ملتقى طلاب وطالبات جامعة الملك فيصل,جامعة الدمام

أحب التوحد وأهوى التفرد

لا يخلو المرءُ من تفكرٍ فيما حوله وتدبّرٍ فيما ألمَّ به , ولعل بلبالِ النفس لا يـُراودها إلا في أوقات الخلوة والعزلة , وإن كان هناك وقتٌ فما اخاله إلا وقتَ السحر والناس نيام , كيث تنفرد بنفسك وتـُسيّر طرفك فتأتيك جيوش الهموم وجحافل الغموم, وتـُخالطك الأوهام التي كثيراً ما حيّرت الأفهام , في تلك اللحظة تـُحاول أن تتخلص مما عكّر صفوك وكدّر مزاجك , فتستعيد بعض جميل الذكريات وأحياناَ لا تـُسعفك الذكريات فتصبو إلى الخيالات التي ليس لها في الواقع مكان وما أحاط بها زمان , وقد يكون فيا للنفس سلوة , وتنقلب المرارة حلاوة فترتاح النفس ولو راحة آنيّة وقطعاً لن تكون أبديّة .
فهاك بعض هذه الخيالات التي مرّت بي من غير إطالة تـُورث ملالة :
قلتُ:
وكم ناعسٍ في ظلامِ الليالي ... يـُراعي النجومَ ولم يرقدِ
وكم من مريضٍ يرومُ الشفاءَ ... يـُريد الحياة ولم يخلدِ
رأيتكِ كم من بدورٍ رأيتُ ... فيا لكِ من نيّرٍ مـُرشدِ
أراني صريعاً قتيلاً طريداً ... بعيداً عن الناس لا تُبعدي
خذيني لقبري ولا تحرميني ... وصالكِ ما أنا بالمعتدِ
سهامُ هواكِ أصابت فؤادي ... وبغضكِ في القلبِ لم يولدِ
وإنّي على العهدِ ها فاعلمي ... ولن أخلف الوعدَ يا موعدي
فجودي عليَّ برمشِ العيون ... وهمسِ الحديثِ وضمِ اليدِ
فصاحت وقامت وسبت ومالت ... ولم ترَ مني فعالَ الردي
سئمتُ هواها ولم أر منها ... وصالاً أشدُ بهِ ساعدي
علمتُ بأنَّ الهوى قاتلي ... ومَن شكَّ يا قوم فليبتدي
هو الموتُ والموتُ أضحى قريباً ... فيا نفس مالكِ لم تهتدي
فيا ربَّ عفوك قد ضلَّ عقلي ... وزلَّ لساني وعاثت يدي

وبعد أن خابت الآمال حتى في الخيالات والأحلام آثرتُ العزلة وحـُببت إليَّ الخلوة أحب التوحد وأهوى التفرد , بعد إندحار الظنون وتمكن الأحزان .

رقم : سعيد بن صالح بن علي الحمدان