![]() |
حوار بين الكلمات والأوراق
( حوار بين الكلمات والأوراق ) بعدما تركت أهوائي , وصنعت سفينتي ؛ لأبدا رحلتي في أنهار الأدب العذبة , فأخذت في الإبحار بإطلاق الأشرعة , وبدأت الرياح تدفعني , فأخذت أضرب في قاعها , وأجول فوق سطحها , فكان هواءها نسيمٌ عليل , وماءُها من النمير ! فالأقلام لؤلؤها , والكلمات أصدافها , فقمت بجمعها ونثرها على أوراقي البيضاء الخالية , فاستقبلتها بكل حُب ٍ وبشاشه . بدأت الكلمات تحكي عن خباياها وأسرارها , فسالت دمعاً , وبكت حُزناً , فقالت لها أوراقي التي أخذت هي الأخرى مأخذها : ما بالك أيتها العزيزة ؟ • فأجابتها الكلمات : معي سوف تحزنين أيتها الأوراق , وسوف تسكبين من مقلتيكِ بحوراً من الدمعي . • فقالت لها الأوراق : هاتي ما عندك .. فأنا ما صُنعت إلا لهذا ! • فقالت لها الكلمات : أختي العزيزة .. هناك أقوامٌ ذُلوا بعدما كانوا عزيزين , وفرسانٌ غُلبوا بعد ما كانوا لا يُغلبون . • فقالت لها الأوراق : نعم .. هذه حال دُنيانا فهي متقلبة , ولا تصفو لأحد , إلا لمن جعل الله ونيسه , والقرآن جليسه . • فقالت لها الكلمات : نعم , ولكن هنا الفقير المغلوب على أمرِه , والغني الذي علا أمرُه , والعادل الذي قُيد بالسلاسل , والظالم الذي بدأ بالبطش والتنكيل . • فقالت لها الأوراق : الفقر مع الله غنى , والغنى مع الشيطان فقر , والمقيد لا بد أن تفك قيوده , والظالم لا بد أن يعاقب بأفعاله . • فقالت لها الكلمات : فما بال الصغار يفارقون , وما بال الشيوخ يودعون ؟ • فقالت لها الأوراق : هذه سُنة الله في خلقه , ولن يبقى أحدً سواه , ولكنهم باقين بيننا بأخبارهم , فالأخبار للمرء حياة ثانية . • فقالت لها الكلمات : حزنت على أعوامٍ مضت , وبكيت من أعوامٍ حلت ؟ • فقالت لها الأوراق : الكل على نهجك , والحالي يبكي على الماضي , واليوم يبكي على أخيه الأمس . • فقالت لها الكلمات : فما هو الخلل وما هو العطل ؟ وأين الدواء لهذا الابتلاء ؟ • فقالت لها الأوراق : على الرحب والسعة .. ما أنا إلا لكي , فاسمعي منى أُخيتي .. بكينا على الأولين ؛ لأننا تخلينا عن ماضينا التليد , وأُعجبنا بحاضرنا البليد . • فعاجلتها الكلمات , وقالت لها : أين الدواء ؟ وأين الشفاء ؟ فالسقم منا قد نال , والسهر رفيقنا قد طال . • فقالت لها الأوراق : هوني عليك , ولا بأس عليك – إن شاء الله – فالشفاء والدواء في قرآن ربنا , وسنة نبينا , وخطى صحابته , وقول التابعين لأمره , ولزوم جماعته . • فقالت لها الكلمات : ما أحسن هذا الدواء .. سوف ألزم القرآن وأنهل من السنة ؛ حتى يتم الشفاء , فبارك الله بك أختي العزيزة , فقد كُنتِ لي من الناصحين والمخلصين . • فقالت لها الأوراق : كأنها كلمات مودع ؟ فلا تغادرين فما زالت في جعبتي المزيد . • فقالت لها الكلمات : لقد حان الرحيل , ولنا لقاءٌ عن قريب , فاستودعك الذي يحفظ الودائع . • فقالت لها الأوراق : أستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه , ولا تنسي أختاً لكي تخلص وتجيب . .. أخوكم / فواز ناصر الحويفي |
رد: حوار بين الكلمات والأوراق
:d5:
|
رد: حوار بين الكلمات والأوراق
حياك أختى لموس
.. |
All times are GMT +3. الوقت الآن حسب توقيت السعودية: 07:06 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. جامعة الملك
الفيصل,جامعة الدمام
المواضيع والمشاركات في الملتقى تمثل اصحابها.
يوجد في الملتقى تطوير وبرمجيات خاصة حقوقها خاصة بالملتقى
ملتزمون بحذف اي مادة فيها انتهاك للحقوق الفكرية بشرط مراسلتنا من مالك المادة او وكيل عنه