كل منا يبحث عن النجاح ويسعى الى التفوق ويجدّ لارتقاء أعلى المراتب في الحياة، ويجند لذلك كل الطاقات ويستخدم كل السبل ليرتقي سلم المجد ويعتلي منارة التميز. ولكن كيف يصل المرء إلى ما يتمناه ويصبو إليه وماهي الوسائل التي يتبعها والطرق التي يسلكها ليحقق مراده وينال مبتغاه. وهل قيمة الهدف وجودته تتطلب أساليب وأدوات مختلفة أم أن أي هدف له ذات الأدوات والأساليب، وهل الأهداف تختلف بمساحة أصالتها ومدى فائدتها للمجتمع.

كثيرون لديهم أهداف ولكن كثيرين أيضا لا يتسلحون بأدوات ماضية وأصيلة وخطط واضحة للوصول وتحقيق هذه الأهداف، فمن أهم هذه الأدوات المساعِدة في تحقيق الهدف هو وضوحه وتكوين صورة ذهنية تكون حاضرة وماثلة في محطات ومواقف حياة الإنسان، وأن يكون هذا الهدف واقعيا محددا، ويلجأ بعضهم الى كتابة أهدافه وبصورة تفصيلية ووضع خطة يتبين من خلالها طريقه للوصول الى هدفه، ولا بد وفي خطوة مهمة اتخاذ القرار والمضي قدما في تحقيق الهدف دون تردد أو تراجع.

يقول الروائي والسياسي البريطاني إدوارد بولوير ليتون : الشخص الذي يتفوق على أقرانه هو من يتبين هدفه بوضوح في مرحلة مبكرة من حياته ويوجه طاقاته بشكل معتاد نحو تحقيقهذا الهدف.

ومن أهم الأمور المعينة على الوصول الى هدفك هوخلع رداء الخوف والتردد من حياتك وإزاحة الصور السلبية من طريقك، وهذا ينسحب على رفقائك وأقاربك أيضا فكثير ممن كان لديهم أهداف وأحلام في بداية حياتهم تعثروا بسبب رفقة سلبية أو صحبة مثبطة، في المقابل فإن الرفيق الايجابي يمنحك طاقة متجددة ويزرع في نفسك الأمل ويدعم تطلعاتك حتى وإن لم يتعمد ذلك فيكفي استلهام القيم العليا والثقة والتأثر بالحماس والتفاؤل المنبعث منه ليكون ذلك دافعا لك نحوالأمام.

وأهم قرار في حياة الإنسان هو أن يحدد ما يريده في هذه الحياة ويعمل بكل جلد وصبر وإرادة للوصول إليه مستعينا بالله أولا ثم بخطط واضحة وآليات محكمة ودوافع قوية تنهض به وتعينه في سبيل تحقيق ما يصبو إليه.

لو سافر أحدنا إلى مدينة يجهل دروبها ومعالمها ومداخلها ومخارجها فما عساه يصنع، حتما سيتوه فيها ويمضي وقته وهو يدور يتلمس وجهته، ولكن لو كان لديه خريطة لهذه المدينة محددا فيها طرقها واتجاهاتها وأهم معالمها فلن يحتار ولن يتخبط ولن يقضي وقتا طويلا في البحث، بل سيتقدم واثقا من قراره عارفا مسلكه قاصدا وجهته.

حسب بعض الدراسات فإن 97% لا يملكون برنامج أهداف منظم وواضح، ولا يعني ذلك أنهم لم يحققوا أهدافا فكروا بها أو راودتهم الأحلام للوصول إليها، فهناك أهداف تنتهي بمجرد تحقيقها فيضع أصحابها أسلحتهم ويعلنون انتهاء المهمة ويركنون بعد ذلك إلى الهدوء والدعة، وهناك أهداف مستمرة، لدى أصحابها إرادة قوية ووضوح تام لما جعلوه نصب أعينهم ويغذون السير لتحقيقه.

ولا بد لمن عقد العزم على تحقيق هدفه أن يتناسى جميع الأزمات الماضية ويتجاهل كل العقبات التي مرت بطريقه لكي لا يزرع وهو لا يدري مثبطات تجعله واهن العزيمة خائر القوى معلنا الاستسلام من أول جولة، فينبغي للمرء أن يساعد نفسه في إنماء الرغبة الذاتية في الإنجاز وتقوية الإيمان بقدراته وإمكانياته وشحذ الهمة وإشعال الدافع باستمرار للوصول لنقطة النهاية التي رسمها في مضمار تطلعاته وأهدافه.

ومن أهم الأمور التي يدعو إليها المختصون بالتنمية البشرية هو إعمال الخيال وتنشيطه ليكون عاملا مساعدا يدفعك للأمام وذلك بأن تتخيل نفسك وقد تقلدت وسام النجاح وأنك الآن تحصد ثمار اجتهادك وتصور الفرح الذي يغمر روحك ومحيطك وأنك تتلقى التهاني ممن حولك على تميزك وتفوقك.

وقد تكون الأهداف شخصية محدودة الأثر ضيقة النطاق، فلا نرى مساحتها وتأثيرها يتجاوز صاحبها وفي المقابل نرى أهدافا شخصية تجاوز أثرها وامتد الى مساحات أوسع ونطاقات أرحب فعمت فائدتها المجتمع واستظل بمنفعتها الوطن بأسره.

سمو الهدف وقيمته تتطلب أدوات أكثر نفاذا، وأساليب أكثر نجاعة في الإعداد والتطبيق، وخطة متكاملة، ذات مرونة، تقبل المراجعة والتغيير والتطوير، فالأهداف الاعتيادية المشتركة لدى جميع الناس كالزواج والوظيفة وغيرها، لا تتطلب تجهيزا عميقا، وتخطيطا مفصلا، ومراجعة مستمرة، كالأهداف التي تستنبت من العدم، ويكوّنها الخيال والطموح والرغبة الملحة، حتى تصبح واقعا مدهشا وحقيقة مبهرة.

وأخيرا، سر بإصرار وعزيمة وثقة نحو التفوق والتميز، غير عابئٍ بما يعترضك من معوقات ومثبطات أو انتقادات، وستكون في الطريق الصحيح الى الهدف الذي تنشده.

------

بقلمي/ ثابت