|
مكتبة الملتقى للكتب والإصدارات الأدبية والفكرية والفلسفيه |
![]() |
|
أدوات الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
مقالان / من أنت ؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
مقالان يحملان اسماً واحداً الأول / للأستاذ هشام محمد سعيد قربان الثاني / فواز بن ناصر مَن أنت؟ هذا سؤالٌ قصيرٌ طلَبتُ إجابته من مِئاتٍ من الطلاب في المرحلة الثانويَّة، خلال مقدمة لورشة عمل تتحدَّث عن أهميَّة التَّخطيط للمستقبل، وترَكتُ حريَّة الإجابة للطلاَّب دون تقيُّد بأيِّ إطارٍ فكري أو منهجيَّة للحل، ولقد انحصَرَت الأجوبة في مجملها في جوابٍ محدودٍ ويسير: أنا فلان بن فلان، وأثار هذا الجواب بعضَ التساؤلات والتأمُّلات التي تتمَحوَر حول موضوعٍ يشغلني كثيرًا، هو: الوعي بالذات. هل تُفِيد هذه الإجابة انحِصار مفهوم الذات لدى هؤلاء الناشِئة في أسمائهم وأنسابهم؟ هل من الإنصاف أنْ نتوقَّع إجابات أكثَر تفصيلاً تَعكِس وعيًا عميقًا بالذات من طلاب في هذه المرحلة العمريَّة؟ هل تحرص مناهج التربية والتعليم على أنْ تكون معرفة الذات ضمن أهدافها المرحليَّة؟ هل ساءَلنا عُلَماء النفس والشريعة عن الخط الزمني لتشكُّل وارتِقاء الوعي بالذات الإنسانيَّة؟ هل ستختَلِف الإجابة كثيرًا إذا طرَحنا السؤال نفسَه علينا نحن الكبار، أو مَن نظنُّ أنَّنا أكبر وأكثر إدراكًا ووعيًا بذَواتِنا؟ كم من الوقت والجهد والفكر والبحث والنِّقاش نستَثمِر بهدف زيادة وعينا بذواتنا؟ يقول الخالق - عزَّ وجلَّ -: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا ﴾ [الشمس: 9]، هذه آيةٌ كريمةٌ حفظناها منذ نعومة أظفارنا، وكبِرْنا وأصداؤها لم تزَل عالقةً بذاكرتنا دون أنْ نُولِيها حقَّها من الفهم والتطبيق العملي، تُصوِّر هذه الكلماتُ الإلهيَّة الحياةَ بأنها رحلة تزكية للنفس، وبمقدار التزكية يكون الفلاح في الدارين، ومن المعلوم أنَّ تزكية النفس لا تستَقِيم إلاَّ على أساسٍ مَتِين من الوعي والإدراك بها. عجيبةٌ هذه النفس الإنسانيَّة! نجهَل الكثير من جوانبها أو نَتجاهَلها وهي قريبةٌ منَّا وبين أضلعنا، هل نغرس في أطفالنا وطلاَّبنا بُذُور الوعي بالذات، أم أنَّنا نتركها للعفويَّة والمصادَفة؟ هل نُذكِّر أنفسَنا وأولادنا بأنَّنا أكثر بكثيرٍ من مجرَّد اسمٍ اختارَه غيرنا لنا، ونَسَب نفاخر به مع أنَّنا لم نجتهد في الحصول عليه؟ أنا أكثر وأكبر بكثيرٍ من اسمي، هذه هي الإجابة التي اجتَهدنا أنْ نلفت أنظار الناشئة إليها، إنَّ ذاتي أكثر من اسمي؛ فأنا اسمٌ ودين وقيم وتاريخ وطموحات وأحلام وأدوار مختلفة، أنا خليفة الله في أرضه، أنا انتماءٌ حيٌّ لخير أمَّة أُخرِجت للناس، أنا ماضٍ وحاضر ومستقبل، أنا عاملٌ أتعبَّد ربي بالإتقان في كلِّ عمل أؤدِّيه، أنا صاحب همَّة عالية ليس لها حدٌّ إلا جنَّة عرضها السموات والأرض، أنا صاحب مواهب وطاقات اختصَّني الله بها دون كلِّ المخلوقات، وكلَّفني باكتِشافها وتطويرها وتسخيرها لخير الدنيا والآخِرة، أنا جَوانِب كثيرةٌ تجعلني بحقٍّ أكثر وأكبر من اسمي ونسبي. إنَّ خيرَ ما يُختَم به الحديث عن الوعي بالذات، هو الفائدة العمليَّة؛ فإنَّ مَن يعرف نفسَه كخليفة الله في أرضه وفق هديِه وشرعه، وأنَّه ينتَمِي إلى أمَّة الخيريَّة والشهادة - فهو بلا شكٍّ يثمن ذاته ويُنزِلها منزلتها العالية، التي تترفَّع عن سَفاسِف الأمور وكل ما لا يَلِيق بها، إنَّ الوعي النَّشِط والمُتَنامِي للذات يُولِّد المرجعيَّة المُثلَى في الفكر والسلوك، والطموح والإبداع والتميُّز، إنَّ مَن يَعِي ذاته من خِلال دراسة وتحليل لتاريخ أمَّته وأسباب عزَّتها، لا شكَّ يشعُر بمزيجٍ من الفخر بماضيها المُشرِق، والحرقة والشَّوق الدافعين إلى العمل الجاد الذي يهدف إلى إعادة عزَّتها، وهو مُوقِنٌ بأنَّ الله لا يُخلِف وعدَه، وشتَّان بين مَن يمشي مكبًّا على وجهه، لا يعرف ذاته ولا يثمنها، ومَن يمشي سويًّا على صراط مستقيمٍ، أساسه الوعي المتجدِّد بالذات، وتزكيتها الواعية، والمنهجيَّة على درب الفلاح والسَّعادة . نشر في موقع الألوكة ومواقع أخرى .. |
![]() |
#2 |
أكـاديـمـي ذهـبـي
![]() |
رد: مقالان / من أنت ؟
مقال / من أنت ؟ فواز بن ناصر هذا السُّؤال قام بِطَرْحه الأستاذُ هشام محمد سعيد قربان على طُلاَّبه في المرحلة الثانويَّة، فانحصرَتْ أجوبة الطُّلاب على جوابٍ يسير، هو: أنا فُلان بن فلان، وهذا الجواب يدلُّنا على النَّقْص الذي تُعانيه ذوات الطُّلاب, وهذا ما اكتشَفَه الأستاذ هشام محمد سعيد قربان. وأنا أقول: نَحْن نعاني فعلاً من عدَمِ إدراك الوعي الذَّاتي في مُجتمعنا، وليس الأمر حصرًا على طُلاَّبنا، بل الأمر يَزِيد فيهم. وهذا السُّؤال يُطرَح كثيرًا في المُقابَلات الشخصيَّة؛ سواء عند التقدُّم إلى وظيفةٍ ما أو مُقابلةٍ ما، والعجيب أنَّ عند اختبار المقابلة الشخصيَّة يُطرَح هذا السُّؤال بشكلٍ غبي، فالأستاذ أو الدكتور أو أيُّ شخص يسأل عن اسم المتقدِّم، وهو يراه بين عينَيْه كاملاً ملصقًا على ورقةٍ بيضاء بين خطوط سوداء، وهذا الأمر يَجْعل المختَبِر أو المتقدِّم في دوَّامة الخوف، وإرهاب المقابلة الشخصية. حاولتُ ببحثٍ سَريع أن أجد مَن أجاب عن هذا السُّؤال بطريقةٍ أُخرى، طريقة تَلْفت النَّظَر، طريقة تدلُّ على قوَّة الشخصيَّة، قوة الذات، عِزَّة المرء بِنَفسه... إلخ. فوجَدْتُها أوَّلاً في نبينًا محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - حينما قال: ((أنا النبِيُّ لا كَذِب، أنا ابن عبدالمطَّلب)) فهو - صلَّى الله عليه وسلَّم - يدرك مَن هو، ولا يساوره شكٌّ في نفسه، يقول بالمعنى: إن أردتموها سماويَّة فأنا النبِيُّ المُرسَل للبشر، وإن أردتُموها أرضيَّة فأنا ابن عبدالمطلب. وممن وجدت - أيضًا - الفارس الأسود؛ فارس بني عَبْس عنترة بن شداد، فقد أجاب عن هذا السُّؤال بقصيدةٍ له، يقول فيها: أَنَا فِي الْحَرْبِ العَوَانِ ![]() غَيْرُ مَجْهُولِ الْمَكَانِ ![]() أَيْنَمَا نَادَى الْمُنَادِي ![]() فِي دُجَى النَّقْعِ يَرَانِي ![]() وَحُسَامِي مَعْ قَنَاتِي ![]() لِفِعَالِي شَاهِدَانِ ![]() أَنَّنِي أَطْعَنُ خَصْمِي ![]() وَهْوَ يَقْظَانُ الْجَنَانِ ![]() أَسْقِهِ كَأْسَ الْمَنَايَا ![]() وَقِرَاهَا مِنْهُ دَانِي ![]() أُشْعِلُ النَّارَ بِبَأْسِي ![]() وَأَطَاهَا بِجَنَانِي ![]() إِنَّنِي لَيْثٌ عَبُوسٌ ![]() لَيْسَ لِي فِي الْخَلْقِ ثَانِي ![]() وعنترَةُ بن شدَّاد يفتخر بنفسه دائمًا أينما حلَّ، ولا يُنْزل نفسه إلاَّ للهَوى، وهذا شَرُّ ما فيه! وقد أجاب عن سؤالنا هذا شاغِلُ الأمَّة بشِعْره، أبو الطيب المتنبِّي، حيث قال: أَنَا ابْنُ اللِّقَاءِ أَنَا ابْنُ السَّخَاءِ ![]() أَنَا ابْنُ الضِّرَابِ أَنَا ابْنُ الطِّعَانِ ![]() أَنَا ابْنُ الفَيَافِي أَنَا ابْنُ القَوَافِي ![]() أَنَا ابْنُ السُّرُوجِ أَنَا ابْنُ الرِّعَانِ ![]() طَوِيلُ النِّجَادِ طَوِيلُ العِمَادِ ![]() طَوِيلُ القَنَاةِ طَوِيلُ السِّنَانِ ![]() حَدِيدُ اللِّحَاظِ حَدِيدُ الْحِفَاظِ ![]() حَدِيدُ الْحُسَامِ حَدِيدُ الْجَنَانِ ![]() يُسَابِقُ سَيْفِي مَنَايَا العِبَادِ ![]() إِلَيْهِمْ كَأَنَّهُمَا فِي رِهَانِ ![]() يَرَى حَدُّهُ غَامِضَاتِ القُلُوبِ ![]() إِذَا كُنْتُ فِي هَبْوَةٍ لاَ أَرَانِي ![]() سَأَجْعَلُهُ حَكَمًا فِي النُّفُوسِ ![]() وَلَوْ نَابَ عَنْهُ لِسَانِي كَفَانِي ![]() وقد قال في أبياتٍ أخرى: أَنَا الَّذِي نَظَرَ الأَعْمَى إِلَى أَدَبِي ![]() وَأَسْمَعَتْ كَلِمَاتِي مَنْ بِهِ صَمَمُ ![]() فَالْخَيْلُ وَاللَّيْلُ وَالبَيْداءُ تَعرِفُنِي ![]() وَالسَّيْفُ وَالرُّمْحُ وَالقِرْطَاسُ وَالقَلَمُ ![]() وهذه من صفات العرب قديمًا التي اكتسَبوها من عدَّة أمور - أراها بنظري - منها: صعوبة العَيْش، والتَّربية القاسية، والطعام الذي يقتاتون منه! وقد قمت بِمُراقبة أسرتي حينما يُطرَح عليهم هذا السُّؤال، فأجابوا كما أجاب طُلاَّب الأستاذ هشام، إلاَّ أبي وأُمِّي، فلا يجيبونك بالإجابة المعتادة، بل يَصِفون أنفسهم وصفًا يدُلُّ عليهم، وأحَلْت هذا الأمر إلى الحياة القاسية التي ترَعْرعوا فيها، وإلى لحم الإبِل الَّذي كانوا يأكلون، وبِهذه أخصُّ والدي فقط! فهل سوف تُجيب عن هذا السُّؤال من الآن بالإجابة المعروفة: أنا فُلان بن فلان، أم أنَّك سوف تجيب عليه بِما يدلُّ على قوَّة ذاتك وشخصيتك؟ اقرأ سِيَر العُظَماء؛ لِتَعرف كيف أجابوا عن هذا السُّؤال في ورقة الحياة، ولا تُهمِّش الآخَرين وتَحْتقرهم! ..
نشر أيضاً في موقع الألوكة .. |
![]() |
![]() |
#3 |
صديقة مكتبة الملتقى
![]() |
رد: مقالان / من أنت ؟
من أروع ما قرات..اصبت في مقالتك وانتقائك لمقالة الاستاذ هشام
.. صحيح لم اتربى كما ابي واجدادي لكن ولله الحمد والدي غرس فيني كيف اعي بذاتي فنميت شخصة مقدرة لذاتي..مؤمنة بقدراتي..انظر في المرايه وارى روح عاليه..لهم الامة حامله..ولتحقيق الطموحات ساعيه.. .. أنا أكثر وأكبر بكثيرٍ من اسمي، هذه هي الإجابة التي اجتَهدنا أنْ نلفت أنظار الناشئة إليها، إنَّ ذاتي أكثر من اسمي؛ فأنا اسمٌ ودين وقيم وتاريخ وطموحات وأحلام وأدوار مختلفة، أنا خليفة الله في أرضه، أنا انتماءٌ حيٌّ لخير أمَّة أُخرِجت للناس، أنا ماضٍ وحاضر ومستقبل، أنا عاملٌ أتعبَّد ربي بالإتقان في كلِّ عمل أؤدِّيه، أنا صاحب همَّة عالية ليس لها حدٌّ إلا جنَّة عرضها السموات والأرض، أنا صاحب مواهب وطاقات اختصَّني الله بها دون كلِّ المخلوقات، وكلَّفني باكتِشافها وتطويرها وتسخيرها لخير الدنيا والآخِرة، أنا جَوانِب كثيرةٌ تجعلني بحقٍّ أكثر وأكبر من اسمي ونسبي. .. بارك الله فيك اخ فواز |
![]() |
![]() |
#4 | |
أكـاديـمـي ذهـبـي
![]() |
رد: مقالان / من أنت ؟
اقتباس:
.. وأحييك على هذه الهمة العالية التي تنقص الكثير من شباب وفتيات اليوم اللاهين مع ملذات هذه الدنيا , ونسوا وتقاعسوا عن أهمية وجودهم اليوم ! .. سوف يكون لوالدك الفخر أن تكون أنت ابنته .. .. حفظك الله , وبلغك مناك .. وأشكرك على التقييم |
|
![]() |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الكلمات الدلالية (Tags) |
أنت, مقالان |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|