إن قراءة النتاجات الصوفية لا يمكن لهاأ، تكون قاطعة ونهائية , وما كتب عنها , في معظمه , يتسم بالمتابعة التاريخية الوصفية , ويتغيا إصدار الاحكام القضائية , تفعيلا لسلطة قراءة مذهبية تتعامل مع النص لا من خلال الدلالة الاحتمالية , بل بوصفه وثيقة تاريخية , وقرينة ترجيحية , وذلك مشرب يجنح بالدراسات الأدبية و النقدية عن مسارها الحقيقي , فالدخول الى أجواء النصوص , والارتياد في فضاءاتها لا يتأتى عبر هذه المنطلقات , ولا يتسقيم وفق تلك الاغراض والنوايا .
ولاسباب ذاتية وموضوعية , مافتئت تراودني فكرة تتعلق بانجاز دراسة بحثية حول القصيدة الصوفية , بعد أن سنحت دراسة سابقة بملامسة بعض أطيافها وتجلياتها , وكانت حافزا على مغامرة الدخول الى حمى تلك التخوم الغائمة , وهي تومئ بإغراء فريد وغريب , كلما التبس اسلوبها , وتمعنت معانيها , وعندها تقترن آلام القراءة والاستنطاق بلذة الكشف والتواصل , وفي هذا بعض من الاسباب الذاتية , يضاف إليها المكونات النفسية والثقافية التي شكلت عقل الباحث ووجدانه : فالاجواء التي عاشها , ولا يزال يعيش بعضا منها , ولو بصفة مراقب , تضع بالنماذج والرموز الصوفية , أقولا و أفعالا , وهي من الكثرة والشيوع بما يكفي لتشكيل وجدان طفل في أرياف ليبيا , يتابع ما يجري باهتمام , وبشيء من الوجل والاحترام .
[ تنبيه : الكتاب وضع للبحث والدراسة لايعني موافقتنا للمحتواه ]