|
ملتقى المواضيع العامة منتدى المواضيع العامة والنقاش الهادف |
![]() |
|
أدوات الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
جدلية الوعي و الحرية ؛ حريتك تتسع باتساع وعيك !
جدلية الوعي و الحرية ؛ حريتك تتسع باتساع وعيك !
بقلمي: Tariq.Q "ليس الظلم بذاته ما يصنع الثورات، ولكنه الإحساس به" بهذه الجملة الذكية من الفيلسوف الفطن والنبيه جان جاك روسو يُفرق بين الحدث في ذاته وبين استجابتنا له .. الحدث في ذاته صامت، مُحايد الى حد ما، حيث ان وعينا يتفاعل مع الحدث في صياغة المعنى النهائي وبالتالي التصرف والاستجابة له. كيف نُفسر تعدد ردود الأفعال إزاء الأحداث المُتشابهة، بل والمُتطابقة !؟ ليس بالضرورة أن تتشابه ردود الأفعال الفردية والاجتماعية فيما لو خضعت لنفس الظروف، فثمة عوامل تدخل في صياغة المُعادلة أبرزها "الوعي" الذي عن طريقه تأتي الإرادة التي ترفض الحتم التاريخي وقد تتطوح بجميع التوقعات والتنبؤات. إنها الإرادة الحُرة، تلك الحرية التي تجعلك تستطيع اختيار توجهك مهما كانت الظروف المحيطة بك ، أنها آخر حريات البشر كما أسماها الطبيب النمساوي فرانكل الذي صاغ نظريته العلاجية وهو في معتقلات الموت والرعب النازية التي فقد فيها أسرته كلها ماعدا أخت واحدة. يكمن سر الصعوبة والتأخر –النسبي-في مجال العلوم الاجتماعية والإنسانية وما يجعلها أقل من حيث الدقة في التنبؤ والتوقع مقارنة بالعلوم الطبيعية التي تعتمد على المنهج التجريبي راجع بصورة كبيرة الى مسألة "الإرادة الحرة" لدى الكائنات العاقلة، إذ أنها خارجة على كل حتمية تحاول قولبتها في صيغ محددة لا تتجاوزها. أن الإنسان هو الكائن الوحيد صاحب التاريخ كما أوضح ذلك روسو، فهو قادر بواسطة حريته على تجاوز الأطر السابقة على وجوده بعكس باقِ الكائنات الأدنى من حيث "الوعي"، وهذا هو جوهر الوجودية الذي يعبر عنه سارتر بعبارته الشهيرة: "الوجود سابق على الماهية"؛ بمعنى أننا نحن نحمل على عاتقنا مسئولية خلق ماهيتنا الفردية بعيداً عن الأطر السابقة على وجودنا. لو تأملنا حياة النحل قبل ملايين السنوات سنجدها لا تختلف في شيء عن حياة النحل في القرن الواحد والعشرين! إذ ان الغريزة هي التي تُسير شؤونها بشكل شبه آلي، فلا يوجد تاريخ لها، فالتاريخ رهن بمن يمتلك وعي يتيح له إمكانية الاختيار الواعي بين عدد من البدائل، وكلما أزداد الوعي لدى الكائن كلما ابتعد عن الآلية الثابتة كما هي عند النحل، فالكلاب أقل آليه عن النحل والنمل الذي يعتمد على غريزته بصوره شبه كُلية، وهذا عائد لامتلاك الكلاب "وعي /عقل" أكبر منه لدى تلك الكائنات الغريزية التي تستطيع التنبؤ بآلية عملها أكثر من الكائنات العاقلة التي تجد نموذجها الأكمل من حيث الوعي عند الإنسان. هل لهذا الأمر تبعات ولوازم !؟ نعم ، ثمة تبعات منها ما يتعلق بالجانب الأخلاقي، طالما كان الإنسان حراً في اختياراته وإن لم تكن حرية كاملة فهو ما يزال محكوماً بغرائزه كما يطلق عليها النمساوي "فرويد"، وشهواته ورغباته كما يسميها الإنجليزي "توماس هوبز". إذ الإنسان وان كان في داخله جانب حيواني (غرائزه) فهو يمتلك أيضاً جانب إنساني يتفرد به دون الكائنات الأخرى. فالإنسان هو كائن يستطيع أن يكون فاضلاً ويتمثل سبل الخير، وبإمكانه كذلك أن يكون شيطاناً ويسلك سبل الغواية والشرور. فهو إنسان سواء حينما يأتي فعل فاضل أو شرير، اذ أنه يسكن بين جناحيه ملاك وشيطان. لذلك نجد الإنسان الذي جاء بفن "الرسم" جاء أيضاً بفن "التعذيب"! فالتعذيب هو براءة اختراع للإنسان فالكائنات الأخرى قد تفترس بدون تفكير الا انه لن يخطر في بالها أن تُعذب كائن آخر لغرض التعذيب وجني المتعة من وراء آلام الآخرين! لن نجد بين تلك (الحيوانات) من يقوم بنفس ما فعله ذلك الجندي الصربي الذي أخرج كبد ذلك الطفل البوسني ليرغم جده على أكلها! لن نجد بين هذه الوحوش الضارية في البراري حيوان يأمر بتقطيع أوصال كائن آخر لتنشوي أمام صاحبها حيا كما فعل والي البصرة مع عبد الله بن المقفع امعاناً في التشفي! ولا نجد في كل حيوانات هذا الكوكب البائس حيوان يستمد سعادته بمد البسط فوق أجساد تحتضر وتئن تحت وطأة جراحها لتتناول الطعام فوقها كما فعل الخليفة السفاح العباسي بالقلة المُتبقية من بني امية بعد نجاح ثورة العباسيين وتمكنهم من الحكم! وتاريخ الإنسانية ينضح بمثل هذه البشاعات، بل حتى اليوم وفي ظل هيمنة ثقافة حقوق الإنسان نجد احداث أقل ما يقال انها عار في جبين الإنسانية لن تمحوها جميع الشعارات البراقة التي تُمجد الإنسان، يكفي ان تفتح أقرب قناة أخباريه لترى الفظاعات تملأ الأرض وليس سجن أبو غريب الا غيض من فيض! نعود مرة أخرى لمقولة روسو "ليس الظلم بذاته ما يصنع الثورات، ولكنه الإحساس به"و التي انطلقنا منها بعد أن أفضنا في تقرير مسألة الحرية والاختيار عند الإنسان، إن اختياراتنا تتحدد بشكل كبير بوعينا بالواقع، فليس الواقع بذاته ما يرسم حدود أفعالنا، أنما التفاعل بينهما - الواقع والوعي- هي ما يُحدد مصيرنا، ومصيرنا الحالي هو مادة التاريخ غداً، فلا يكفي أن يحصل الظلم حتى يغضب المظلوم! ولا يكفي أن يعيش الإنسان في الحضيض حتى تستبد به رغبة النهوض والكرامة، فالواقع شيء و"وعيك به" شيء آخر. فقد يشقى ذو العقل في النعيم بعقله ، وقد يسعد أخو الجهالة وهو غارق في الشقاوة لعدم إدراكه لبؤسه ! ولله في خلقه شؤون. التعديل الأخير تم بواسطة Tariq.Q ; 2016- 6- 25 الساعة 11:30 AM |
![]() |
#2 |
:: المراقب العام ::
الساحة العامة ![]() |
رد: جدلية الوعي و الحرية ؛ حريتك تتسع باتساع وعيك !
الحمدلله على نعمة العقل, الذي نأمل أن يكون سببا في دخول الجنة وليس سببا لتدمير العالم ودخول النار
أفكار جميلة جدا (عجبتني فكرة النحل) يعطيك العافية عزيزي |
![]() |
![]() |
#3 |
:: مشرفة ::
ملتقى الصور و عالم التصوير ![]() |
رد: جدلية الوعي و الحرية ؛ حريتك تتسع باتساع وعيك !
من يشغل عقله بالتفكر والتدبر وبالمنطق والاعتدال يكون حرا كما خلقه الله عز وجل وأراده ان يكون ، أسئل الله ان يجعل عقولنا سببا لدخول الجنه وليس سبب في نشر الفساد والدمار شكرا ع الموضوع .
|
![]() |
![]() |
#4 |
:: مشرفة ::
ملتقى الفنون الأدبية سابقاً ![]() |
رد: جدلية الوعي و الحرية ؛ حريتك تتسع باتساع وعيك !
اعجبني ربطك لمفهوم الحرية والوعي من ناحية نفسية
تحدثت عن تعدد ردود الأفعال لدى الاشخاص وذلك بسبب اختلاف الإدراك والعمليات المعرفية بينهم (الوعي) لكن انتقد استشهادك بنظرية العالم فرويد الذي فسر ان سلوك الانسان يكون محكوم بغرائزه وشهواته الذي انتقدها الكثير من بعده . مقال جميل ويوضح اهمية زيادة الوعي لدى الانسان للوصول للحرية بأنواعها شكرا لك |
![]() |
![]() |
#5 |
أكـاديـمـي نــشـط
![]() |
رد: جدلية الوعي و الحرية ؛ حريتك تتسع باتساع وعيك !
الأعزاء P e a c e و sιlєит ṡσυl
حياكم الله .. نورتوا ببهاء إطلالتكم .. الكريمة دمعة الشوق حياك الله وتشرفت بحضورك وأهلاً بك وبنقدك. بالتأكيد أننا لن نوقع للسيد فرويد على بياض، وليس كل ما جاء به مقطوع بصحته ولعل هذه ميزة العلم حيث أن الحقيقة لديه تسمو على جميع الألقاب والأسماء فقبولها مرهون بالدليل والبرهان. رغم النقد والزوبعات التي أحدثها فرويد في الأوساط العلمية والفكرية بعد أن غير مفهومنا للعقل (الوعي) بصورة كبيرة حيث أوضح مدى سطوة "اللاوعي" على وعينا وبالتالي سلوكنا وأن عقلنا يُشبه الجبل الجليدي الذي لا يظهر منه سوى الرأس بينما الجُزء الأكبر والأعظم مغمور تحت الماء (المثال الشهير لشرح الفكرة الفرويدية) بعكس التصور السائد قبل فرويد للعقل الذي كان محل تقديس عند مُفكري وفلاسفة عصر الأنوار -الذي يمكن تسميته بعصر العقل- فجاء فرويد ليخضع عقلنا (وعينا) لعملية نقد ليهدم معها التصور التقليدي لوعينا وعقلنا فيمهد بذلك -مع مجومعة فلاسفة آخرين- لحقبة ما بعد الحداثة. ما تزال نظريات فرويد التي أجترحها فاعلة وقوية الى اليوم وإن تم تهذيب الكثير منها وتشذيبه فالنقد لا يعني بالضرورة نسف الأسس أو "نقضها". فمفهوم الغريزة الذي جاء في تضاعيف المقالة يرمي الى الدوافع المُحركة للبشر كدافع البقاء فهي غريزية لم نكتسبها أو نخترها إنما جبلنا عليها، فهل أستطيع البقاء حياً أذا لم آكل أو أشرب؟ والأمر نفسه عن باق الغرائز التي منها ما هو فيسيولوجي ومنها ما هو نفسي، وبتعبير آخر هي المقابل لقاعدة الهرم (هرم ماسلو) في نظرية الاحتياجات التي تتفرع منها بقية الاحتياجات. أطيب الأمنيات لك. |
![]() |
![]() |
#6 | |
مُميزة بمنتدى الإنجليزي واللغات الأُخرى
![]() |
![]() ....
..أفلا يتدبرون ..أفلا يتفكرون ..أو بما معناها ..آيات كُرّرت بالقرآن كدعوة من الله لإعمال العقل ..و البحث عن الخطأ و الصّواب.. إذ أن وجود العقل ..لا يعني وجود وعي .. اقتباس:
![]() اسلوب متميز في الطرح ..يعطيك العافية .. |
|
![]() |
![]() |
#7 |
أكـاديـمـي نــشـط
![]() |
رد: جدلية الوعي و الحرية ؛ حريتك تتسع باتساع وعيك !
يا هلا والله بروز يتباهى المُتصفح بحضورك الزاهي الآيات التي تحض على التفكر والنظر في عاقبة الأمور كثيرة. نحتاج لتفعيلها في حياتنا، ونحتاج قبلها ان نتحلى بالشجاعة الفكرية لنخوض مُغامرة البحث عن الأجوبة و تحرير الأسئلة. شكرا لك روز ![]() |
![]() |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|