|
ارشيف التربية الخاصة ارشيف الفصول الجامعية الماضية لتخصص تربية خاصة التعليم عن بعد جامعة الملك فيصل |
|
أدوات الموضوع |
![]() |
#11 |
أكـاديـمـي ألـمـاسـي
![]() |
رد: مقرر التذوق الأدبي
[align=center]
وحيــــــــــــده حبي مشكوووره يا قلبي ع المجهوود ربي يوفقج دنيا وآخره [/align] |
![]() |
#12 |
متميز في الفنون الادبيه
![]() |
رد: مقرر التذوق الأدبي
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ...
وموفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية . |
![]() |
#13 |
متميزةفي الساحة العامة للتعليم عن بعد
![]() |
رد: مقرر التذوق الأدبي
المُحَاضَرَةُ التَّاسِعَةُ حسَّانُ بنُ ثَابتٍ وَالنَّصُّ الشِّعْرِيُّ الذَّائِدُ أَوَّلاً : النََّصُّ الشِّعريُّ - يقولُ حسانُ بن ثابتٍ مفتخرًا ومُهدِّدًا : 1 – تَظَلُّ جِيَـــــــادُنَا مُتَمَطِّرَاتٍ تُلَطِّمُــــــــهُنَّ بِالْخُمْرِ النِّسَاءُ 2 – فَإمَّا تُعْرِضُوا عَنَّا اِعْتَمَرْنَا وَكَانَ الفَتْحُ وَاِنْكَشَفَ الْغِـطَاءُ 3 – وَإِلاَّ فَاصْبِرُوا لِجِـــلاَدِ يَوْمٍ يُعِزُّ اللهُ فِيــــهِ مَنْ يَشَـــــــاءُ 4 – أَلاَ أَبْلِـــــغْ أَبَا سُفْيَانَ عَنِّي فَأَنْتَ مُجَـــوَّفٌ نَخْبٌ هَـــــوَاءُ 5 – بِأَنَّ سُيُوفَــــنَا تَرَكَتْكَ عَبْدًا وَعَبْـــدُ الدَّارِ سَادَتْـــهَا الإِمَاءُ 6 – هَجَوْتَ مُحمَّدًا فَأَجَبْتُ عَنْهُ وَعِنْــدَ اللهِ فِي ذَاكَ الْجَـــــزَاءُ 7 – أَتَهْجُــوهُ وَلَسْتَ لَهُ بِكُفْءٍ فَشَرُّكُمَا لِخَيْرِكُمَا الْفِــــــــــدَاءُ 8 – فَإِنَّ أَبِي وَوَالِدَهُ وَعِرْضِـي لَعِرْضُ مُحَمَّدٍ مِنْــكُمْ وَقــــــاءُ 9 – لِِسَانِي صَارِمٌ لاَ عيبَ فِيـهِ وَبَحْـــري لاَ تُكَـــــــدِّرُهُ الدِّلاَءُ - ثانيًا : معاني الكلمات : - جيادنا : خيولنا 0 – متمطِّرات : مسرعات 0 – تلطِّمُهنَّ : تضربنَ على الوجوهِ بأثوابهنَّ 0 – الخُمُرُ : بضمِّ الخاءِ والميم : جمع خِمار ، وهو ما تغطِّي به المرأةُ رأسَهَا 0 – تُعرضوا : تبعدوا 0 – اِعتمرنا : أدينا العُمرةَ 0 – الفتحُ : فتحُ مكَّةَ والظَّفرُ بالأعداءِ 0 – الغطاءُ : المستورُ 0 – الجِلادُ : التَّضاربُ بالسُّيوفِ 0 – المجوَّفُ : الجبانُ الَّذي لا قلب لَهُ ، وكأنَّه خالي الجوفِ من القلبِ ، وهواء : مثلُهُ 0 – هجوتَ : الهجاءُ ضدُّ المدحِ ، ومعناهُ : السَّبُّ والقذفُ 0 – النَّخبُ : يقالُ : جاءَ في نخبِ أصحابِهِ أي ← في خيارهم 0 – الإماءُ : جمعُ أمَةٍ ، والأمَة : ضدّ الحُرَّةَ ـــــ،( أي :العبدةُ ) 0 – الوقاءُ : الحفظُُ 0 – عبدُ الدَّارِ : بطنٌ من بطونِ قريشٍ 0 بحري : شعري 0 الصَّارمُ : السَّيف القاطعُ 0 تكدِّرهُ : تعكِّرهُ ، والكدرُ أو التَّكَدُّرُ : ضدّ الصَّفو 0 – الدِّلاءُ : جمعُ دلوٍ ، وهي الأوعيةُ الَّتي يُستَقى بها الماءُ ، وهي جمع كثرةٍ ، أمَّا جمع القلَّةِ منها فهو : ” أَدْلُ ” ثالثًا : فكرةُ النَّصِّ : تقوم فكرةُ هذا النَّصِّ الشِّعريِّ على معركةٍ حاميـــــــــــةِ الوَغَى بين المسلمين وكُفَّارِ قريشٍ ، واِنتصار المسلمينَ بقيادةِ النَّبيِّ ( صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمّ )، وقد مهَّدَ الشَّاعرُ لهذه الفكرةِ ، من بدءِ القصيدةِ بإطلالةٍ جاهليَّةٍ ، حيثُ الوقوفُ على الأطلالِ ، أوعلى الأقلِّ تشكيل صورة الطَّلل الجاهلي ” دِيَارِ بَنِي اَلْحَسْحَاسِِ ” ، الَّتي تُعفِّيــــها الرَّوامسُ ( الرِّيَاحُ ) واِنتهاءً بعمليَّةِ الفتحِ ( فتحِ مكَّة) ، واِفتــــداء الشِّاعر بوالدِهِ وجَدِّهِ وعرضه ، بل وعرضهم جميعًا لِعرضِ محمَّدٍ ( صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ) 0 - رابعًا : المضمون : يتشكَّلُ المضمونُ الرَّئيسُ من معركة ، بل رحلةِ المسلمين لفتح مكَّةَ والدِّفاع عن دينهم ونبيِّهم ( صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم ) ، يتخلَّلُ هذا المضمون الرئيس جملةٌ من المضامين الفرعيَّة المُجتزئةِ منها على سبيل المثالِ : دفاع نساء المشركين وكفَّار قريشٍ وهروب رجالهم وفرسانهم من ساحة المعركةِ ، وإعراض المشركين حتَّى يتمَّ الفتحُ وينكشفَ المستورُ ، والرسالة الهاجية لأولئك الكفَّار وعلى رأسهم ” أبو سفيان ” 0 تلك الرِّسالة الَّتي تردُّ بقوَّةٍ وقسوةٍ على هجاء الأخير للنَّبيِّ الكريم ( صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ) ، وأخيرًا رسالة الشَّاعرِ العائليَّة المُفَدِّيَة للنبيِّ بكلِّ شيء،من أبيه وجدِّه ونفسه - خامسًا : الأبعادُ الُّلُغويَّةُ والفنِّيَّةُ والجماليَّةُ : 1 – الألفاظُ : يبدو للنَّاظرِ من الوهلةِ الأولى إلى هذا النَّصِّ أنَّهُ لا يلحظُ غرابةً في ألفاظِهِ ،إذ إِنَّ مُعجمَ الشَّاعرِ الُّلغويَّ يحملُ ألفاظًا دالَّة مُيسَّرةً ،تتـــــــــوازى تمامًا مع السِّياقِ الاجتماعيِّ ” الإسلاميِّ ” الجديد المُستنيرِ ، لأنَّنا إذا نظرنا إلى تلك المفرداتِ الَّلَفظيَّةِ نظرةً متأنيةً، نجدُها لا تُستَغلقُ على القارئِ أو المُتلقِّي ، إذ نلحظُها تتناسبُ ولغَةَ القُرآنِ ، بل جاءَ بعضُها لابسًا ثوبَ بعضِ الآياتِ القُرآنيَّةِ المجيدة،مثل قوله هنا : ” يُعِزُّ اللهُ فِيهَا مَنْ يَشَاءُ ” و ” وشَرُّكُمَا لخيرِكُمَا الفِداءُ ” 0 2 – المعاني : يشيرُ بعضُ النُّقَّادِ إلى أنَّ المعاني في هذا النَّصِّ الشِّعريِّ جاءت قويَّةً أو بالأحرى فيها شيءٌ من القُوَّةِ، وإِنِ اِبتعدت عنِ التَّعَمَُقِ أو الإيحاءِ المعنويِّ ، ففيها جانبٌ معنويٌّ من معاني الحربِ ، حيثُ نلحظُ الجيادَ المُتمطِّرات والنِّساء المختمرات المُتلطِّمات ، وفيها جانبٌ ثانٍٍ من معاني الفتحِ والنَّصرِ ، حيث الاعتمارُ والفتحُ وكشف المستورِ ، وفيها جانبٌ ثالثٌ من معاني الهجاءِ ، لأبي سُفيانَ تحديدًا ، حيثُ يصفُه بالجبن والخوفِ والهُروبِ ، وفيها جانبٌ معنويٌّ رابعٌ من معاني الدِّفاعِ ، حيثً الذَّودُ عن النبيِّ بالمال والنَّفسِ والعرضِ ، بل بلسانٍ شِعريٍّ قاطعٍ بتَّارٍ 3 – الأسلوبُ : يبدو الأسلوبُ في هذا النَّصِّ الشِّعريِّ قويًّا ، وبخاصَّةٍ في وصفِ الأطلالِ وتصويرِ الخيلِ ، ثُمَّ يَأْخذُ في الِّلِينِ بعضَ الشّيءِ ؛ وذلك حينما يتَّجهُ الشَّاعرُ إلى الحديثِ عن الاعتمار والاصطبار والجلاد والفتح واِنكشاف الغطاءِ والمستور، والشَّرّ والخير والافتداء 0 على أنَّ بعضَ غير المنصفينَ من النُّقَّادِ والمُستشرقينَ صيَّروا ذلك الِّلِينَ الُّلُغويَّ ” الأسلوبيَّ ” ضعفًا أو هبوطًا أسلوبيًّا 0 وذلك لغطٌ كبيرٌ ؛ لأنَّ الحياةَ في صدر الإسلامِ قد لانت لِينًا ملحوظًا جملةً وتفصيلاً ، وكانَ لزامًا أن يُلازمها في ذلك الِّلِينِ أسلوبُها الُّلُغويُّ ، وإلاَّ لن يكونَ هناكَ توافقٌ بينهما أو حراكٌ 0 4 – الموسيقى الشِّعريَّةُ : إنَّ هذا النَّصَّ الشِّعريَّ من النُّصوصِ المشهودة والمشهورةِ ، فقد مُثِّلَ بِهِ في كثيرٍ من السِّياقاتِ والمناهجِ الدِّراسيَّةِ الجامعيّةِ وغيرها ، مِمَّا أَكسبَهُ ذيوعًا وشُهرةً قويَّينِ – إِنَّ هذا النَّصَّ الشِّعريَّ يستقي تفعيلَتَهُ من بحرِ ” الوافرِ ” الشِّعرِيِّ ( مُفَاعَلَتُنْ - مُفَاعَلَتُنْ - ” مُفَاعَلْ ” أو فَعُولُنْ )، وهذا البحرُ من أيسرِ البحور الشِّعريَّةِ تذوُّقًا ، وأقربها إلى النَّفسِ اِلتصاقًا ، يأتي ذلك من دلالةِ مُسَمَّاهُ ” الوافر ” ، حيثُ تتوفَّرُ فيه النَّغمةُ الموسيقِيَّةُ المتراقصةُ ، وهو بنغمتِهِ تلكَ يتناسب وسياقَ القصيدةِ الَّذي جاءَ بحركيَّةِ الحربِ بين المسلمينَ والكُفَّار ، واِنتصار المسلمينَ في خاتمةِ الأمرِ وفتحهم لِمكَّةَ 0 تابعُ الموسيقى الشِّعريَّةِ : ( القافيةُ ) : أَمَّا عن القافيةِ – قافية ذلك النَّصِّ – ، أو بالأحــــــرَى رويِّها ، فقد جاءَ ذلك الرَّوِيُّ بالهمزةِ المضمومةِ،وهو بهذه الحركة ” الضَّمَّةِ ” يزيدُ من حركيَّةِ وثراء البعد الموسيقيِّ المُختتم للبيت الشِّعريِّ من جهةٍ ، إذِ الضَّمُّ يمتدُّ بالنَّغمةِ الموسيقيَّةِ مسافةً زمنيَّةً أطــــــــــول ، ومساحةً مكانيَّةً أرحب ، كما يزيـــدُ من القوَّة بل الثَّراءِ الدِّلاليِّ ” المعنويِّ ” من جهةٍ أخرى ، لأنَّهُ بحركَتِهِ تلك ” الضَّمَّةِ ” يضمُّ مَكَّةَ وأهلَهَا إلى السِّياقِ الإسلاميِّ بفضلِ هذا الرَّويِّ المَضمومِ 5 – الصُّورةُ الشِّعريَّةُ البيانيَّةُ : أ – الصُّورةُ التَّشبيهيَّةُ : - التَّشبيهُ الأوَّلُ : يجيءُ هذا التَّشبيهُ مُمَثَّلاً في ” التَّشبيهِ البليغِ ” ، إذ ورد في البيت الرَّابعِ على النَّحوِ الآتي : ” فأنتَ مُجَوَّفٌ نَخْبٌ هَوَاءُ ” ، فجعل الشَّاعرُ المُشَبَّهَ ” أَبا سُفْيانَ ” مَرَّةً واحدةً ، وكَرَّرّ بل عَدَّدَ المُشبَّهَ بِهِ ” مُجَوَّفٌ نَخْبٌ هَوَاءُ ” ، بما يعني أنَّهُ شبَّهَهُ بالوعاءِ الفارغِ الَّذي لا يمتلئُ سوى بالهواءِ ، كما أنَّهُ لا قلبَ لَهُ في جوفِهِ ، وتكرارُ المُشبَّهِ بِهِ هنا يزيدُ من حركيَّةِ الدِّلالَةِ السَّلبيَّةِ ” لِأبي سُفْيَانَ ” المتعدَّدة الَّذي تطاولَ بها في هجائِهِ لسيِّدِنَا محمَّدٍ ” صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ ” 0 - التَّشبيهُ الثَّاني : يجيءُ هذا التَّشبيهُ بليغًا أيضًا عبرَ البيتِ الثَّامنِ ، نتمثَّلُه في قولِ الشَّاعرِ ” وَعِرْضِي لِعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْكُمْ وَقَاءُ ” ، حيث شبَّهَ عِرضَهُ هنا بالوَقاءِ الَّذي يذودُ بِهِ عَنِ النَّبيِّ ” صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ”،وهذا الوقاءُ – وإنْ لم يَكُنْ حاملاً رمزًا ماديًّا – يحملُ شيئًا أبعدَ أَثرًا ، وأقوى حمايةً ، يتمثَّلُ في العِرْضِ النَّقيِّ ، والسَّريرةِ السَّمْحاءِ ، والدَّينِ القَيِّمِ 0 - التَّشبيهُ الثَّالثُ : يَرِدُ التَّشبيهُ البليغُ للمرَّةِ الثالثةِ في ذلك النَّصِّ عبرَ البيتِ التَّاسعِ والأخيرِ ، حيث يقولُ الشَّاعرُ : ” لِساني صارمٌ لاَ عَيْبَ فيهِ ” ، إذ شبَّهَ الشَّاعرُ هنا لِسانَهُ الشِّعريَّ ” تجاوُزًا ” بالسَّيفِ القاطعِ البتَّارِ ، وهذا التَّشبيهُ يُبينُ بل يُعَمِّقُ من دلالةِ المُشبَّهِ بِهِ ؛ لأنَّهُ يجعلهُ هنا ” صارِمًا ” والصَّرامة هذه وفي سياقٍ كهذا تتوافقُ تمامًا معَ سِبَابِ ” أبي سُفانَ ” الَّلاذِعِ من جِهَةٍ ، وهجاءِ ” حسَّانَ ” القاتلِ ” لِأبي سُفيانَ ” من جِهَةٍ أخرى ب – الصُّورةُ الاستعارِيَّةُ : وَرَدَتْ الصّورةُ الاستعاريَّةُ هنا بشكلٍ لافتٍ للنَّظَرِ ، نلحظُها على النَّحو الآتي : - الصُّورةُ الأولى : ” تُلَطِّمُهُنَّ بِالْخُمْرِ النِّساءُ ” ، تبـــــــــدو هذه الصِّيغةُ ” صورةً اِستعارِيَّةً تصريحيَّةً ” ، حيثُ شَبَّهَ الشَّاعــــــــرُ الأَكُفَّ بالخُمْرِ ( في سياقِ الَّلَطمِ ) وَحَذَفَ المُشَبَّهَ ” الأَكُفَّ ” وجــــــــــــاءَ بالمُشَبَّهِ بِهِ - ” الخُمر“، صَرَاحَةً ؛ لِيُدَلِّلَ على هـــــــــــولِ الواقِعَةِ الَّتي لم يملكْ معَها المُشركونَ سوى الهُروب والاختباء في الدُّورِ ودفـــــاع النِّساء عنهم وردّهنَّ للخيـــــــول بالخُمر ( أغطية الرُّؤُوس والأجساد ) 0 فهروبُ المُشركينَ من جهةٍ ، ودفاع نسائهم عنهم من جهةٍ أخرى يكشفانِ بل يُجَلِّيانِ دلالِيًّا قُوَّةَ المسلمينَ ” المُؤمنينَ ” يومَ فتحِ مكَّةَ العظيم 0 - الصُّورةُ الاستعاريَّةُ الثَّانيةُ : تتمَثَّلُ تلكَ الصُّورة في قول الشِّاعر : ” وَبَحْرِي لاَ تُكَدِّرُهُ الدِّلاَءُ ” ، تغدو تلك الصِّيغةُ هي الأخرى ” صورةً اِستعاريَّةً تصريحيَّةً ” ، حيث شبَّه الشَّاعرُ شِعرَهُ أو نظْمَهُ أو حتَّى منزلِتَهُ الأدبيَّةَ بالبحرِ وحذفَ المُشَبَّهَ ” الشِّعر أو النَّظم أو المنزلة الأدبيَّة ” ، وجاءَ بالمُشَبَّهِ بِهِ صراحةً ” البَحْر ” ؛ لِيُدَلَّلَ على عمقِ شعرهِ وغورِهِ وسَعتِهِ وقُوَّتِهِ إذا ما عاودَ ” أبو سُفيانَ ” الكَرَّةَ في الإقدامِ على هجاءِ النَّبِيِّ ( صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ) وسبَّه 0 - الصُّورةُ الاستعاريَّةُ الثَّالثَةُ : ترِدُ هذه الصُّورةُ في صيغةِ ” وبحري لا تُكدِّرُهُ الدِّلاَءُ ” أيضًا ،حيثُ شَبَّهَ الشِّاعرُ هنا أشعارَ ” أبي سُفيانَ ” الهاجيةَ للنَّبيِّ ( صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ) بالدِّلاَءِ الَّتي تُلْقى في البحرِ العظيمِ ، وحــــــــذفَ المُشَبَّهَ ” الأشعار الهاجية ” وصَرَّحَ بالمُشبَّهِ بِهِ ” الدِّلاءِ ” ، وذِكْرُهُ للمُشَبَّهِ بِهِ هنا إنما يُدلِّلُ على حقيقةٍ دلاليَّةٍ قويَّـــــــــــةٍ ، مُفادُها أنَّ بحرَ ” حسَّان بن ثابتٍ ” الشِّعريَّ الغائرَ العميقَ لا تُعَـــــكِّرُ صفْوَهُ دِلاءُ ” أبي سفيانَ ” هذه ، الهاجيةُ أو أيَّةُ دِلاءٍ أخــــــرى ، مَهما تعالت صيحاتُها ، وهاجت فورتُها 0 ج – الصُّورةُ الكِنائيَّةُ : تَرِدُ الصُّورةُ الكِنائيَّةُ هنا على النَّحو الآتي : 1 – ” تَظلُّ جِيَادُنَا مُتَمَطِّرَاتٍ ” ـــــ كنايةٌ عنِ التَّعجُّلِ في طلبِ الِّلقاءِ 0 2 – ” تُلَطِّمُهُنَّ بِالْخُمْرِ النِّساءُ ”ـ كنايةٌ عنِ اِختباءِ الرِّجالِ ومواجهة النِّساءِ0 3 – ” وَكَانَ الفَتْحُ وَاِنْكَشَفَ الغِطَاءُ ” ــ كنايةٌ عن الفوزِ والغلبةِ والانتصار0 4 – ” وَعَبْدُ الدَّارِ سادَتْهَا الإِمَاءُ ” ـ كنايةٌ عنِ المذلَّة الَّتي تَحصَّلت لِعبدِ الدَّارِ، من جرَّاءِ غزوةِ بدرٍ من قَبْلُ، وفتح مكَّةَ الآنَ،وسيادة الإماءِ لهم 0 5 – ” لِساني صارمٌ لا عيبَ فيهِ ” ــ كنايةٌ عن قُوَّة شِعرِهِ وصرامَتِهِ وحدَّتِهِ فضلاً عن سلامَتِهِ وصِحَّتِهِ ونَقائِهِ 0 6 – المُحَسِّنُ البديعيُّ : - نلحظُ المحسِّنَ البديعيَّ واردًا في هذا النَّصِّ على النحوِ الآتي : أ – الطِّباقُ : نلحظُ ذلك الطِّباقَ واردًا في صيغةِ ” فَشَرُّكُمَا 000 لِخَيْرِكُمَا ” ، وقد تبدو تلك الصِّيغةُ معبِّرةً عن سياقِ الدُّعاءِ ، إذ يُعْنَى بِهمَا معًا أنْ يذهبَ الشَّرُّ منهما فِداءً للخير منهما ، وهذا يُقصَدُ بهِ مُجابهَةُ الخيرِ للشَّرِّ الَّذي اِستشرى من ” أبي سُفيانَ ” وغيرِه من المُشركينَ وكُفَّار قريشٍ 0 ب – الجناس التَّامُّ : نلحظُ الجناسَ هنا واردًا في الصِّيغِ الآتيةِ : - ” عبدًا : عبد الدَّارِ ” ــــ جعل الشَّاعرُ الَّلَفظةَ الأولى دلالةً على المذَلَّةِ والخزي والعارِ ، وصَيَّرَ الثَّانيةَ إلى عبد الدَّار ” كبطن من بطونِ قريشٍ ” اِمتدادًا ، بل تأكيدًا للمذلَّةِ الَّتي تلقَّاها ” أَبو سفيانَ ” في غزوة بدرٍ من قبلُ وستلقاها عبدُ الدَّارِ هنا في فتحِ مكَّة . إنَّ الشَّاعرَ هنا يمتدُّ بلفظةِ ” عَبْدٍ ” لِتأكيدِ قُوَّةِ المسلمينَ وضعفِ الكُفَّارِ من قريشٍ وغيرِها 0 ج – الجِناسُ النَّاقصُ : يَأتي الجناسُ النَّاقصُ تاليًا للجناسِ التَّامِّ ، حيثُ نلحظُهُ في الصِّيغِ الآتيةِ : ” هجوتَ : أتَهْجُوهُ ” ، و ” عرضي : لِعرضِ ” ، الحقُّ أنَّ هذينِ الجناسِيْنِِ النَّاقِصَيْنِِ يبعثانِ جَرْسًا موسيقيًّا متناغمًا في سياقِ الدِّفاعِ عنِ النَّبيِّ ” صلَّى الله عليهِ وسلَّمَ ” ومُهاجمةِ أعدائِه من كُفَّار قريشٍ وغيرهِم ، كما يُرْسلانِ في الوقت نفسِهِ رافدًا دلاليًّا في الهُجومِ والذَّودِ معًا،أو بالأحرى في الهِجاء والوقايةِ منه بكلِّ لوازم الشَّاعر الإنسانيَّة والماديَّة 0 7– الخبر والإنشاء : جاءَ هذا النَّصُّ حاملاً نمطي الأسلوبِ الأدبيِّ ( الخبريَّ والإنشائيَّ ) ، أمَّا عنِ الأسلوبِ الخبريِّ ؛ فإنَّنا نلحظُهُ في البيتِ الأوَّلِ ” تظّلُّ جِيَادُنَا مُتمَطِّرَاتٍ ” ، و “ تُلطِّمُهُنَّ بِالْخُمْرِ النِّسَاءُ ” ، و الشَّطر الثَّاني من البيتِ الثَّاني ” وَكَانَ الفَتْحُ واِنْكَشَف الغِطَاءُ ” ، والشَّطر الثَّاني من البيتِ الرَّابعِ ” فَأَنتَ مُجَوَّفٌ نَخْبٌ هَوَاءُ ” ، والشَّطرِ الثَّاني من البيتِ الخامِسِ ” وعبدُ الدَّار سادتها الإماءُ ” ، والبيتِ السَّادسِ ” هجوتَ مُحَمَّدًا ” ، والبيتِ الأخيرِ ” لِسَانِي صَارِمٌ 00 وَبَحْرِي لا تُكدِّرُهُ الدَّلاَءُ ” 0 إِنَّ جملةَ هذه الصِّيغِ الإخباريَّةِ تخبرُ عن حالِ المعركةِ بينَ المسلمينَ والكُفَّار من جهةٍ ، وصراع ” أبي سفيانَ ” - شعريًّا – مع حَسَّانِ بنِ ثابتٍ من جِهةٍ أخرى 0 وبينَ الجِهتينِ تتواردُ مُقوَّماتُ المعركــــــة بدءًا من اِستعداد ” الجياد ” وتمطُّرِها ، مرورًا بالهِجاءِ ، واِنتهاءً بالإخبــــارِ عن لِسانِهِ وبحرهِ القَويَّيْنِ . ِ - الأسلوبُ الإنشائيُّ : - نلحظُ هذا الأسلوبَ الإنشائيَّ على النَّحوِ الآتي : 1 – ” فَإمَّا تُعْرِضُوا عَنَّا اِعْتمَرْنَا ”، تجيءُ صِيغةُ ” فَإمَّا ” مُركَّبةً من ” إِنَّ ” الشَّرطيَّةِ و“ ما ” الزَّائدَةِ ، لأنَّها اِحتاجت إلى جملتينِ كما هو واضحٌ ، وهنا يشترط الاعتمارَ دون المُعارضة ، أي المباعدة 0 2 – ” وإِلاَّ فَاصْبِرُوا لِجِلادِ يَومٍ ” يبدو هذا الأسلوب مُركَّبًا من الشَّرطِ والاستثناِءِ،لأنَّ الجملةَ هنا مكوَّنةٌ من ” إِنِ ” الشرطيَّة ، و“ لا ” النَّافية ، وهنا يقدِّم الشَّاعر فعلاً مشروطًا إِذا لم يعترض كُفَّارُ قريشٍ طريقَ المسلمين 0 3– ” أَلاَ أَبْلِغْ أَبَا سُفْيَانَ عَنَّا ” تعدُّ ” أَلاَ ” هنا حرف تنبيـــــهٍ للهاجي ” أبي سُفيانَ ”،وقد ناسبت سِّياقَ المُراسلةِ هنا بينَ الشَّاعرِ والأخير ، لأنَّها تدعوهُ للانتباه إلى من يهجوهُ 0 4 – ” لِساني صارمٌ لا عَيْبَ فِيهِ ” ـ الجزءُ الأوَّل من تلك الصِّيغةِ أُسلوبٌ خبريٌّ ( مبتدأٌ وخبرٌ ) ، أمَّا الجزءُ الأخيرُ ( لا عَيبَ فِيهِ ) فيعدُّ أسلوبًا إنشائيًّا لأنَّهُ يعتمدُ النَّفيَ والنَّفيَ الإيجابيَّ منه بشكلٍ خاصٍّ،إذ يبعد عن شعرَه وذاتَه أيِّةَ سلبيَّةٍ أوعيب يشينُهُما0 ِ 5 – ” وَبَحْرِي لاَ تُكَدِّرُهُ الدِّلاءُ ” ــ ما قيلَ في النُّقطةِ السَّابقةِ يقالُ هنا أيضًا ، - وَإنْ تفاوتت المواضعُ – حيـــث اُستُهِلَّت بمبتدأٍ،ثُمَّ جاء الخبرُ في الفعلِ المُضارعِ المنفيِّ ”لا تُكدِّرُهُ ” 0 وهنا كذلك ينفي عن بحــرِهِ الذَّاتيِّ أو الشِّعريِّ أَيَّ مكدِّرٍ آخرَ ، حتَّى وإنْ كانَ شعر “ أبي سفيانَ ” الهاجيَ - خلاصةٌ واِستنتاجٌ : 1 – يشيرُ ذلك النَّصُّ كُليَّةً – بعيدًا عن المقطع المجتزئِ – إلى حضورِ الحياتينِ الجاهليَّةِ والإسلاميَّةِ في طيَّاتِهِ ، حيثُ نجد المُؤشِّراتِ ، بل الرُّموزَ الجاهليَّةَ في صدرِ القصيدةِ ، وإن تغلَّبت الحياةُ أو السِّياقُ الإسلاميُّ في خاتمةِ الأمر 0 2 – يغدو النَّصُّ سجلاً تاريخيًّا مُهِمًّا ، حيث نلحظُهُ يقدِّمُ جملةً من المواقفِ والأحداثِ بين المسلمينَ والكُفَّارِ ، منها على سبيلِ المثالِ : ملاطمةُ النِّساء للخيلِ بخمورِهِنَّ ،وهجاء ” أبي سفيانَ “ ، ومذلَّة المُشركين في موقعةِ بدرٍ ، وأخيرًا فتح مكَّةَ وانتصار المسلمين على الكفَّار في خاتمةِ الأمر 0 3 – يشكِّلُ النَّصُّ في لُغتِهِ وأسلوبِهِ صورةً لِيِّنةً من لينِ الإسلامِ ورحمتِه 0 4 – جاءَ النَّصُّ على بَحْرِ ” الوافرِ ” المُتراقصِ ؛ ليبينَ عن حركيَّةِ المعركة أو المواجهةِ المتعدِّدةِ المتنوِّعة 0 5 – يعكسُ هذا النَّصُّ الشِّعريُّ صورةَ الحربِ قديمًا ،سواءٌ بالصُّورةِ البيانِيَّةِ المتَعدِّدةِ أو الصُّورةِ الُّلُغويَّةِ الواقِعيَّةِ الملموسةِ 0 6 – لم يكثر حسَّانُ بنُ ثابتٍ من المُحسِّناتِ البديعيَّةِ ( الَّلَفظيَّةِ أو حتَّى المعنويَّةِ ) ؛ لأنَّه كان مشغولاً بوصف وتصويرِ الموقفِ الحربيِّ ، دون الحاجةِ إلى تكلُّفِ الُّلُغةِ وزخرفَتِها 0 7 – معاني النَّصِّ بل جملةُ مضامينِهِ جاءت متناسقةً تمامًا مع السِّياقِ الاجتماعيِّ ، بل والدِّينيِّ كذلك 8 – ينطوي ذلك النَّصُّ على الأسلوبينِ ( الخبريِّ والإنشائيِّ ) ، جاء الأوَّلُ مُخبرًا – بصدقٍ وأمانةٍ – عن الأحداث وكاشفًا إِيَّاها ، ثُمَّ تبعه الثّاني مؤكِّدًا لها ومعمِّقًا أثرها 0 9 – يميلُ النَّصُّ إلى اِقتباس بعض معاني الآيات القُرآنيَّةِ وصورها0 10 – كَشَفَ النَّصُّ عن تعدُّدِ أسلحةِ المسلمين في معارِكِهِم مع الكفَّار والمشركين ، سواء تجلَّى ذلك في السِّلاح المادي( السَّيف والرُّمح ) أو المعنويِّ ( الِّلِسان والشِّعرِ )0 |
![]() |
#14 |
متميزةفي الساحة العامة للتعليم عن بعد
![]() |
رد: مقرر التذوق الأدبي
المحاضرةُ العاشرةُ ” جرير والنَّصُ الشِّعريُّ الأمويُّ ” س : مَنْ هو جريرٌ ؟ ج : جريرٌ : هو أبو حزرةَ جريرُ بن عَطيَّةَ بنِ الخطفَيِّ 0 س : ومَا الخطفيُّ هذا ؟ ج : هذا لقبٌ غَلَبَ على جَدِّهِ ” حذيفةَ ” ، ويعنَى بِهِ أو بها السَّير السَّريع 0 س : هل لُوحِظَ هذا الَّلقبُ في شعرِ جريرٍ ؟ ج : نعم ، لوحِظَ وجودُ هذا الَّلَفظِ في بعضِ أشعارِ جريرٍ مِمَّا يُؤَكِّدُ هذا الَّلَقبَ لِجَدِّهِ ” حُذيفةَ ” 0 س : إِلى أَيَّةِ بَطْنٍ أَو قبيلةٍ ينسبُ الشَّاعرُ جريرٌ ؟ ج : ينسبُ الشَّاعِرُ جريرٌ إِلى ” كُليبٍ ” ، وكليبٌ هذه حَيٌّ من يربوعٍ من بني تميمٍ س : وأين كانت تنزلُ قبيلتُهُ أو قومُهُ ؟ ج : نزلَ قومُهُ قريةَ ” حَجْرٍ ” من قرى اليمامةِ بالجنوبِ الشَّرقيِّ من نجدٍ ، وهي المُسَمَّاةُ الآن بـ ” الرِّياض ” 0 س : ما الكُنيةُ الَّتي كُنِي بهَا جريرٌ ؟ ج : يُكْنى جريرٌ بـ ” أبي حَزْرَةَ ”( وهو ابنُهُ البِكرُ )،وابن المَراغةِ 0 س : وما المرَاغةُ هذه ؟! ج : المراغةُ هذه من الأسماءِ القبيحة للأتانِ ، وهي كذلك لقبٌ نُبِزَت به أمُّهُ من أحد الشُّعراءِ الَّذينَ هاجوه،لأنَّ كُليبًا كانت رُعاةَ غنمٍ وحمير0 س : متى وأينَ وُلِدَ الشَّاعرُ ” جريرٌ ” ؟ ج : وُلِدَ ” جريرٌ” باليمامةِ في خلافةِ ” عثمانَ بنِ عَفَّانَ ” رضي اللهُ عنه0 س : كيفَ كانت نَشأةُ ” جريرٍ ” ؟ ج : نشأَ الشَّاعرُ ” جريرٌ ” بينَ عشيرتِهِ ” بني الخطفيِّ ” نشأةَ البدويِّ الفقيرِ، وكان يرعى على أبيه غنيماتٍ له من الضَّأْنِ والمَعزِيِّ 0 س : هل كانَ لقبيلَتِهِ أو أهلِهِ علاقةٌ بالإبداعِ الشِّعريِّ ؟ ج : كانَ أهلُ بيتهِ ” بنو الخطفيِّ ” على فقرهم يغلبُ عليهم الشِّعرُ ، ويتهاجونَ مع شعراءِ قومِهِم 0 س :هل تعرَّضَ ” جريرٌ ” لبعضِ شُعراءِ قومِهِ، وما موقفُ قومِهِ إِزاءَهُ ؟ ج : لقد ظهرَ في قوم ” جريرٍ ” شاعرٌ يُسَمَّى ” غسَّانَ السَّليطيَّ ” ، فرآهُ ” جريرٌ ” يهجو قومَهُ ، والنَّاس مُجتمعونَ عليهِ ، فَحَمِيَ ونطقَ بالشِّعرِ رجزًا هجاهُ بِهِ أفحَشَ هِجَاءٍ ، فطربَ لَهُ قومُهُ واِعتَزُّوا بِهِ 0 س : هل اِمتدَّ الهجاءُ بينَ ” جريرٍ ” واِبنِ عمومتِهِ ” غسَّانَ السَّليطي ” ؟ ج : نعم اِمتدَّ الهجاءُ بينَهُما ، ، بل تمادى ، وأصبحَ جريرٌ قويًّا عليهِ ، فأعانَ ” غسَّانَ ” شاعرٌ من بني مُجاشعٍ التَّميميِّ ، يُدْعى ” البَعِيثُ ” ، ومُجاشِعٌ هذا جَدُّ ” الفرزدق التَّميمِيِّ ” وسيِّدُ قبيلَتِهِ 0 س : وكيفَ كانَ ” الفرزدقُ ” في ذلك الحينِ ولماذا لم يشارِكْهُم الهِجاءَ ؟ ج : كانَ ” الفرزدقُ ” في ذلك الحينِ قد اُشتُهِرَ بالشِّعرِ وبَزَّ فيه الفُحُولَ ، ولم يشاركْ في ذلك الهجاءِ ؛ لأنَّهُ كانَ تائِبًا عن الهِجاءِ ،وقد قيَّدَ نفسَهُ بقيدٍ من حديد ليحافظ على دراسةِ القرآنِ وحفظِهِ 0 س : هل ظَلَّ ” الفرزدقُ ” على توبَتِهِ تلك وقيدِهِ هذا ؟ لقد آلى الفرزدقُ ألاَّ يبرحَ منزِلَه حتَّى يحفظَ القُرآن ؛فجاءته نساءُ مُجاشعٍ يَلُمْنَهُ على عُزلتِهِ وتركِه جريرًا ينهَشُ في أعراضِهِنَّ ؛ فحميَ لَهنَّ وقصَّ القيدَ ، وهجا جريرًا ، فَاحتدم بينهما الهِجَاءُ وسقط البَعيثُ س : هل توقَّفَ ” جريرٌ ” عن هجائِهِ الفرزدقَ والأخطلَ ؟ ج : بقي جريرٌ يهاجي الفرزدقَ والأخطل حتَّى ماتَ الأخيرُ ( الأخطلُ ) ، وكان أكبرَهم سِنًّا 0وطالَ عمرُ الفرزدقِ وجريرٍ ؛ فغبرا طُولَ حياتِهما يتهاجيانِ حتَّى ماتَ الفرزدقُ سِنـ 110هـ ـــةَ،وماتَ بعدَهُ جريرٌ بستَّةِ أشهرٍ وكان ذلك باليمامةِ 0 س : كيف كانت أخلاقُ جريرٍ ؟ ج : لقد جمع جريرٌ في أخلاقِهِ بينَ النَّقيضينٍِ ، إذ تجيءُ أخلاقُهُ على النَّحوِ الآتي : - أَوَّلاً : نشأَ في الباديةِ ، وشبَّ مُتخَلِّقًا بأخلاقِ أهلِها من الانتصافِ لإنفُسِهِم بِأيديهِم ، إن لم يستطيعوا فبألسنتِهِم ؛ فخرجَ مفطورًا على المبالغةِ بالسِّبابِ والمُهاجَاةِ 0 - ثانيًا : كانَ مع ميلِهِ للشَّرِّ شديدَ الفرقِ من أعوانِ السُّلطانِ 0 - ثالثًا : كانَ بخيلاً شحيحًا على غيرِ أهلِهِ وولَدِهِ ، ورُبَّما جرَّ عليه بخلُهُ مهاجاةَ بعضِ الشُّعراءِ لَهُ 0 - رابِعًا : كانَ مُوجِعَ الهجاءِ ، كثيرَ الافتراءِ على الأبرياءِ ، لا يبالي بقذفِ المُحصناتِ العفيفاتِ 0 - خامسًا : كان على تلك الصِّفاتِ دَيِّنًا ، كثيرَ الصَّلاةِ والدُّعاءِ والتسبيحِ ، عفيفًا ، كثيرَ الاستغفارِ من قذفِه المُحصناتِ ، شديدَ الاعترافِ ، بل الاعتذارِ لَهُنَّ 0 س : ماذا لو عرَّضَ شاعرٌ بقومِهِ وذويهِ ؟ ج : الحقيقةُ تشيرُ إلى أنَّ جريرًا كانَ يَصُبُّ سوطَ هجائِهِ على مَنْ يُعَرِّضُ بِهِ أو بقومِهِ في حديثٍ أو شعرٍ ؛ فكانَ مُسرِفًا في العَدَاوةِ والانتقامِ والحقد إلى أَمدٍ بعيدٍ 0 س : اِستعرِضْ ( اِستعرِضي ) طبيعةَ شاعِرِيَّة ” جريرٍ ” ؟ ج : كانَ جريرٌ يقولُ الشِّعرَ عن سليقةٍ فيَّاضَةٍ ، وطبعٍ دفَّاقٍ ، يواتيهِ متى يشاءُ ، ويُصَرِّفُهُ كيفَ شاءَ ، فلا تكلُّفٌ ، ولا حشوٌ ، ولا تعقيدٌ ، ولا اِضطرابٌ ، ولا قَلَقٌ في قافيةٍ 0 س : أَبِنْ ( أَبينِي ) الفارقَ بينَهُ وبينَ الفرزْدَقِ ؟ ج : كانَ جريرٌ بسببِ اِتِّساقِ قوافيهِ واِئْتِلافِ ألفاظِهِ ومعانيهِ كمَنْ يقفُ على ساحلٍ أو بحرٍ يغترِفُ من نميرِهِ ، ويَصُبُّهُ في قوالب أرجازِهِ وقَصيدِهِ ؛ فيخرجُهُ مُتشَكِّلاً بما تغتبطُ بِهِ نَفسُهُ ، ويعجبُ بِهِ غيرُهُ 0 - أَمَّا الفرزدَقُ : فلمْ يكُنْ كذلِكَ ، إذْ يغدو كَزًّا في لَفظِهِ ، مُتَعَمِّقًا في معانيهِ ، يتعمَّدُ الفخامةَِ والمُعاظلةَ ( أي مُداخلة الألفاظِ بعضها في بعضٍ ) رغبةً في الإدهاشِ والتَّعجيزِ 0 س : قَدِّمْ ( قَدِّمِي ) خلاصةَ ذلك الفارق بينَ الشَّاعرينِ ؟ ج : كانَ مِن نتيجَةِ هذه المفارقةِ بينَهُما أنْ أُعْجِبَ عامَّةُ النَّاسِ بشعرِ جريرٍ ؛ فسارَ على ألسنتِهِم ، أَمَّا الفرزدقُ فقد بقي شعرُهُ لا يدورُ إلاَّ على ألسنَةِ العلماءِ والخاصَّةِ ، وهم بالطَّبعِ قليلٌ عديدهم في كلِّ زمانٍ وأَيِّ مكانٍ 0 س : مَا أَرَقُّ وَأَطْبَعُ شعرِ ” جريرٍ ” ؟ ج : قِيلَ : إِنَّ أَرَقَّ شعرِ ” جريرٍ ” وأطبَعَهُ ما كَانَ في تشبيبٍ أو عتابٍ 0 س : هلْ قالَ ” جريرٌ ” الشِّعرَ في كُلِّ الأغراضِ ؟ ج : لقد قالَ ” جريرٌ ” الشِّعرَ في كثيرٍ من أغراضِهِ وفنونِهِ ، غيرَ أنَّ أغلبَ ما تناولَ شعرُهُ : النَّسيبَ والهجاءَ والفخرَ والمدحَ ، ويتخلَّلُ جملةَ هذه الأغراضِ الوَصفُ بأشكالِهِ المُختلِفَةِ والمتنوِّعَةِ والمُتَعَدِّدَةِ س : بِمَ اِمتازَ نسيبُ ” جريرٌ ” ؟ ج : اِمتازَ نسيبُ ” جريرٍ ” برقَّتِهِ ، وخفَّةِ وقْعِهِ في السَّمعِ ، وقوَّةِ حركتِهِ في النَّفسِ 0 س : ما طبيعَةُ هذا النَّسيبِ ؟ ج : كانَ ” جريرٌ ” لا يخرجُ عن مذهبِ النَّسيبِ عند شعراءِ الجاهليَّة والمخضرمينَ ، ولا ينحرفُ عن جادَّةِ طريقِهِم في التَّصَوُّنِ والتَّجَمُّلِ بما لم يخرجْ بِهِ عن وصفِ شعراءِ الباديةِ أزواجَهُمْ بقسامَةِ الوجْهِ، وملاحَةِ القَدِّ ، وطيبِ الحديثِ والرَّائحَةِ ، وأثرِ فِراقِ الأحِبَّةِ في أنفُسِهِم 0 س : وكيف جاءت لغةُ هذا النَّسيبِ الشِّعريِّ ومعناهُ ؟ ج : جاءَ نسيبُ ” جريرٍ ” الشِّعريُّ في لفظٍ جَزِلٍ ، ومعنىً شريفٍ ، وفحولةٍ في العبارةِ 0 س : وماذا عن غزلِ ” جريرٍ ” الشِّعريِّ ؟ ج : جاءَ غزلُ ” جريرٍ ” قريبًا من نسيبِهِ ، فلم يكن يتأنَّثُ في غزلِهِ ؛ فيحاكي النِّساءَ في أحاديثِهِنَّ وحواراتِهِنَّ وتدلُّلِهِنَّ ، وقصِّ القصص عنهنَّ ، على نحو ما كانَ يفعلُ الأحوصُ ، وعُمَرُ بنُ أبي ربيعةَ ، وأشباهُهُما من شعراء المُترفينَ ، أو يتهافتُ فيهِ تهافُتَ قيانِ الحجازِ وخلعاء الموالي والمغنِّينَ 0 س : هل صدرَ نسيبُ ” جريرٍ ” عن عِشْقٍ وهيامٍ ؟ ج : إِنَّ نسيبَ ” جريرٍ ” – كما تُشيرُ الرِّواياتُ الأدبيَّةُ – لم يَصْدُرْ عن عِشقٍ وهيامٍ، كما صدرَ عنِ الشُّعراءُ العُشَّاقِ ، ولو عَشِقَ مثلَهم لَكانَ إِمَامَ مَذهَبِهِم 0 س : اِستعْرِضْ ( اِستَعرِضي ) مقولَةَ ” جريرٍ ” عن عشْقِهِ ؟ ج : يقولُ ” جريرٌ ” عن نفسِهِ : ” مَا عَشِقْتُ قَطُّ ، وَلَوْ عَشِقْتُ لَنَسِبْتُ نَسِيبًا تسمَعُهُ العَجُوزُ فتبكي على شبابِهَا ” س : اِستعْرِضْ ( اِستَعرِضي ) أَبرزَ الأشعارِ الَّتي رَقَّ نسيبُهُ فيها ؟ ج : جاءت بعضُ المقطوعاتِ الشِّعريَّةِ لتبينَ عن رِقَّة نسيبِهِ ، منها : - إِنَّ العُيُونَ الَّتي في طَرْفِهَا حَوَرٌ قَتَلْنَنَا ثُمَّ لَمْ يُحْيِِينَ قَتْلاَنَا - بعضُ معاني الكلماتِ : - طَرْفُها : جمعُها أطراف ، وهي العيونُ 0 الحَوَرُ : شِدَّةُ بياضِ بياض العينِ ، وشِدَّةُ سوادِ سوادِهَا 0 - الصُّورةُ الشِّعريَّةُ : - تتمَثَّلُ تلك الصُّورةُ الشِّعريَّةُ في قولِ جريرٍ ” قَتَلْنَنَا ثُمَّ لَمْ يُحْيين قَتْلاَنَا ” فتلكَ صورةٌ اِستعاريَّةٌ ” مكنيَّةٌ ” حيثُ شبَّهَ ” جريرٌ ” العيونَ الَّتي في طَرْفِهَا حَوَرٌ بإِنسان قاتلٍ ، وحذف المُشَبَّهَ بِهِ ، وجاءَ بإحدَى لوازِمِه وهي القتلُ،ثُمَّ اِمتدَّ بتلكَ الصُّورةِ لينسبَ لها كذلك عدمَ إِحيائِها للقتلى 0 - وقولُهُ : - وَدِّعْ أُمَامَــــــــةَ حَانَ مِنْكَ رَحِيلُ إِنَّ الوَدَاعَ لِمَنْ تُحٍـــبُ قَلِيلُ - وقولُهُ : - إِنَّ الَّذينَ غَـــــدَوْا بِلُبِّكَ غَــادَرُوا وَشَلاً بِعَيْنِكَ لاَ يَـــزَالُ مَعِينَا - غَيَّضْنَ مِنْ عَبَرَاتِهِنَّ وَقُلْنَ لِي : مَاذَا لَقِيتَ مِنَ الْهَوَى وَلَقِينَا - بعضُ معاني الكلماتِ : - غَدَوا : اِنْطَلَقُوا مُصبِحينَ 0 - الُّلُبُّ : جمع ألبابٍ ، خالِصُ كُلِّ شيءِ ، والمُرادُ بِهِ هنا العقلُ 0 الوَشَلُ : جمعُ أوشالٍ ، وهو القليلُ من الدَّمعِ 0 المَعينُ : جمع مُعُناتٍ ومُعُنٍ ، وهو الماءُ الجاري 0 غيَّضْنَ : أَي حبسْنَ الدُّموعَ 0 العَبَرَاتُ : مفردُهَا : عَبْرَةٌ ، وهي الدَّمعة الجاريةُ 0 - الصُّورةُ الشِّعريَّة : - الصُّورةُ الأولى : ” غَادَرُوا 000 وَشَلاً ” ــــــ تلكَ صورةٌ اِستعاريَّةٌ ” تَصريحيَّةٌ ” ، حيثُ شبَّهَ المكانَ أو حتَّى الإنسانَ الَّذي يُهجَرُ أو يُغََادَرُِ بالْوَشَلِ ، وحذف المُشَبَّهَ ، وجاءَ بالمُشبَّهِ بِهِ صراحةً “ الوَشَل ” وهو الدَّمعُ القليلُ 0 - الصُّورةُ الثَّانيةُ : ” لا يزالُ مَعينًا ” ــــــــــ تلك صورةٌ اِستعاريَّةٌ ” تصريحيَّةٌ ” أخرى ، حيثُ شبَّهَ ” جريرٌ ” الوَشَلَ بعينِ الماءِ أو المَعينِ ، وذكرَ المشبَّهَ بِهِ صراحةً وهو ” المَعينُ ” 0 - الصُّورةُ الثَّالثةُ : ” غيَّضْنَ مِنْ عَبَرَاتِهِنَّ ” ــــــــ تلكَ صورةٌ اِستعاريَّةٌ ” مكنيَّةٌ ” ، حيثُ شبَّهَ العَبَرَاتِ بالماءِ المُتَرَقْرِقِ ، وحذفَ المُشَبَّهَ بِهِ وجاءَ بإحدى لوازِمِهِ وهي ” الغيضُ ” س : ماذا عن هجاءِ ” جريرٍ ” ؟ ج : قالَ جريرٌ الشِّعرَ في غَرَضِ ” الهجاءِ ” اِنتقامًا مِمَّنْ ظلَمَهُ أو هجاهُ ، إذ لم يبدأْ بِهِ أحدًا ،ولَكِنَّهُ كان إذا اِشتبكَ معَ أَحَدٍ فيه لا يترُكُهُ إِلاَّ مُغَلَّبًا ساقطًا 0 س : مَنِ مِنَ الشُّعراءِ يُسْتَثْنَى من هذا المَوقفِ ؟ ج : يُسْتَثْنَى من هذا الموقفِ الهِجائيِّ ابنُ قبيلَتِهِ الشَّاعـــــــــــرُ التَّميميُّ ” الفرزدقُ ” ؛ فَإِنَّ الهِجاءَ اِستمرَ بينَهُما أكثرَ من نِصفِ قرنٍ من الزَّمان ولم يكفِهما عنه إِلاَّ المَوتُ 0 س : وماذا عن أكثرِ هجائِهِ ؟ ج : كانَ أكثرُ هِجائِهِ تَهَكُّمًا واِستِهْزَاءً وتعجُّبًا من مُكابرةِ خَصمِهِ لَهُ ، ومِن تَبَذُّلِهِ بينَ النَّاسِ ، ورَميِهِ بما يُضحكُ السَّامع بألفاظٍ يفهمُهَا الخاصَّةُ والعامَّةُ على السواءِ س : اِستعْرِضْ ( اِسْتَعْرِضِي ) أَشهرَ الأبياتِ الشِّعريَّةِ الهاجيةِ لجريرٍ ؟ ج : أشهرُ أبياتِ جريرٍ الهاجيةِ جاءت على النَّحوِ الآتي : - يقولُ جريرٌ هاجيًا ” الرَّاعِيَ النُّميريَّ ” : - فَغُضِّ الطَّـرْفَ إِنَّكَ مِنْ نُمَيْرٍ فَـلاَ كَعْبًا بَلَغْتَ وَلاَ كِــــلاَبَا - وقولُهُ أيضًا مُتَهَكِّمًا منَ الفرزدقِ : - زَعَمَ الفَرَزْدَقُ أَنْ سَيَقْتُلَ مِرْبَعًا أَبْشِرْ بِطُولِ سَلاَمَةٍ يَا مِرْبَعُ س : ما الَّذي أغرى ” جريرًا ” بالفرزدقِ والأخطلِ ؟ ج : الَّذي أغرى جريرًا بالفرزدقِ والأخطلِ فِسْقُ الفرزدقِ ، ونَصرانيَّةُ الأخطلِ ، وشُرْبُهُ الخمرَ ، معَ عِفَّتِهِ هو وتَدَيُّنِهِ 0 س : ماذا عن نقائضَ ” جريرٍ ” و ” الفرزدقِ ” ونتاجِهَا ؟ ج : تبدو نقائضُ ” جريرٍ ” و ” الفرزدقِ ” – كما تشيرُ الرِّواياتُ الأدبيَّةُ - متمَثِّلَةً في ردِّ كُلِّ واحدٍ منهما على الآخرِ بقصيدةٍ هاجيةٍ،فَأصبحَ لجريرٍ والفرزدقِ نقائضُ مشهورةٌ يرويها الرُّواةُ ، فدوَّنــــــــــــــوها دواوينَ اِستخرجوا منها تاريخًا جِمًّا ، وتفصيلاً لأيَّامِ العرب بينَ الجاهليَّةِ والإسلامِ 0 س : ماذا عن فخرِ ” جريرٍ ” ؟ ج : لم يستطع ” جريرٌ ” أن يفخرَ بعشيرتِهِ من كُلَيبٍ ، لأنَّهم كانوا خاملي الشَّأْنِ في الجاهليَّةِ والإسلامِ ، فقراءَ ، سييئ الحالِ ، بُخلاءَ ، وبخاصَّةٍ أبوهُ عطيَّةَ 0 س : كيف اِحتالَ ” جريرٌ ” كي يفخرَ بقبيلَتِهِ ؟ ج : لمَّا اِستشعرَ ” جريرٌ ” ضآلةَ عشيرتِهِ تلكَ اِضْطَرَّ أن يعْدِلَ عن مُفاخرة الفرزدقِ ( وآباءُ الأخيرِ من ساداتِ تميمٍ ) ، بكليبٍ إلى مُفاخرَتِهِ إلى مُفاخَرَتِهِ بِبَنِي يربوعٍ وهم قبيلتُهُ العُليا ، وفيهم شرفٌ كبيرٌ ، ونباهَةُ شَأْنٍ ، وَشِدَّةُ بَأْسٍ في الجاهليَّةِ والإسلامِ 0 س : ماذا كانَ رَدُّ فعلِ الشُّعراءِ نتيجةَ فخرِهِ بغيرِ أهلِهِ ؟ ج : راحَ الشُّعراءُ يُعَيِّرونَ “ جريرًا ” بمفاخرَتِهِ بغيرِ أهلِ بيتِهِ الأدْنِينَ ؛ فكانَ ذلك من أشدِّ هجائِهم عليهِ،غيرَ أنَّ براعتَهُ في صناعتِهِ الشِّعريَّةِ غطَّتْ على ضِعَةِ أبيهِ وَهَوانِهِ وبُخلِهِ 0 س : كيفَ هَاجَى ” جريرٌ ” الأخطَلَ ؟ ج : كانَ ” جريرٌ ” إذا هاجَى الأخطلَ سامَى قومَهُ تَغلِبَ النَّصارَى بِمُضَرٍ ، وفيهمُ النُّبُوَّةُ والخلافَةُ س : ماذا عن مَدْحِ جريرٍ ، وما الَّذي ميَّزَهُ عن الأخطلِ والفرزدقِ ؟ ج : كانَ الأخطلُ والفرزدقُ وجريرٌ أسبقَ تُجَّارِ المدحِ في الإسلامِ وأَحذقَهم في اِستخراجِ أموالِ الخلفاءِ والأُمراءِ والولاة 0لكنَّ ” جريرًا ” تميَّزَ عنهما في مدحِهِ باِستجلابِ رضا النَّاسِ ، ولم يَأْنَفْ من مَدْحِ غير بني أُمَيَّةَ كما أَنِفَ الأخطلُ من قبلُ 0 س : وما درجَةُ مَدْحِهِ بالقياسِ إلى مَدْحِ الفرزدقِ والأخطلِ ؟ ج : تظهَرُ درجةُ مَدحِهِ حينما يمدحُ نجدُهُ يستقصي صفاتِ الممدوحِ ويًُطيلُ في إبرازِها، ولا يخلِطُهُ بفخرٍ ولا هَجْوِ خُصومٍ ، كما كان يفعلُ الفرزدقُ،فهو في بابِ المدحِ أعرقُ من الفرزدقِ،ويفْضُلُهُ فيه الأخطلُ س : ماذا عن مادَّةِ معاني ” جريرٍ ” الشِّعريَّةِ ؟ ج : نشأَ ” جريرٌ ” بالباديةِ وقضى فيها أكثرَ حياتِهِ ؛ فكانت مادَّةُ معانيِهِ مُستمَدَّةً من بيئةِ البدوِ ، مُضافًا إليهَا ما جـــاءَ بِهِ الإسلامُ من الشَّعائرِ والآدابِ والعبادةِ والموعظَةِ والحكمةِ ، فكان شعرُهُ وشعرُ الفرزدقِ يمثِّلانِ الحياةَ البدويَّةَ الإسلاميَّةَ كُلَّ التَّمثيلِ ، وبذلكَ سُمِّيَا هُما ونظراؤُهما من أهلِ ذلكَ العصرِ بالإسلامِيِّينَ 0 س : لماذا سُمِّي ” جريرٌ ” وأمثالُهُ بالشُّعراءِ الإسلامِيِّينَ ؟ ج : سُمُّوا بهذا الاسمِ ؛ لأنَّهم أَوَّلُ نابتةٍ من أهلِ الأدبِ في الإسلامِ ، ولم يَكُنْ قد دخلَ على الشِّعرِ شيءٌ من علومِ الأمم العريقةِ في مجالِهَا الحضاريِّ ( كالفرسِ واليونانِ والهنودِ ) ، الَّتي اِمتزجتْ بِأفكارِ الشُّعراءِ المُحدَثينَ ، من أمثالِ ” أبي تَمَّامِ ” و“ ابن الرُّوميِّ ” و ” المتنبِّي ” و“ أبي العلاءِ المَعَرِّي ” 0 س : وَبِمَ وُصِفَتْ مَعانيهِ الشِّعريَّةُ ؟ ج : وُصفتْ معانيهِ بأَنَّها كانت فِطريَّةً قريبةَ مِنَ الخُطورِ بالبالِ ، غير بعيدةِ الغَوْرِ ، كَطَبعِ ” جريرٍ ” نفسِهِ في السَّماحةِ والِّلينِ ، على غيرِ ما كانَ عليه ” الفرزدقُ ” من التَّعمُّقِ في المعاني والإيحاء بِهَا 0 س : ماذا عن ألفاظِ ” جريرٍ ” الشِّعريَّةِ ؟ ج : يقولُ جمعٌ من النُّقَّادِ : إنَّ الَّذي جعلَ معاني ” جريرً ” الشِّعريَّةَ تَنبُلُ وتَكبُرُ في صُدورِ الرُّواةِ ، وتُوجِعُ أفئدةَ المَهجوِّينَ ، إنَّما هو قوالبُ الألفاظِ الجزلةِ الَّتي صُبَّتْ فيها فحولةُ الأساليبِ الَّتي تزمَّلت بها ، وتهويل عبارتِها واِنسجامُها ، وحُسنُ جرسِها ، وخِفَّةُ وَقْعِهَا على أسماعِ الخاصَّةِ والعامَّةِ على حَدٍّ سواء ، وتأثيرها في نفوسِ الجميعِ كُلِّيَّةً الخلاصة في سُؤالٍ وإِجابَتِهِ : س : اِستَعْرِضْ ( اِستَعْرِضِي ) شهادةَ كُلٍّ مِنَ الفرزدقِ والأخطلِ في شعر جريرٍ ؟ ج : قيلَ : اِجتمعَ الفرزدقُ والأخطلُ فتذاكرا شعر ” جريرٍ ” ؛ فَأقَرَّا أَنَّهُ أَسْيَرُ منهما شِعرًا ؛ لأنَّ شِعرَهُ يرويهِ الخواصُّ والعَوامُّ والسُّوقةُ ، وشِعرُهُما لا يرويهِ إِلاَّ حُكماءُ الرُّواةِ ، وعلماءُ الأدبِ |
![]() |
#15 |
أكـاديـمـي مـشـارك
![]() |
رد: مقرر التذوق الأدبي
والله ما قصرتي يعطيك العافيه قموره
|
![]() |
#16 |
متميزةفي الساحة العامة للتعليم عن بعد
![]() |
رد: مقرر التذوق الأدبي
|
التعديل الأخير تم بواسطة كالقمر وحيدة ; 2010- 5- 17 الساعة 07:29 PM |
|
![]() |
#17 |
متميزةفي الساحة العامة للتعليم عن بعد
![]() |
رد: مقرر التذوق الأدبي
تسلم عاشق ماعملت غير الواجب
|
![]() |
#18 |
متميزةفي الساحة العامة للتعليم عن بعد
![]() |
رد: مقرر التذوق الأدبي
المحاضرةُ الثَّانية عشرةَ عليُّ بن الجَهِمِ يرثي الشَّاعرَ الكبيرَ ” أبَا تَمَّامٍ ” - أوَّلاً : النَّصُّ الشِّعريُّ : - يقولُ ”عليُّ بنُ الجَهِمِ ” في مَقطَعٍ من قصيدةٍ طويلةٍ راثيَا أُستاذَهُ وَرَفيقَ دربِهِ الشَّاعرَ الكبيرَ ” أبا تَمَّامٍ ” : 1 – غَاضَـــــــــــتْ بَدَائِعُ فِطْنَةِ الأوْهَامِ وَعَــــــــــدَتْ عَلَيْهَا نَكْبَةُ الأيَّامِ 2 – وَغَدَا الْقَرِيضُ ضَئِيلَ شَخْصٍ بَاكِيًا يَشْــــكُو رَزِيَّـــــــتَهُ إِلى الأقْلاَمِ 3 – وَتَأَوَّهَتْ غُــــــــــرَرُ الْقَوَافِي بَعْدَهُ وَرَمَى الزَّمَـانُ صَحِيحَهَا بِسُِقَامِ 4 – أَوْدَى مُثَقِّفُهَا وَرَائِــــــــــدُ صَعْبِهَا وَغَدِيــــرُ رَوِضَــتِهَا ”أَبُو تَمَّامِ ” - ثانيًا : معاني الكلماتِ : - غاضتْ :غاضَ الماءَ قلَّ وَنضُبَ 0 بدائع : مخترعات0الفطنة :الفهم0 الأوهام : الظُّنونُ ، وقيلَ : المَغالط 0 عدت : جاوزت 0 نكبةُ الأيَّام : جمعُها نكباتٍ وهي المَصائبُ 0 غدا : الغُدُوُّ : الإبكارُ ما بينَ صلاةِ الغَدَاةِ وطُلُوعِ الشَّمسِ 0 القريضُ : نظمُ الشِّعرِ، أو هو الشِّعرُ ذاتُهُ 0 0ضئيل : من الفعل ضَؤُلَ، وهو النَّحيفُ أو صغيرُ الجسمِ 0 رزيَّته : جمعها رزايا ، وهي المصيبةُ 0الأقلامُ : المُراد بها هنا : الشُّعراء والكُتَّابُ 0 تأَوَّهت : توجَّعت 0 غُرَرُ القوافي : أوَّلُها وأكرَمُها 0 السُِّقام :المَرَضُ ،وكذا السُّقم والسَّقَم : كالحُزْنِ والحَزَنِ أودى : أودى الرَّجُلُ :أي هلكَ فهو“ مُودٍ ”0مُثَقِّفُهَا : ثَقُف الرَّجُلُ : من بابِ ” ظَرُفَ ” أي صارَ حاذِقًا خفيفًا 0 رائضُ صعبِها : المُرَوِّضُ لصعبِها وفعلها 0 - غدير : الغديرُ قطعةُ الماءِ يُغادِرُها السَّيلُ 0 - الرَّوضةُ : أرضٌ خضراءُ من البَقْل والعِنَبِ والعُشب ، تجمعُ على : رَوْضٍ ورِيَاضٍ - ثالثًا : فكرةُ النَّصِّ : - تقومُ فكرةُ النَّصِّ على الرِّثاءِ الشَّاكي الباكي من شاعرٍ مُحِبٍّ إلى شاعرٍ آخرَ مَحبوبٍ ، ينطوي هذا الرِّثاءُ على جملةِ الَّلَوازم المُكَمِّلَةِ له من جِهةٍ، والمُعمِّقةِ له من جِهةٍ أخرى، من بدء المَقطوعة إلى منتهاها ، وليسَ أدلَّ على ذلكَ من صدورِ الغيضِ، والأوهامِ، ونكبةِ الأيَّامِ، والضآلة، والبُكاءِ، والشَّكوى، والرَّزيَّة، والتَّأوُّهِ، والسُِّقامِ ،والإيداءِ ، وغيرها من تلك الَّلوازمِ الَّتي تُعَمِّقُ الإحساسَ لدى المتلقِّي بالمأساةِ الَّتي يعيشُها الشَّاعرُ ” ابنُ الجَهِمِ ” تجاهَ أستاذِهِ ورفيقِ دربِهِ الشَّاعرِ الكبيرِ والرَّائدِ البديعيِّ ” أبي تَمَّامٍ ” 0 - رابعًا : المضمونُ : تنطوي هذه المقطوعةُ الشِّعريَّةُ على مضمونٍ رئيسٍ مُفادُهُ” الاستعذابُ “ بتلك المأساةِ ولها،وفي سياق هذا الاستعذابِ نلحظُ المضامينَ الفرعيَّة المتتابعة واحدًا بعدَ الآخَرِ ، من ذلك :غيضُ البدائعِ، وعدو نكبة الأيَّام ، وتحوُّلُ القريض إلى شخصٍ باكٍ ضعيفٍ ،وشكايته بعدَ ذلك الرَّزايا إلى الأقلامِ ( الكُتَّابِ والشُّعراءِ ) وتأَوُّه غررِ القوافي من رمي الزَّمانِ لصحيحِها بالدَّاءِ العُضالِ ، وفي الختامِ يهلك صاحبُ بل مصدرُ كلِّ ذلك ، وينأى الشِّعر بجانبِهِ بهلاكِ ذلك العلم الكبيرِ ” ابي تمَّامٍ ” - خامِسًا : الألفاظ : جاءتِ الألفاظُ – كمعجمٍ شعريٍّ – دالَّةً وقويَّةً، حيثُ اِنتقاها الشَّاعرُ انتقاءً جيِّدًا يبينُ عن حالةِ التَّوافقِ الَّتي يعيشُها الشَّاعرُ معَ لُغَتِهِ، والَّتي بدورها قادته إلى الانتقاءِ الصَّحيحِ والسَّليمِ ، نلحظُ هذا الانتقاءَ مُرتَكِزًا على المفرداتِ الدَّالَّةِ المعبِّرَةِ على النَّحو الآتي : ”غاضت، بدائع، عَدَت، نكبة، غدا، القريضِ، رزيَّتَه، وتأوَّهت، غرر، أودى، سقام، مثقِّفُها، رائضُ، غديرُ، وأخيرًا ” أبو تمَّامٍ ” 0 والحقيقةُ أنَّ هذه الألفاظَ، أوذلك المعجمَ الُّلغويَّ بَدَأَ بالغيضِ واِنتهى بالارْتِواءِ، في ظِلِّ الحدائقِ والرِّياضِ، بمعنى أنَّهُ بدَأَ بالسَّلب وانتهى بالإيجابِ ، لأنَّ الماءَ رمزُ الحياةِ والبقاء، إذا ما غابَ الماءُ غابتِ الحياةُ وإذا حضر أقبلتِ الحياةُ 0 سادسًا : المعاني : جاءت معاني تلك المقطوعةِ قويَّةً وعميقةً ؛ قويَّةً لأنَّها اِنطوت على دلالاتِ الرِّثاءِ، إذ يتشَكَّلُ الغيضُ، وتعدو الأيَّامُ، ويشكو القريضُ، وتتأوَّه القوافي بل غُررُها كذلكَ ، ويرمي الزَّمانُ الصَّحيحَ منها بدائِه ” السُِّقامِ ” ، ويودي مُثَقِّفُها بالهلاك، ويُرَوَّضُ صعبُهَا العسيرُ 0 وعميقَةً لأنَّها جَسَّدت سياقَ الرِّثاء تمامًا، وعمَّقت آثارَهُ تراتبًا من الأدنَى إلى الأعلى ،حيث بَدأت بالغيضِ ومرَّت بالسُِّقامِ وَاِنتهت بالإيداءِ أو الهلاكِ 0 وهذا بالطَّبعِ يعكسُ فطنةِ الشَّاعرِ وقدرَتَهُ على صوغِ سياقٍ تراجيديٍّ مُحْزِنٍ ، على إثر وفاة الشَّاعرِ الكبيرِ ” أبي تمَّامِ ”0 - سابعًا : الأسلوبُ : - النَّاظِرُ للوهلة الأولَى إلى هذه المَقطوعة الشِّعريَّة يلحظُ أنَّ أسلوبَها قد جاء في جملَتِهِ وتفصيلِهِ خبريًّا ، حيثُ اِعتمدَ في منطلقاتِهِ التَّركيبيَّة الجُمَلَ الخبريَّةَ، الَّتي تتشَكَّلُ عبرَ الأفعال الماضية والمضارعَة معًا، وإن مالت إلى الأفعالِ الماضيةِ وفقًا لسياقِ الرِّثاءِ نفسِهِ ، حيثُ يميلُ السِّياقُ في جملَتِهِ وتفصيلِهِ إلى الماضي ومآثِره بالنِّسبَةِ للمَرثِيّ 0 من هذه الجملِ الخبريَّةِ : 1- ” غَاضَتْ بَدَائِعُ فِطنةِ الأوهامِ ” 0 2 – ” وَعَدَتْ عَلَيْهَا نَكْبَةُ الأيَّامِ ” 0 3 – ” وَغَدَا القَرِيضُ ضَئيلَ شَخْصٍ بَاكِيًا ” 0 4 – ” يَشْكُو رَزِيَّتَهُ إِلَى الأقْلامِ ” 0 5 – ” وَتَأَوَّهَتْ غُرَرُ القَوَافِي بَعْدَهُ ” 0 6 – ” وَرَمَى الزَّمَانُ صَحِيحَهَا بِسُِقَامِ ” 0 7 – ” أَوْدَى مُثَقِّفُهَا وَرَائِضُ صَعْبِهَا00 وغَدِيرُ رَوْضَتِهَا أَبُو تَمَّامِ ” 0 إِنَّ هذه الجملَ السَّبع ،بلِ الثَّماني السَّابقةَ هي جملٌ فعليَّةٌ خبريَّةٌ بالدَّرجة الأولى ، وهي في واقع الأمر تَشملُ سبعة أشطرٍ شعريَّة ، أمَّا الشَّطرُ الثَّامنُ - المُكمِّلُ للأبياتِ الأربعَة – فهو جملةٌ اِسميَّةٌ ويَدخل هُوَ الآخرُ في عِدادِ الخبَرِ ، وهذا يشيرُ إلى أنَّ الشَّاعرَ يُريدُ الإخبارَ بجملَة أفعالِهِ الخبريَّةِ المُتنوِّعَةِ المتعدِّدَةِ عن حالِهِ مع الشَّاعرِ والعكس تماما - ثامنًا : الفعلُ الماضي : لقد أكثرَ الشَّاعرُ ” عليُّ بن الجَهِم “ من توظيفِ الفعلِ الماضي – بعد إيرادِهِ لَهُ – إِكثارًا لافِتًا للنَّظَرِ، يُعَبِّرُ بِقُوَّةٍ عن رؤيةٍ فنِّيَّةٍ جادَّةٍ تِجاهَ هذا الشِّاعر المرثيِّ ” أبي تَمَّامٍ ” ، إِذ إِنَّهُ في سياقِ الرِّثاءِ، والرِّثاءُ بدورِهِ يُنَقِّبُ عن محاسن المَيِّتِ، مهما كان اِسمُهُ أو شَخْصُهُ أو دورُهُ ، لأنَّ التَّنقيبَ عنها في الحاضِرِ ليسَ أمرًا منطقِيًّا ، من هنا نلحَظُهُ مُتَّكِئًا على الماضي لِيُقَدِّمَ لنا فعلاً ، بل جملَةً من الأفعالِ الماضيةِ المُؤثِّرةِ والمتنوِّعةِ ، تُشيرُ في مُجمَلِهَا – على تنوُّعِهَا الدِّلاليِّ – إلى ذكرِ فضائلِ ” أبي تَمَّامٍ ” ، نَلمسُ ذلك في قولِهِ : ” غَاضَتْ، عَدَتْ، غَدَا، تَأَوَّهَتْ، رَمَى، أََودَى ” إنَّ هذه الأفعالَ السَّابقةَ في جملَتِهَا – وَإِنْ لم يَتَّصِلْ بعضُها مباشرةً إلى الشَّاعرِ -؛ فَإِنَّهَا تُلَمِّحُ من بعيدٍ إلى أثَرِهِ وتأثيرِهِ ، إِذْ قَلَّتِ البدائِعُ الشِّعريَّةُ ، ومن أجلِهِ عَدَتْ نَكْبَةُ الأيَّامِ 0000 إلى آخرِ كُلِّ ذلك من دلالاتِ الماضي الإيجابيِّ الفاعلِ لذلكَ الشَّاعر الكبيرِ المُتَوَهِّجِ ” أبِي تَمَّامِ ” تاسِعًا : الفعلُ المُضارعُ : أشرنا في النُّقطةِ السَّابقَة إلى أنَّ الفعلَ الماضيَ قد تغَلَّبَ بحدَثِهِ ” المُنقضي ” على الحاضر، وهذا يَنُمُّ عن ميلِ الشَّاعرِ ” عليِّ بنِ الجَهمِ ” للمَآثِــــــــرِ الماضيةِ – كأمرٍ بَدَهِيٍّ – للمَرْثِيِّ ” المُتَوَفَّى ” ، لَكِنَّ هذا الفعلَ ” يشكو ” يُمَثِّلُ هنا حالةَ الحاضِرِ أو سِيَاقِهِ، وسياقُهُ هنا ليسَ من المَرْثِيِّ مباشرةً – في شَخْصِهِ أو اِسمِهِ -، وإنَّما من القريضِ، الَّذي لا يَــــــــــزَالُ يبكِي الشَّاعرَ المَرثِيَّ، وبُكَاؤُهُ هنا أودَى بِهِ إلى الشَّكوى، وشَكوَى المُصيبةِ للشَّاعرِ المَادِحِ بِوْجْهٍ خَاصٍّ - عاشِرًا : الصُّورةُ البيانيَّةُ : - تَجِيءُ الصُّورةُ البيانِيَّةُ هنا متنوِّعةً إلى حَدٍّ ما، على النَّحو الآتي : الصُّورةُ الأولَى : تتجَلَّى تلك الصُّورةُ في قولِ الشَّاعرِ ” غَاضَتْ بَدَائِعُ فَطْنَةِ الأوْهَامِ ”، فتلك صورةٌ اِستعاريَّةٌ ” مكْنِيَّةٌ ” حيثُ شَبَّهَ الشَّاعرُ ” البدَائِعَ ” قصائدَ ” أبي تَمَّامٍ ” بالماءِ، وحذفَ المُشبَّهَ بِهِ، وجاءَ بِإحدَى لَوَازِمِهِ ؛ وهي الغَيضُ، أو القلَّةُ، أو الحَبسُ، وهي صورةٌ ” مَكْنِيَّةٌ ” تلتزم التَّجسيمَ؛ لأنَّ الشَّاعرَ قد جعلَ للبدَائِعِ جسمًا 0 - الصُّورةُ الثَّانيةُ : تظهرُ تلك الصُّورةُ في قولِ الشَّاعرِ ” وَعَدَتْ علَيْهَا نكْبَةُ الأيَّامِ ” ، وتلك صورةٌ اِستعاريَّةٌ ” مكنيَّّةٌ ” ، حيثُ شبّهَ الشَّاعرُ نكبةَ الأيَّامِ بِإِنسانٍ أو كائنٍ حَيٍّ ، وحذفَ المُشبَّهَ بِهِ ، وجاءَ بإحدَى لوَازِمِهِ ، وهي ” العَدْوُ ” ، وقد مالت تلك الصُّورةُ إلى ” التَّشخيصِ ” - الصُّورةُ الثَّالثَةُ : تبدو تلكَ الصُّورةُ في قولِ الشَّاعرِ ” وَغَدَا القَرِيضُ بَاكِيًا ”، فهذه صورةٌ اِستعارِيَّةٌ ” مكنيَّةٌ ” ثالثةٌ، حيثُ شبَّهَ الشِّاعرُ ” القريضَ ” بِإِنسانٍ يبكي وحذفَ المشبَّهَ بِِهِ، وجاء بِإِحدَى لَوَازِمِهِ، وهي البُكاءُ 0وتلتزمُ تلك الصُّورةُ عنصرَ التَّشخيضِ، لأنَّ البكاءَ – كما يقولُ علماءُ الإنسانيَّةِ - صِفةٌ من صفاتِ الكائنِ الحيِّ ، والإنسانِ منه بشكلٍ خاصٍّ 0 - الصُّورةُ الرَّابعةُ :تتشكَّلُ تلك الصُّورةُ في قولِ الشَّاعرِ ” يشكو رَزيَّتَهُ ” – يقصدُ القريضَ - ،إذ شبَّهَ الشَّاعرُ القريضَ بِإنسانٍ شَاكٍ ، وحذف المُشَبَّهَ بِهِ ، وجاءَ بِإحــــــدى لوازمِه ِ، وهي الشَّكوَى ، وتلكَ صورة ” تشخيصيَّةٌ ” 0 - الصُّورةُ الخامسَة : تظهَرُ تلك الصُّورةُ في قولِ الشَّاعرِ ” إلى الأقلامِ ”، فتلكَ صورةٌ بيانيَّةٌ ” مجازِيَّةٌ ” تغدو – تحديدًا – مجازًا مُرسلاً،علاقتهُ الجزئيَّة من جهةٍ، والسَّببيَّة من جهةٍ أخرَى، إذ راح يعبِّر بالجُزْء عن الكلِّ ، لأنَّ الأقلام رمزٌ للادباء والكُتَّابِ وجزءٌ لا يتَجَزَّأُ من كتابتِهِم 0 - الصُّورةُ السَّادسَةُ : تتشكَّلُ تلكَ الصُّورةُ في قولِ الشَّاعرِ ” وَتَأَوَّهَتْ غُرَرُ القَوَافِي بعدَهُ ” ، وتلك صورةٌ اِستعاريَّةٌ ” مَكْنِيَّةٌ ” ، حيثُ شَبَّهَ الشَّاعرُ ” غُرَرَ القَوَافِي ” بالإنسانٍ ، وحذف المُشبَّهَ بِهِ ” الإنسان ” ، وجاءَ بِإحدَى لَوَازِمِهِ وهي ” التَّأَوُّهُ ” التَّوجُّعُ ، وقد مالت تلك الصُّورةُ إلى التَّشخيصِ كذلك 0 - الصُّورةُ السَّابعَةُ : تتشَكَّلُ في قولِ الشَّاعر ” وَرَمَى الزَّمانُ صحِيحَهَا بِسُِقَامِ ”،تلك صورة استعاريَّةٌ ” مركَّبَةٌ ”،فهي أوَّلاً : استعارةٌ ” مكنيَّةٌ ” ،وهي ثانيًا : استعارةٌ ” تصريحيَّةٌ ”0 هي ” مكنيَّةٌ ” لأنَّ الشَّاعر هنا شبَّهَ الزَّمانَ بـ “ إنسانِ ” وحذف ” الإنسانَ ”، وجاءَ بإجدى لََوَازِمِهِ وهي الرَّميُ، وهي ” تصريحيَّةٌ ” لأنَّ الشَّاعرَ شَبَّهَ (المَرْمِيَّ ) أي الشَّيء الَّذي يُرْمَى بـ ” السُِّقامِ ” الدَّاءِ، وحذف المُشَبَّهَ، وذكرَ المشَبَّهِ بِهِ ” السُِّقامَ ” صراحةً 0 وتلكَ الصُّورةُ المُرَكَّبةُ مالت إلى التجسيمِ والتَّشخيصِ معًا 0 - الصُّورةُ الثَّامنةُ :تتمَثَّلُ تلكَ الصُّورةُ في قولِ الشَّاعرِ“ وغَدِيرُ رَوْضَتِهَا أَبُو تَمَّامِ ”، تلكَ صورةٌ تَشبيهِيَّةٌ ” بليغَةٌ ”، حيثُ شَبَّهَ الشَّاعرُ ” اِبنُ الجَهِمِ ” أَستاذَهُ ورَفِيقَ دَرْبِهِ ” أَبَا تَمَّامٍ ” بِغديرِ الماءِ المُتَساقطِ ، الَّذي يعلو ربوةً منيفةً، وحذفَ أداةَ التَّشبيهِ مُبالغَةً ، ووجْهُ الشِّبَهِ بينَهُمَا ” الإحياءُ ” 0 لأنَّ ” أَبَا تَمِّامٍ ” يغدو مَوردَ ماءٍ للشِّعرِ ،إذ يرويهِ برُوحِهِ وفَنِّهِ ولُغَتِهِ وإبداعِهِ المُتَفَرِّدِ 0 وأنَّ الغديرَ – كما هو معلومٌ – مَوْرِدُ ماءٍ للرَّوضَةِ ، إِذ يروي، بل يُغّذِّي نبتَها وثمارَها و عشبَهَا ويُزَيِّنُهَا كذلك 0 - أحدَ عشر : المُحسِّن البديعِيُّ : 1– الجِناسُ النَّاقصُ : - ظهرَ ذلك ” الجِناسُ النَّاقصُ ” بِدَورِهِ في الدَّوالِّ الآتية : - ” الأوهام : الأيَّام ”، و ” أقلام : سُِقام ”، و“ صَعبها : صحيحَها ” 0إِنَّ جملةَ هذهِ الجناساتِ ” النَّاقصةِ ” تعطي جرسًا موسيقيَّا متناغِمًا وعاليًا ، لأنَّ مُعظَمَها اِنتهى بِرَوِيِِّ ” الميمِ المَكسورة ”، وهو من الأصواتِ الشَّبيهةِ بأصواتِ الِّلينِ والمّدِّ، لِيجيءَ البعدُ الموسيقِيُّ العالي متوافِقًا مع حالةِ الانكسارِِ الَّتي يعيشُها الشَّاعرُ بوفاةِ ” أبي تَمَّامٍ ”، فكسرُ الرَّويِّ يعطي دلالةَ الانكسارِ للشَّاعرِ الرَّاثي ، وصوتُ الميمِ كصوتٍ جهوريٍّ ممتَدٍّ يعلي من حالةِ الهَياجِ بل الصُّراخِ الَّتي انتابت الشَّاعرَ على مرثِيِّهِ ” أبي تَمَّام ” 0 2 – الطِّباقُ : يبدو الطِّباق هنا في صيغةِ واحدة ” صحيحها : سُقام ” والحقُّ أنَّ هذا الطِّياقَ وإِنْ أبــــرزَ الدِّلالَتينِ المُتقابلَتَينِ ( الصِّحَّة / المرض أو السُّقام )، لَيُبينُ عن سياقِ الرِّثاءِ إِبانَةً دالَّةً، إذ لا تتكَشَّفُ دلالةُ هذا السِّياقِ ” التِّراجيديِّ ” إلاَّ بِحضُورِ هذا الطِّباقِ ، كما أنَّهُ يُحدثُ في الوقتِ نفسِهِ جرسًا موسيقيًّا خفيفًا ومقبولاً ، يستقطبُ صوتَ أو صياحَ تلك المأساةِ 0 اِثنا عشر : صيغةُ المبالغةِ : - لقد أكثرَ ” اِبنُ الجهِمِ ” من صيغِ المبالغة، نلمسها في قولِهِ : ” القريض، ضئيل ، صحيح ، غدير ، سُِقام ” ، يضافُ إلى كُلِّ ذلك ” فِطْنَة – ونكبة – ومَثَقِّفُهَا ” ، فضلاً عن الفعلِ الماضي المُضَعَّفِ ” تَأَوَّهَتْ ”، لِيبدُوَ كلُّ ذلك سبيلاً إلى المبالغةِ في تصويرِ المأساة وتجسيدِهَا، ومن ثَمَّ الإحساس بالصِّدقِ في توصيلِ الرِّسالة الشِّعرِيَّةِ الهادفة0 - ثلاثَةَ عشرَ : صيغُ الجمعِ : حاولَ الشَّاعرُ ” ابنُ الجَهِمِ ” أَنْ يُعَمِّقَ الإحساسَ بِمأساتِهِ في الشَّاعر ” أبي تَمَّامٍ ”؛ لِذَا وجدناهُ يكثرُ من صيغِ الجمعِ، نلمسُ ذلك في قولِهِ : ” بَدَائع ، أوهام ، أيَّام ، أقلام ، غُرر ، قوافي ”، فكلُّ هذه الجموعِ على تنوُّعها ، تكثِرُ بل تُكبرُ من حجمِ المأساةِ ، وكأَنَّهُ هنا يُصَوِّرُها مُشركًا معهُ القارئَ أو السَّامعَ أو المتلَقِّي، ويكشف بالتَّالي لَهُ عن حجمِها أو درجتِهَا الَّتي تتكاثرُ في صيغِ الجمعِ، بل في صيغِ مُنتَهى الجُمُوعِ ، بشكلٍ خاصٍّ ، ويتزايدُ حجمُهَا وطبيعَتُهَا ودرجتُها بتزايُدِ الجمعِ نفسِهِ على المستوى الكَمِّيِّ ” العَدَدِيِّ ” مــــــــرَّةً ، وعلى المُستوى البِنائيِّ ” الَّلَفظِيِّ ” مَرَّةً أخرى |
![]() |
#19 |
أكـاديـمـي نــشـط
![]() |
رد: مقرر التذوق الأدبي
يعطيك العافيه اختي
|
![]() |
#20 |
المشرفة العامة
منتدى التربية الخاصة سابقآ ![]() |
رد: مقرر التذوق الأدبي
مشكورة يالغلا على المجهود ^_^
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الكلمات الدلالية (Tags) |
مقرر, الأدبي, التذوق |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
اللقاء المباشر لمادة التذوق الادبي | الفيصلاوي | المستوى الأول - كلية الأداب | 21 | 2010- 5- 27 08:38 PM |
ملزمة التذوق .. بشكلها المكتمل والمنسق ،، | رحـآل | المستوى الأول - كلية الأداب | 28 | 2010- 5- 16 08:39 PM |
التذوق الادبي البحث النهائي سنه تحضيريه جغرافيااا | مجنونتها | منتدى كلية الآداب بالدمام | 1 | 2010- 5- 9 10:30 PM |
وش حذف لكم دكتور التذوق الادبي من الملزمه الترم الاول ؟؟؟؟؟؟؟ | Saudi Girl | المستوى الأول - كلية الأداب | 5 | 2010- 5- 9 02:52 AM |
تقسيم الدرجات بمادة النقد الأدبي الحديث | عربية | منتدى كلية الآداب بالدمام | 5 | 2010- 4- 28 03:25 AM |