[align=justify]

كم من ملاحظة خطرة شاهدتها، أو وضع مريب رأيته، أو موقف غريب صادفته سواء في الشارع، أو في مرفق حكومي، أو في الأسواق أو غيرها، ثم واصلت سيرك دون أدنى اهتمام، أو اكتراث، وكأن الأمرلا يعنيك، حين تكون مررت بهذه الحالة، فأنت تعاني من تدني مستوى الشعور بأهمية الأشياءمن حولك، وعدم تقدير فداحة الإهمال والتقصير في المحافظة على المرافق والممتلكات التيوجدت لخدمتك ودفع على إنشائها الملايين، وعدم معرفتك لدورك في المجتمع أو المحيط الذيتعيش او تعمل فيه.

كل منا يحمل على عاتقه مسؤولية تجاه الوطن ومكوناته، والمجتمع وعناصره، تختلف هذه المسؤولية باختلاف مواقعنا ومهامنا، ولا تنتفي وتسقط بمجرد أننا لسنا في محيط المسؤولية المباشرة، ولكنلأننا من مكونات وركائز الوطن ولدينا التزام وواجب تجاهه وننعم بظله وننهل من خيراته فلنا دور مسؤول، فبالإضافة الى حمايته من أي اعتداء فنحن مكلفون بالمحافظة على مرافقه وممتلكاته، والمساهمة في تطوره ونهوضه، وإبداء الملاحظات والمقترحات والتنبيه لأي ثغرة ورفعها للمسؤولين.

حين نقرأعن حجم الاهمال الذي كان يلف مستشفى جازان العام ندرك أننا أمام مسؤولية مهدرة واهتمام واهن واستهانة كبيرة بالأرواح والممتلكات، سواء من المسؤولين، أو المواطنين، كلهم كانوا شركاء في المسؤولية بمستويات مختلفة، فالموظف مسؤول حين يشاهد صور الإهمال، ومكامن النقص، ولا يحاول معالجتها وحلها، والمريض أو المراجع مسؤول حين يتغاضى عن الملاحظات،ويمر عليها وكأنها لا تعنيه، فدور المواطن كبير وعليه أن ينّوه عما يلاحظه من خلل،وينبه المسؤول بذلك، فإن لم يتجاوب فهناك قنوات أخرى يتم الرفع لها ـ ومن ضمنها الإعلام الجديد ـ للتنويه عن الملاحظات ومحاولة تصحيح الأخطاء ومن ثم محاسبة المقصرين.

وزارة الصحة برأيي تقع عليها المسؤولية الكبرى فيما يخص حادثة مستشفى جازان العام، لأنها الجهة التي قامت ببناء المستشفى، ووضع معايير الجودة والسلامة لاستخدامه، ووظفت المسؤولين لإدارته، وانتدبت الكفاءات الطبية والتمريضية لتشغيله، فعليها إذن كامل المسؤولية من خلال عدم متابعة كل ذلك بصورة دورية وحازمة، فهل من المعقول إنشاء مستشفى بهذا الحجم دون الاهتمام بوجود أجهزة استشعار الحريق، وهي أمر بديهي وأساسي في أي مبنى خدمي، فما بالك بمستشفى يعج بالمرضى والمراجعين والموظفين والاستخدام المستمر للأجهزة والكهرباء.

ومن صورالإهمال وحسب ما تم تداوله أن أبواب الطوارئ كانت مقفلة بالسلاسل، وهذا أمر غريب من إدارة المستشفى، يدل على عدم استشعارها أهمية نواحي السلامة، فما فائدة الطوارئ إذن؟والأغرب من ذلك ما بررت به إدارة المستشفى هذا التصرف بقولها إن ذلك كان بسبب تخوفها من هروب العاملين.

حادثة حريق مستشفى جازان العام مصاب أليم، وفاجعة وقعها كان قاسيا على الجميع، ذهب أشخاص يبحثون عن العلاج، فإذا بالموت يحاصرهم والنيران تلتهمهم. فلا بد من التحقيق العاجل من كافة الجوانب دون أي مجاملة أو مواربة للحقائق، وذلك لمعرفة الأسباب بالتفصيل، وتكليف لجنة بعد ذلك لمتابعة جميع المرافق الصحية، للوقوف على الملاحظات، واستقبال الشكاوى، ولاسيما فيما يخص جانب السلامة، لمنع ـ بإذن الله ـ تكرار مثل هذه الحوادث وبهذه الصورة المفجعة مستقبلا.

[/align]