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
rania2015 غير متواجد حالياً
رد: " الاختبار النصفي لمقرر الإعجاز في الكتاب والسنة "

الله يجزاكم خيرجميعا كان بودي أتواجد معك بس الظروف أشغلتني شكرا لك أستاذ فيصل على التنبيةوالحمدلله حليت واخذت30
 
قديم 2015- 11- 11   #87
k.shamray
متميز بالمستوى الثامن - دراسات إسلامية
 
الصورة الرمزية k.shamray
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 223148
تاريخ التسجيل: Fri Mar 2015
المشاركات: 3,778
الـجنــس : ذكــر
عدد الـنقـاط : 83080
مؤشر المستوى: 158
k.shamray has a reputation beyond reputek.shamray has a reputation beyond reputek.shamray has a reputation beyond reputek.shamray has a reputation beyond reputek.shamray has a reputation beyond reputek.shamray has a reputation beyond reputek.shamray has a reputation beyond reputek.shamray has a reputation beyond reputek.shamray has a reputation beyond reputek.shamray has a reputation beyond reputek.shamray has a reputation beyond repute
بيانات الطالب:
الكلية: كلية الآداب بالدمام
الدراسة: انتساب
التخصص: دراسات إسلامية
المستوى: خريج جامعي
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
k.shamray غير متواجد حالياً
رد: " الاختبار النصفي لمقرر الإعجاز في الكتاب والسنة "

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة rania2015 مشاهدة المشاركة
الله يجزاكم خيرجميعا كان بودي أتواجد معك بس الظروف أشغلتني شكرا لك أستاذ فيصل على التنبيةوالحمدلله حليت واخذت30



عادي ولا يهمك ي رانيا
ومعذوره وجهودك مميزة
وآلف مبروك الــ 30 لك وللجميع
 
قديم 2015- 11- 17   #88
rania2015
متميزة بالمستوى الثامن - دراسات إسلامية
 
الصورة الرمزية rania2015
الملف الشخصي:
رقم العضوية : 206101
تاريخ التسجيل: Wed Nov 2014
العمر: 30
المشاركات: 978
الـجنــس : أنـثـى
عدد الـنقـاط : 3648
مؤشر المستوى: 51
rania2015 has a reputation beyond reputerania2015 has a reputation beyond reputerania2015 has a reputation beyond reputerania2015 has a reputation beyond reputerania2015 has a reputation beyond reputerania2015 has a reputation beyond reputerania2015 has a reputation beyond reputerania2015 has a reputation beyond reputerania2015 has a reputation beyond reputerania2015 has a reputation beyond reputerania2015 has a reputation beyond repute
بيانات الطالب:
الكلية: جامعة الدمام كلية الأداب
الدراسة: انتساب
التخصص: دراسات إسلامية
المستوى: المستوى الثامن
 الأوسمة و جوائز  بيانات الاتصال بالعضو  اخر مواضيع العضو
rania2015 غير متواجد حالياً
رد: " الاختبار النصفي لمقرر الإعجاز في الكتاب والسنة "

  • ذكرنا في المحاضرتين الرابعة والخامسة من مظاهر الإعجاز البياني للقرآن الكريم:
    (1) الكلمة القرآنية.
    (2) الجملة القرآنية.
    (3) أسلوب القرآن:
    (أ) صوغ المعاني العالية في قالب التجسيم والتمثيل.
    (ب) الإِيجاز.
    (ج) الفاصلة القرآنية.
    والمطلوب في هذا الواجب هو ذكر:
    (مظهر آخر من مظاهر الإعجاز البياني للقرآن الكريم، مع التمثيل)
    بالتوفيق،،

  • الواجب عليه6 درجات
  • أنا إخترت مظهر من المظاهر السبعة
  • : مظاهر الإِعجاز البياني للقرآن الكريم
    وهي سبعة:
    الأول: الخصائص العامة للأسلوب القرآني.
    الثاني: ضرب الأمثال في القرآن الكريم.
    الثالث: الإِيجاز في القرآن الكريم.
    الرابع: التكرار في القرآن الكريم.
    الخامس: الكلمة القرآنية.
    السادس: الجملة القرآنية.
    السابع: الفاصلة القرآنية.

    الأول: الخصائص العامة للأسلوب القرآني

    1 - القرآن الكريم يجري على نسق غاية في البلاغة والفصاحة خارج عن المألوف من نظام جميع كلام العرب، فله أسلوب يختص به ويميزه عن سائر الكلام. فلا هو بالشعر ولا بالنثر. لكنك لو قرأت بعض آياته شعرت بالنسق العجيب بينها، وكذا بين الكلمات، وحتى بين الحروف فتجد تناسقاً عجيباً بين الرخو والشديد والمجهور والمهموس والانفتاح والإِطباق... الخ[24]، بحيث إذا قرأت القرآن شعرت بتأثير شديد في نفسك[25]. استمع إلى قوله تعالى: {يَآ أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّآ أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللهِ شَدِيدٌ}[26].
    2 - يمتاز القرآن باتساق عباراته وبلاغتها وبديع نظمه على كثرة سوره وطولها وقصرها، من غير أن تختل هذه المزية فيه بخلاف كلام العرب، فإنك لا تجد لحكيم ولا لشاعر أو فصيح كلاماً بطول القرآن وعلو شأنه، بل قد يبدع أحدهم في بعض قوله ويخفق في آخر، بل قد يناقض نفسه، أما القرآن فهو كما وصفه الله: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيرًا}[27].
    3 - الناظر في القرآن يجد فيه القصص والمواعظ والاحتجاج والحكم والأحكام والوعد والوعيد والتبشير والتخويف ومع ذلك فهو غاية في الفصاحة وبديع النظم بخلاف كلام البشر من نثر أو شعر، فقد يجيد أحد الشعراء في المدح دون الهجاء أو التأبين دون التقريظ أو الوصف دون الغزل، أو عكس ذلك، لكنك لا ترى شاعراً ولا ناثراً يجيد كل ما سبق من الأساليب بنفس القوة. ولذلك ضرب العرب المثل بامرئ القيس إذا ركب والنابغة إذا رهب وزهير إذا رغب[28].
    4 - إن معاني القرآن مصوغة بشكل محكم بديع تصلح لأن يخاطب بها الناس على اختلاف بيئاتهم وتفاوتهم في الثقافة والعلوم بحيث تؤدي الغرض الذي سيقت من أجله فيتأثر كل سامع لها ويفهم منها مقصدها على اختلاف ثقافة السامعين وعقولهم. استمع معي إلى قوله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَآءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيها سِرَاجًا وَقَمَرًا مُّنِيرًا}[29]، فالعرب في زمن الرسول عليه الصلاة والسلام فهموا من هذه الآية، على قلة علومهم، دليلاً على قدرة الله سبحانه وهو: أنه خَلَقَ الشمس والقمر يبعثان بالضياء إلى الأرض، وقد غاير الله سبحانه في التعبير بالنسبة لكل منهما تنويعاً للفظ، وهذا معنى صحيح تدل عليه الآية. وأما عالم اللغة فيفهم أن الآية سيقت للدلالة على قدرة الله وسمى الله الشمس سراجاً لأنها تجمع إلى النور الحرارة، وسمى القمر منيراً لأنه يبعث بضياء دون حرارة، وهذا المعنى صحيح تدل عليه الآية دلالة لغوية واضحة. وأما علماء الفلك في هذه الأيام، فقالوا: نعم الآية مسوقة للدلالة على قدرة الله، لكن الله سبحانه غاير بين وصف الشمس وبين وصف القمر، فسمى القمر منيراً لا مضيئاً لأنه جسم مظلم يعكس ما يسقط عليه من ضوء الشمس. وهذا صحيح لغة فإننا نقول غرفة منيرة إذا انعكس عليها الضوء من مصباح في وسطها. أما الشمس فإن الحرارة والضوء ينبعثان منها فناسب تسميتها سراجاً[30].

    الثاني: ضرب الأمثال في القرآن الكريم

    وقد اعتمد الأسلوب القرآني على ضرب الأمثال وجعله قاعدة أساسية في التعبير عن المعاني.
    ومن أساليب ضرب الأمثال المتبعة في القرآن[31]:
    أ – إخراج المعاني الذهنية في صورة حسية تُرسم في المخيلة حية متحركة. خذ هذا المعنى الذهني المجرد وهو أن الكفار محرومون من دخول الجنة وأنهم غير مقبولين عند الله بتاتاً، وتأمل كيف عرضه الله في القرآن: {إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُواْ عَنْهَا لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَآءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ}[32] هكذا في صورة حسية ترسم في الخيال صورة تفتح أبواب السماء وصورة ولوج الجمل في سم الخياط. وسواء أكان الجمل هو الحيوان المعروف أم الحبل الغليظ[33] فقد استقر في مخيلة السامع استحالة دخول الكافرين الجنة[34].
    ومن أمثلة ذلك أيضاً أنك لو أردت أن تعرض لمعنى النفور الشديد من دعوة الإِيمان بصورته التجريدية تقول: إن القوم ينفرون أشد النفرة من دعوة الإِيمان. أما القرآن فقد عرض فيه الأمر بأسلوب تصويري حسي فقال تعالى: {فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ * كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُّسْتَنفِرَةٌ * فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةِ}[35]، فاشترك هنا مع الذهن حاسة البصر وملكة الخيال وانفعال السخرية من هؤلاء الذين يفرون من الحق كما تفر حمر الوحش من الأسد[36].

    ب – تصوير الحالات النفسية والمعنوية في صورة حسية متخيلة، حية متحركة.

    فعندما أراد الله سبحانه أن يفضح ويعري أولئك الذين هيأ لهم سبيل الهداية لكنهم رفضوا فأصبحوا في شقاء بما علموا وما جهلوا فلا هم استراحوا بما هيأ الله لهم من سبيل الخير والرشاد ولا هم استراحوا بإعراضهم عن هذا الخير، فيصور القرآن حالتهم النفسية والمعنوية هذه في صورة حسية متحركة، قال تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي ءَاتَيْنَاهُ ءَايَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}[37].

    يقول سيد قطب: "إنه مشهد من المشاهد العجيبة، الجديدة كل الجدة على ذخيرة هذه اللغة من التصورات والتصويرات، إنسان يؤتيه الله آياته، ويخلع عليه من فضله، ويكسوه من علمه ويعطيه الفرصة كاملة للهدى والاتصال والارتفاع... ولكن ها هو ذا ينسلخ من هذا كله انسلاخاً، ينسلخ كأنما الآيات أديم له متلبس بلحمه، فهو ينسلخ من آيات الله، ويتجرد من الغطاء الواقي والدرع الحامي، وينحرف عن الهدى ليتبع الهوى ويهبط من الأفق المشرق فيلتصق بالطين المعتم فيصبح غرضاً للشيطان لا يقيه منه واق، ولا يحميه منه حام، فيتبعه ويلزمه ويستحوذ عليه.. ثم إذا نحن أولاء أمام مشهد مفزع بائس نكد... إذا نحن بهذا المخلوق لاصقاً بالأرض ملوثاً بالطين. ثم إذا هو مسخ في هيئة الكلب يلهث إن طورد ويلهث إن لم يطارد.. كل هذه المشاهد المتحركة تتتابع وتتوالى، والخيال شاخص يتبعها في انفعال وانبهار وتأثر"[38].


    ج – عرض القضايا المنطقية والجدلية في أسلوب ضرب الأمثال وذلك في معرض الاستدلال على عظمة الخالق وقدرته، فالقرآن يأتي بالدليل المقنع من واقع الناس وما يشاهدونه ويعايشونه، لكنه معروض في صورة مؤثرة ومن ذلك قوله تعالى: {وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَآءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ في الأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}[39]. ومع أن هذا المشهد كما تلاحظ يتكرر في حياة الناس إلا أنه عرض بأسلوب تصويري وكأنها لوحة طبيعية رسمت عليها النخيل والأعناب المثمرة[40].


    د – إعطاء الحركة لما من شأنه السكون وخلع الحياة على المواد الجامدة والظواهر الطبيعية والانفعالات الوجدانية فتصبح كأنها أشخاص بارزة لها عواطفها وخلجاتها الإنسانية. تأمل في قوله تعالى: {وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً}[41]، تجد التعبير بالاشتعال يجعل الخيال يتصور أن للشيب حركة في الرأس كحركة اشتعال النار في الهشيم مما يضفي على النص الحياة والجمال[42].

    وأما خلع الحياة على المواد الجامدة فمثاله قوله تعالى {وَالصَّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ}[43]، فالصبح مشهد معروف متكرر للناس، لكنه في التعبير القرآني كأنه شخص حي يتنفس كما يتنفس الأحياء. وكذا قوله تعالى {وَالَّيْلِ إِذَا يَسْرِ}[44]. وقوله تعالى: {فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ}[45].
    وأما تصوير الانفعالات الوجدانية فهو في غاية الروعة، فالغضب والروع والبشرى انفعالات وجدانية تصبح في التعبير القرآني كأنها حية متحركة، فالغضب يسكت كما في قوله تعالى: {وَلَمَّا سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الأَلْوَاحَ}[46]. والروع يذهب ويزول، والبشرى تجيء كما في قوله تعالى: {فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَآءَتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ}[47].
    إلى غير ذلك من أساليب التصوير المتبعة في التعبير القرآني[48]. وطريقة التصوير التي يتبعها القرآن الكريم في التعبير لها فائدة عظيمة في وصول المعاني إلى النفس بشتى الوسائل لأن المعاني إذا عرضت في صورتها التجريدية خاطبت الذهن فقط، أما إذا عرضت بالأسلوب التصويري فإنها تخاطب الذهن والحس والوجدان وتصل إلى النفس من منافذ شتى)) من الحواس بالتخييل، ومن الحس عن طريق الحواس، ومن الوجدان المنفعل بالأصداء والأضواء، ويكون الذهن منفذاً واحداً من منافذها الكثيرة إلى النفس لا منفذها المفرد الوحيد[49].

    الثالث: الإِيجاز في القرآن الكريم

    من خصائص الأسلوب القرآني الإِيجاز وهو التعبير عن المعاني الكثيرة بألفاظ قليلة تؤدي الغرض من غير إخلال بالمعنى.
    والإِيجاز نوعان: إيجاز حذف وإيجاز قصر.
    أما إيجاز الحذف فهو: إسقاط كلمة للاجتزاء عنها بدلالة غيرها من الحال أو فحوى الكلام[50].
    ومن أمثلة إيجاز الحذف قوله تعالى: {وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ}[51] فإن الآية تشير إلى شيوع القول في أهل القرية، وأن القرية كلها تكلمت في ذلك، وقوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ قُرْءَانًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى}، ففي هذه الآية إيجاز حذف وهو حذف الجواب كأنه قيل لكان هذا القرآن كذا وكذا... والحذف هنا أبلغ من الذكر لأن النَفْس تذهب كل مذهب في القصد من الجواب، ولو ذكر الجواب لقصر على الوجه الذي تضمنه البيان.
    وأما إيجاز القصر فهو: بُنْيَةُ الكلام على تقليل اللفظ وتكثير المعنى من غير حذف[52] وله أمثلة كثيرة في القرآن حتى أن الشيخ أبا زهرة رحمه الله قال بأن هذا النوع من الإِيجاز لا تكاد تخلو منه سورة أو جزء سورة[53]. ومن أمثلة إيجاز القصر:
    قوله تعالى: {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَآئِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَآءَهُمْ وَيَسْتَحْىِ نِسَآءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ}[54].
    يقول الباقلاني: "هذه تشمل على ست كلمات، سناؤها وضياؤها على ما ترى، وسلاستها وماؤها على ما تشاهد، ورونقها على ما تعاين، وفصاحتها على ما تعرف.
    وهي تشتمل على جملة وتفصيل وجامعة وتفسير: ذكر العلو في الأرض باستضعاف الخلق بذبح الولدان وسبي النساء، وإذا تحكم في هذين الأمرين، فما ظنك بما دونهما ؟ لأن النفوس لا تطمئن على هذا الظلم والقلوب لا تقر على هذا الجور. ثم ذكر الفاصلة التي أوغلت في التأكيد، وكفت في التظليم، وردت آخر الكلام على أوله وعطفت عجزه على صدره"[55].
    ومن أمثلة إيجاز القصر، قوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ}[56] وقد كان العرب يستحسنون بل يعجبون بحكمة قالوها ويعتبرونها قمة البلاغة لما فيها من إيجاز وهي قولهم ((القتل أنفى للقتل)).
    وقوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} يفوق ما استحسنه العرب من أربعة أوجه[57]:
    الأول: أن الآية أكثر فائدة، ففيها من المعاني والفوائد ما في قولهم (القتل أنفى للقتل) وزيادة المعاني الحسنة التالية:
    أ – إبانة العدل بذكر كلمة القصاص وأن القتل ليس تشفياً من المقتول.
    ب – الترغيب في القصاص بذكر الحياة وجعلها نتيجة له.
    جـ - القصاص يشمل النفس والأعضاء بخلاف لفظ القتل، فإنه قاصر على النفس.
    ثم إن مفاد الآية مستقيم على إطلاقه لأن الإنسان إذا علم أن اعتداءه على الآخرين يوجب القصاص منه ارتدع عن قتلهم أو جرحهم فكان ذلك سبب حياته وحياة من أراد قتله. أما الحكمة فإن مفادها غير مستقيم على إطلاقه، فليس كل قتل أنفى للقتل كما تقول، بل إن القتل عدواناً أدعى للقتل وليس أنفى له.
    الثاني: الآية أوجز عبارة، فإن قوله تعالى: {الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} تتكون من عشرة أحرف، أما قولهم ((القتل أنفى للقتل)) فيتكون من أربعة عشر حرفاً.
    الثالث: الآية لا تكرار فيها بخلاف حكمة العرب ففيها تكرار لفظ القتل.
    الرابع: الآية أحسن تأليفاً لملاءمة حروفها بعضها بعضاً، يقول الرماني[58]: "وأما الحسن بتأليف الحروف المتلائمة فهو مدرك بالحس وموجود في اللفظ، فإن الخروج من الفاء إلى اللام أعدل من الخروج من اللام إلى الهمزة، لبعد الهمزة عن اللام. وكذلك الخروج من الصاد إلى الحاء أعدل من الخروج من الألف إلى اللام"[59].
    ومن أمثلة إيجاز القصر قوله تعالى: {وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ}[60] فإن الآية تشير إلى الصراع الدائم بين الخير والشر وبين الحق والباطل وبين الفضيلة والرذيلة. وأن سيطرة الشر والباطل والرذيلة يؤدي إلى فساد في الأرض ولا يزول هذا الفساد إلا بمقاومة الخير والحق والفضيلة له[61].

    الرابع: التكرار في القرآن الكريم

    وهو من أساليب الفصاحة في اللغة العربية لما ينطوي عليه من فوائد في الكلام. فإن كلام البلغاء لا يتكرر عبثاً وإنما لفوائد ومعان جديدة. ولما كان هذا حال كلام العرب، فكلام الله أولى بذلك فإنك لا ترى كلمة أو آية تكررت إلا لحكمة وفائدة.
    وقد استعمل التكرار في القرآن جرياً على عادة العرب في كلامهم، يقول الزَرْكشي[62]: "وقد غلط من أنكر كونه من أساليب الفصاحة، ظناً أنه لا فائدة له، وليس كذلك، بل هو من محاسنها لاسيما إذا تعلق بعضه ببعض، وذلك أن عادة العرب في خطاباتها إذا أبهمت بشيء إرادةً لتحقيقه وقرب وقوعه، أو قصدت الدعاء عليه، كررته توكيداً، وكأنها تقيم تكراره مقام المقسم عليه، أو الاجتهاد في الدعاء عليه، حيث تقصد الدعاء، وإنما نزل القرآن بلسانهم"[63].
    وقبل أن أجمل أغراض وفوائد التكرار في القرآن الكريم أسوق للقارئ صوراً من التكرار في الشعر الجاهلي لبيان أنه من أساليب العرب المتبعة في الكلام.
    مثال ذلك شعر المهلهل بن ربيعة بمناسبة حرب البسوس يصف الأيام التي كانت الدائرة فيها لبني تغلب على بكر[64]:
    على أن ليس عدلاً من كليب إذَا رَجَفَ العِضَاةُ من الدَّبُور[65]
    على أن ليس عَدْلاً من كُليب إذا طُرِدَ اليتيمُ عن الجَزوُرِ
    على أن ليس عدلاً من كليب إذا ما ضِيمَ جيرانُ المُجيرِ
    على أن ليس عدلاً من كليبِ إذا خِيفَ الَمخُوف من الثُّغُور
    على أن ليس عدلاً من كليب غداةَ بَلابِل الأَمْرِ الكبير[66]
    على أن ليس عدلاً من كليب إذا هبَّتْ رياحُ الزمهرير
    على أن ليس عدلاً من كليب إذا وثب المثار على المثِير
    على أن ليس عدلاً من كليب إذا برزت مُخَبَّأَةُ الُخدورِ
    على أن ليس عدلاً من كليب إذا عَلنت نَجِيَّاتُ الأمور
    ومن ذلك قصيدة الحارث بن عباد[67] بمناسبة حرب البسوس التي مطلعها:

    كل شيء مصيره للزوال غير ربي وصالح الأعمال

    ثم يقول في قصيدته:
    قرِّبا مَرْبط النَّعامة مني لقحَت حرب وائل عن حِيَال[68]
    قرِّبا مَرْبط النَّعامة مني ليس قولي يرادُ لكنْ فعَالِي
    قرِّبا مَربط النَّعامة مني جَدَّ نَوْحُ النِّساء بالإِعوال
    قرِّبا مَرْبط النعامة مني شابَ رأسي وأنكرتني الْعَوالي
    قرِّبا مَرْبط النعامة مني لِلسُّرى والغُدُوِّ والآصال
    قرِّبا مربط النِّعامة مني طال ليلي على الليالي الطوال
    قرِّبا مربط النعامة مني لاِعْتِناق الأبطال بالأبطال
    قرِّبا مَرْبط النعامة مني واعدلا من مقَالَةِ الجُهَّال
    قرِّبا مَرْبط النعامة مني ليس قلبي عن القِتال بسالِ
    قرِّبا مَرْبط النعامة مني كلما هبَّ ريح ذَيْل الشمَّال
    قرِّبا مَرْبط النعامة مني لبُجير[69] مُفَكِّكِ الأغلال
    قرِّبا مَرْبط النعامة مني لكريم مُتَوَّجٍ بالجمال
    قرِّبا مَرْبط النعامة مني لا نبيعُ الرجال بَيْعَ النِّعَال
    قرِّبا مَرْبط النعامة مني لبجير فِداه عَمِّي وخالي
    إلى غير ذلك مما ورد في أشعارهم من تكرار بعض الكلمات أو الجمل[70]. أما أهم فوائد التكرار في القرآن فهي[71]:

    1 - تقرير المعنى وتوكيده، فإن الكلام إذا تكرر تقرر. وقد ظهر هذا الأمر في المواطن التالية:
    أ – في الآيات المسوقة للوعيد والتهديد، كقوله تعالى: {كَلا سَوْفَ تَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلا سَوْفَ تَعْلَمُونَ}[72]، وقوله تعالى: {وَمَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ * ثُمَّ مَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ}[73].
    ب – في الآيات المسوقة في مقام التعظيم والتهويل أو التعجب، كقوله تعالى: {الْقَارِعَةُ مَا الْقَارِعَةُ}[74]، وقوله تعالى: {الْحَآقَّةُ * مَا الْحَآقَّةُ}[75]، وقوله تعالى: {إِنَّآ أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَآ أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ}[76]، وقوله تعالى: {فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ}[77].
    جـ - في الآيات المسوقة في التنبيه على ما ينفي التهمة حتى يتلقى الكلام بالقبول، كقوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِي ءَامَنَ يَاقَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ * يَاقَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الأَخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ}[78].
    د – في الآيات المسوقة في مقام الاتعاظ، كقوله تعالى: {فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ}[79]، وقوله تعالى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْءَانَ لِلذِّكْرِ}[80].
    هـ - في الآيات المسوقة في مقام إنعام الله على عباده وبيان قدرته كقوله تعالى: {أَفَرَءَيْتُم مَّا تُمْنُونَ} وقوله: {أَفَرَءَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ}، وقوله: {أَفَرَءَيْتُمُ الْمَآءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ}[81].
    2 - إذا طال الكلام وخشي تناسي الأول أعيد ثانياً تجديداً لعهده، كقوله تعالى: {أَفَرَءَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ}[82]. وقوله تعالى في نفس السورة {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُواْ مِن بَعْدِمَا فُتِنُواْ ثُمَّ جَاهَدُواْ وَصَبَرُواْ إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ}[83]. وغيرها من الأمثلة كثير[84].
    3 - بيان إعجاز القرآن للعرب فإن من عجز عن الإِتيان بالمعنى بصورة واحدة فإنه يعجز من باب أولى عن الإِتيان بالمعنى الواحد بصور وقوالب لفظية غاية في الفصاحة والبيان.
    4 - إفادة معنى جديد فإن بعض الآيات تكررت في كتاب الله وفي كل مرة تكون متعلقة بما قبلها، كقوله تعالى: {فَبِأَىِّ ءَالآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} كررت هذه الآية في سورة الرحمن إحدى وثلاثين مرة، ثمان مرات عقيب آيات فيها تعداد عجائب خلق الله وبدائع صنعه ومبدأ الخلق ومعادهم فناسب ذكر الآلاء عقيب كل ذلك. ثم تلتها سبع آيات فيها ذكر النار وأهوال يوم القيامة، فحسن ذكر الآلاء عقيبها لأن في صرف المؤمن عن عذاب النار أكبر نعمة، وبعد هذه السبع ثمان آيات في وصف الجنتين وأهلهما ونعيمهم فيهما فحسن أن يذكر عقيبها نعم الله على المؤمنين أن وفقوا للعمل الصالح فاستحقوا الجنتين، ثم بعد ذلك ثمان آيات للجنتين اللتين دونهما، ومن استحقها بتوفيق الله ناسب ذكر نعمة الله عليه.

    الخامس: الكلمة القرآنية

    ولا أعني بذلك الكلمة القرآنية المفردة، وإنما مكانة الكلمة في النظم القرآني المعجز لأن قيمة المفردات ليست ذاتية وإنما تعود قيمتها إلى مكانها من النظم المعجز الأخاذ، ومعلوم أن التحدي لم يحصل بالكلمة بل أقل ما حصل بسورة. ويظهر الإِعجاز اللغوي في الكلمة القرآنية من عدة وجوه:
    الأول: الكلمة في القرآن مسوقة في موقعها المناسب لتؤدي المعنى المراد وتتلاءم من الناحية اللفظية والمعنوية مع ما قبلها وما بعدها خذ مثالاً لذلك قوله تعالى: {وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ * وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ * وَالَّيْلِ إِذَا يَسْرِ * هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِى حِجْرٍ}[85]، فلو استبدلت كلمة الفجر بكلمة الصبح أو كلمة الوتر بكلمة الفرد أو كلمة الحجر بكلمة العقل لاختل حسن نظم الكلمات.
    وتأمل أيضاً كلمة يسر تجد أن الياء حُذفت منها للانسجام مع كلمة الفجر، عشر، الوتر، الحجر.
    ومن أمثلة ذلك قوله تعالى: {ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّآ * إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَآءً خَفِيًّا * قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُن بِدُعَآئِكَ رَبِّ شَقِيًّا}[86] فلو تقدمت كلمة مني على كلمة العظم لاختل النظم في الآيات ولأحسست بما يشبه الكسر في وزن الشعر[87].
    الثاني: أن الكلمة القرآنية مسوقة في موقعها المناسب بحيث تعطي بمدلولها ما تلقيه من ظلال المعنى المراد بكماله وتمامه مع ما فيه من إيحاءات، ولو استبدلت بغيرها ما استفيد المعنى المراد. وقد تجد كلمة في القرآن الكريم تعبر عن معنى يعجز البشر عن التعبير عنه إلا بِعِدَّةِ كلمات.
    خذ مثالاً لذلك، كلمة استقاموا في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُواْ...}[88]، فقد جمعت هذه الكلمة الإِتيان بالخير كله والبعد عن الشر كله[89].
    ومن أمثلة ذلك أننا لو أردنا بيان فوائد النار في حياة الناس نقول: إنها مما يحتاج إليها في الحضر والسفر وفي طهي الطعام عند الجوع ثم ننعم بدفئها في برد الشتاء القارص. كل هذه المعاني دلت عليها كلمة (المقوين) في قوله تعالى: {أَفَرَءَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ * ءَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَآ أَمْ نَحْنُ الْمُنشِئُونَ * نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِّلْمُقْوِينَ}[90].
    إلى غير ذلك من الأمثلة الكثيرة في هذا الباب[91].
    الثالث: إن هناك بعض الكلمات يظن القارئ أنها مترادفة، فإذا تأملت استعمالاتها في القرآن رأيت بعضها استعمل في موطن والبعض الآخر في موطن آخر، وفي كل موضع يبلغ التعبير القرآني ذروته في حسن الصياغة ودقة التعبير.
    خذ مثالاً لذلك، كلمتي (هامدة)، (خاشعة) استعملت في القرآن للدلالة على الأرض قبل نزول المطر وخروج النبات منها. قال تعالى: {يَآ أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ مَا نَشَآءُ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُواْ أَشُدَّكُمْ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَآءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْج بَهِيجٍ}[92].
    وقال تعالى: {وَمِنْ ءَايَاتِهِ الَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُواْ لِلهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ * فَإِنِ اسْتَكْبَرُواْ فَالَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِالَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لا يَسْئَمُونَ * وَمِنْ ءَايَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَآءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِى أَحْيَاهَا لَمُحْىِ الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[93] يقول سيد قطب: "وعند التأمل السريع في هذين السياقين يتبين وجه التناسق في (هامدة) و (خاشعة). إن الجو في السياق الأول جو بعث وإحياء وإخراج فمما يتسق معه تصوير الأرض بأنها ((هامدة)) ثم تهتز وتربو، وتنبت من كل زوج بهيج. وإن الجو في السياق الثاني هو جو عبادة وخشوع وسجود، يتسق معه تصوير الأرض بأنها ((خاشعة)) فإذا أَنزل عليها الماء اهتزت وربت..."[94].
    ومن أمثلة ذلك التمام والكمال، فالفرق بينهما أن الإِتمام لإِزالة نقصان الأصل، والإِكمال لإِزالة نقصان العوارض بعد تمام الأصل، ولذلك كان استعمال كلمة (كاملة) أبلغ من استعمال كلمة (تامة) في قوله تعالى: {تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ}[95] ؛ لأن التمام علم من العدد وإنما جاءت كلمة (كاملة) لنفي احتمال نقص في الصفات[96].
    ومن ذلك أيضاً القعود والجلوس، فالأول يستعمل لما فيه لبث بخلاف الثاني، ولهذا قال تعالى: {فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرِ}[97]، إشارة إلى أنه لا زوال لذلك، وقال في آية أخرى: {يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُواْ فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُواْ يَفْسَحِ اللهُ لَكُمْ}[98] لأن مثل هذه الجلسات لا تحصل إلا في زمن يسير[99].
    إلى غير ذلك من الأمثلة الكثيرة[100].

    السادس: الجملة القرآنية

    ما سبق قوله في الكلمة القرآنية نقوله هنا، وهو أن المقصود مكانة الجملة في النظم القرآني المعجز لا الجملة المفردة ؛ لأن قيمة الجملة ليست ذاتية، وإنما تعود قيمتها إلى مكانها من النظم المعجز الأخاذ، لذلك أقل ما وقع به التحدي السورة لا الجملة.
    ومظاهر الإِعجاز في الجملة القرآنية كثيرة منها:
    الأول: أنها مسوقة في موقعها المناسب لتتلاءم مع ما قبلها وما بعدها، وتنبئ عن حسن نظم الكلمات وهي غاية في الإِحكام والترابط. ولهذا كان حفظ القرآن أيسر من حفظ سائر أنواع النثر. مثال ذلك قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَنذَرَهُم بَطْشَتَنَا فَتَمَارَوْا بِالنُّذُرِ}[101] فلو أخذنا كلمة (النُذُرْ) منفصلة عما قبلها في الآية لوجدنا ثقلاً في توالي الضمة على النون والذال معاً لكن الكلمة جاءت في القرآن متلائمة تماماً مع السياق يقول الرافعي: "تأمل مواضع القلقلة في دال (لقدْ) وفي الطاء من (بَطْشَتَنَا) وهذه الفتحات المتوالية فيما وراء الطاء إلى واو (تَمَارَوا)، مع الفصل بالمد، كأنها تثقيل لخفة التتابع في الفتحات إذا هي جرت على اللسان، ليكون ثقل الضمة عليه متسخَفاً بعد ولكون هذه الضمة قد أصابت موضعها كما تكون الأحماض في الأطعمة ثم ردد نظرك في الراء من (تماروا) فإنها ما جاءت إلا مساندة لراء (النذر) حتى إذا انتهى اللسان إلى هذه انتهى إليها من مثلها فلا تجفو عليه ولا تغلظ ولا تنبو فيه، ثم اعجب لهذه الغنة التي سبقت الطاء في نون (أنذرهم) وفي ميمها، وللغنة الأخرى التي سبقت الذال في (النذر) "[102].
    ومثال ذلك أيضاً قوله تعالى: {قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُلِ اللهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُم مِّن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ لا يَمْلِكُونَ لأَنفُسِهِمْ نَفْعًا وَلا ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُواْ لِلهِ شُرَكَآءَ خَلَقُواْ كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ}[103].
    اشتملت هذه الآية على تسع جمل متلائمة مع ما قبلها وما بعدها وهي في غاية الدقة والإِحكام.
    أما الجملة الأولى في تلك الآية فهي قوله تعالى: {قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} والآية التي قبلها تضمنت أن كل من في السماوات والأرض ساجد[104] لله فلزم الإِنكار على عبدة الأصنام والتوجه إليهم بهذه الجملة الآمرة بلفظ ((قل)). ولما كان عبدة الأصنام يقرون توحيد الربوبية[105] ناسب أن يأتي جواب الجملة الأولى على لسان محمد عليه الصلاة والسلام وهو قوله تعالى: {قُلِ اللهُ}. ولما بين الله سبحانه أنه الرب لكل المخلوقات ناسب أن يسألهم النبي: {قُلْ أَفَأتَّخَذْتُم مِّن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ لا يَمْلِكُونَ لأَنفُسِهِمْ نَفْعًا وَلا ضَرًّا}. ومن يعبد جمادات لا تنفع ولا تضر يكون كالأعمى الذي يعيش في الظلمات بخلاف من يهديه الله ولذلك ناسب أن يأتي بعد ذلك قوله تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِى الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ}، ولما كان من البدهي أن الظلمة لا تساوي النور وأن العمى لا يساوي البصر فُهِمَ أيضاً أن الجاهل الذي يعبد جمادات لا تنفع ولا تضر لا يساوي العالم الموحد لله، لذا أكد الله سبحانه ما تقدم بالجملتين التاليتين {أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَآءَ خَلَقُواْ كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ}. وقد جاء قوله: {وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} متلائماً مع ما قبله لأن خالق كل شيء تلائمه وتثبت له صفة الوحدانية والقهر والقوة[106].
    الثاني: أن الجملة القرآنية تدل على معنى واسع يعجز عنه الناس بعبارات كثيرة، ومن أمثلة ذلك قوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ}[107] وقد سبق الحديث عن هذه الآية في مبحث الإِيجاز في القرآن.
    ومن أمثلة ذلك أيضاً قوله تعالى: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَآئِ ذِى الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَآءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْىِ}[108]. فقد جمعت هذه الآية كل خير ونهت عن كل شر حتى قال ابن مسعود رضي الله عنه: ((إن أجمع آية للخير والشر في سورة النحل: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ}[109] ومن أمثلة ذلك قوله تعالى: {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَآئِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَآءَهُمْ وَيَسْتَحْىِ نِسَآءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ}[110]. فهذه الآية احتوت على معانٍ كثيرة لو أردنا أن نصوغها بلغتنا مع الحفاظ على ما فيها من المعاني لاحتجنا إلى أضعاف كلماتها[111].

    السابع: الفاصلة القرآنية

    اختلف العلماء في تعريف الفاصلة القرآنية.
    فقال الرماني: الفواصل حروف متشاكلة في المقاطع توجب حسن إفهام المعاني[112].
    وقال ابن منظور[113]: الفواصل أواخر الآيات في كتاب الله[114].
    وكذا قال الزركشي: الفاصلة كلمة آخر الآية كقافية الشعر وقرينة السجع[115].
    ويرى بعض العلماء أن رؤوس الآيات والفواصل مترادفان[116] وهي نهايات الآيات كما قدمت. ويرى آخرون أن الفاصلة أعم، فهي الكلام المنفصل مما بعده. والكلام المنفصل قد يكون رأس آية وغير رأس آية وكذلك الفواصل يَكُنَّ رؤوس آي وغيرها. فكل رأس آية فاصلة ولا عكس[117].
    ومن الفواصل ما هو آية كقوله تعالى: "الرَّحْمَنُ"[118]، {الْحَآقَّةُ}[119] ومنها ما هو بعض آية وهو الغالب كما سيأتي.
    والفواصل بحسب حروف الروي نوعان:
    الأول: المتماثلة[120]: وهي التي تماثلت حروف رويتها سواء في الحرف الأخير كقوله تعالى: {مَآ أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْءَانَ لِتَشْقَى * إِلا تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَى * تَنزِيلاً مِّمَّنْ خَلَقَ الأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى * الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}[121] أو في الحرفين الأخيرين كقوله تعالى: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ * وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ * الَّذِى أَنقَضَ ظَهْرَكَ * وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ}[122]. أو في الأحرف الثلاثة الأخيرة كقوله تعالى: {مَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ وَإِنَّ لَكَ لأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ}[123]، أو في الأحرف الأربعة الأخيرة كقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَآئِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ * وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَىِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ}[124].
    وقد استقلت الفواصل المتماثلة بإحدى عشرة من سور المفصل[125] ومعظمها مكي[126].
    ويسمي البعض الفواصل المتماثلة بالمتجانسة[127] أو ذات المناسبة التامة[128].
    والأصوب عندي أن تسمى المتماثلة لأن التجانس كما هو معلوم عند علماء التجويد يكون بين حرفين اتحدا مخرجا واختلفا صفة. وكذا التماثل أولى من ذات المناسبة التامة لأن المصطلح يفضَّل أن يكون أقصر بشرط الدلالة على المعنى بتمامه وقد تحقق هنا بقولنا (التماثل).
    الثاني: الفواصل المقاربة:
    كالميم مع النون في قوله تعالى: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمَ الدِّينِ}[129] والدال مع الباء في قوله تعالى: {ق وَالْقُرْءَانِ الْمَجِيدِ * بَلْ عَجِبُواْ أَن جَآءَهُم مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ}[130] والتقارب في الحروف يكون بين حرفين تقاربا مخرجاً وصفة كالذال والسين أو تقاربا صفة لا مخرجاً كالذال والجيم[131].
    ويلاحظ أن الفاصلة القرآنية تأتي مكملة للمعنى الذي قبلها ومناسبة له بحيث لو تغيرت اختل المعنى... يدرك هذا كل من عنده ذوق أدبي.
    حَكَى الأصمعي[132] قال: ((كنت أقرأ: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَآءَ بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللهِ والله غفور رحيم وبجنبي أعرابي فقال: كلام من هذا ؟ فقلت: كلام الله. قال أعد فأعدت. فقال ليس هذا كلام الله. فانتبهت فقرأت {وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}[133] فقال: أصبت هذا كلام الله. فقلت أتقرأ القرآن. قال: لا. فقلت: من أين علمت ؟ فقال: يا هذا عز فحكم فقطع، ولو غفر فرحم لما قطع))[134].
    وقد يسأل سائل ما الحكمة في أن بعض الفواصل غريبة اللفظ مثل كلمة ضيزى في قوله تعالى: {تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى}[135]، فكلمة ضيزى بمعنى جائرة أو ظالمة، فلماذا عدل عن الكلمات المألوفة إلى الكلمة غير المألوفة.
    والجواب على هذا السؤال من وجهين:
    الأول: من جهة حسن النظم والتناسق فإن سورة النجم تنتهي فواصلها بالألف المقصورة فناسب أن تكون الفاصلة كلمة ضيزى لا كلمة جائرة أو ظالمة.
    الثاني: إن نسبة البنات إلى الله ونسبة الأولاد إليهم أمر في أشد الغرابة فناسب أن يعبر عنه بلفظ غريب تنبيهاً على غرابة القسمة[136].
    وقد تختلف الفاصلتان في موضعين والمُحَدَّث عنه واحد وذلك لنكتة لطيفة. ومن ذلك قوله تعالى: {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللهِ لا تُحْصُوهَآ إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ}[137]، وقوله تعالى: {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوهَآ إِنَّ اللهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ}[138].
    ففي الآية الأولى يقول الحق جل وعلا للإِنسان إذا حصلت النعم الكثيرة فأنت آخذها وأنا معطيها فحصل لك عند أخذها وصفان: كونك ظلوماً وكونك كفاراً. وفي الآية الثانية يقول الحق سبحانه للإِنسان ولي عند إعطاء النعمة لك وصفان وهما أني: غفور رحيم، أُقابِل ظُلْمَك بغفراني وكفرك برحمتي.
    ثم سؤال آخر يطرحه المرء هنا: ما الحكمة في تخصيص آية النحل بوصف المنعم، وآية إبراهيم بوصف المنعم عليه ؟ والجواب أن سياق الآية في سورة إبراهيم في وصف الإِنسان وما جبل عليه. فناسب ذكر ذلك عقيب أوصافه. وأما آية النحل فسيقت في وصف الله تعالى وإثبات ألوهيته وتحقيق صفاته، فناسب ذكر وصفه سبحانه[139].
    وختاماً، وبعد بيان مظاهر الإِعجاز البياني للقرآن الكريم يظهر بطلان القول بالصرفة.
    وأول من قال بهذا الرأي النظام[140] المعتزلي. ومراده بالصرفة أن الله سبحانه صرف همم العرب في زمن الرسالة عن معارضة القرآن، والإِتيان بمثله. أي أن القرآن ليس معجزاً لفصاحة ألفاظه وبلاغته وحسن نظمه وإنما لصرف الله العرب عن الإِتيان بمثله. ولولا صرف الله العرب عن الإِتيان بمثل القرآن لأتوا بمثله، وهم أهل الفصاحة والبيان.
    ويرى النظام أن وجه إعجاز القرآن يكمن في إخباره عن الغيوب[141] ولم يرتض المعتزلة قول النظام وأكثرهم على تكفيره[142].
    وقول النظام بالصرفة يرجع إلى قاعدة الحسن والقبح العقليين عند المعتزلة، وملخصها: أن كل ما رآه العقل حسناً، فهو عند الله حسن ومطلوب الفعل، وكل ما رآه العقل قبيحاً فهو عند الله قبيح ومطلوب الترك. ومن وجهة نظر النظام العقل لا يحيل على العرب وهم أهل الفصاحة والبلاغة والبيان، أن يأتوا بمثل القرآن لولا أن الله صرف هممهم. فجعل النظام ما رآه العقل حكماً في هذه المسألة وهو الفصل فيها، مع أن مقولته منقوضة بعدة أدلة نقلية وعقلية منها[143]:
    - قوله تعالى: {قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْءَانِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا}[144].
    فهذه الآية تدل على بطلان القول بالصرفة لأنه لو كان إعجاز القرآن يكمن في صرف العرب عن الإِتيان بمثله لما كان في اجتماع الإِنس والجن فائدة.
    - يلزم القول بالصرفة أن يكون العرب قد تراجعت حالها في البلاغة والبيان وحسن النظم، وأن يكون ما قالوه من شعر زمن الجاهلية أبلغ وأقوى من الشعر الذي قالوه بعد بعثة محمد صلى الله عليه وسلم، وحصول التحدي لهم، وليس الأمر كذلك.
    لو حصل نقص في فصاحة العرب وبلاغتهم وحسن نظمهم للكلم، لكان هذا عذراً لهم ولقالوا لمحمد عليه الصلاة والسلام، لقد كان بإمكاننا أن نأتي بمثل القرآن في السابق، لكنك سحرتنا فَحُلْتَ بيننا وبين الإِتيان بمثل القرآن. لكن ذلك لم يحصل، مع حرصهم الشديد على وصف الرسول صلى الله عليه وسلم بأوصاف لا تليق. بل وصفوه بأنه ساحر في كثير من الأمور، لكنهم لم يصفوه بأنه سحرهم في المقدرة على النظم والفصاحة والبيان.
    - يلزم القول بالصرفة أن يكون العرب بعد بعثة محمد صلى الله عليه وسلم قد سلبوا الحكمة وضعفت أذهانهم وتفكيرهم، وليس الأمر كذلك.
    - لو كان كلام العرب قبل بعثة محمد صلى الله عليه وسلم من شعر أو نثر مثل نظم القرآن لما انبهروا بالقرآن الذي سمعوه من محمد صلى الله عليه وسلم، ولما كان له مزية على كلامهم. لكن واقعهم يشهد بخلاف ذلك، فهذا الوليد بن المغيرة يقول: ((والله إن لقوله لحلاوة، وإن أصله لعذق وإن فرعه لجنات))[145] وكذا عتبة بن ربيعة قال: ((.... والله ما هو بالشعر ولا بالسحر ولا بالكهانة))[146]. وكذا يروى في قصة إسلام عمر، قوله عن القرآن: ((ما أحسن هذا الكلام وأكرمه))[147] وقوله: ((فلما سمعت القرآن رق له قلبي فبكيت ودخلني الإِسلام))[148]، إلى غير ذلك من القصص الكثيرة التي تدل دلالة قاطعة على أن أسلوب القرآن كان معجزاً ولم يكن العرب قد تعودوه أو سمعوا مثله[149]. وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
    حسين مطاوع الترتروي
 
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

« الموضوع السابق | الموضوع التالي »

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
[ المستوى السادس ] : الاختبار النصفي لمقرر فقه الأسرة k.shamray الدراسات الإسلامية 273 2015- 5- 11 11:04 AM
[ المستوى السادس ] : الاختبار النصفي لمقرر الأسانيد بــ 27 / 6 k.shamray الدراسات الإسلامية 193 2015- 4- 17 03:08 AM
[ المستوى السادس ] : الاختبار النصفي لمقرر الحديث 2 بــ 20 / 6 k.shamray الدراسات الإسلامية 31 2015- 4- 9 05:16 PM
[ المستوى الرابع ] : تجمع الاختبار النصفي الاساسي لمقرر الانحراف الاجتماعي والجريمة لذة غـــــرام علم إجتماع 73 2015- 4- 1 10:35 PM
[ المستوى السادس ] : الاختبار النصفي لمقرر العقيدة 3 k.shamray الدراسات الإسلامية 163 2015- 3- 29 11:46 PM


All times are GMT +3. الوقت الآن حسب توقيت السعودية: 08:06 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. جامعة الملك الفيصل,جامعة الدمام
المواضيع والمشاركات في الملتقى تمثل اصحابها.
يوجد في الملتقى تطوير وبرمجيات خاصة حقوقها خاصة بالملتقى
ملتزمون بحذف اي مادة فيها انتهاك للحقوق الفكرية بشرط مراسلتنا من مالك المادة او وكيل عنه