ملتقى طلاب وطالبات جامعة الملك فيصل,جامعة الدمام

ملتقى طلاب وطالبات جامعة الملك فيصل,جامعة الدمام (https://vb.ckfu.org/index.php)
-   الاخصائين الاجتماعيين (https://vb.ckfu.org/forumdisplay.php?f=443)
-   -   هل مجتمعاتنا طفوليه ؟؟ (https://vb.ckfu.org/showthread.php?t=754789)

ليلاس 2016- 5- 17 12:14 AM

هل مجتمعاتنا طفوليه ؟؟
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .


هذا مقال (محمد حسن العلي )


من الممكن أن نصادف في حياتنا أناس تجاوزوا مراحل عمرية متقدمة، أو يتقلدون مناصب عليا في أماكن هامة، أو يظهرون ذكاء أو براعة في مجال معين كالرياضيات أو الفيزياء، و رغم ذلك فهم مازالوا يتجاوبون مع المحيط و البشر بطريقة غير ناضجة أو يمكن وصفها بالطفولية، بمعنى أن ردود الأفعال التي يمارسونها نتيجة للتفاعل مع المحيط و البشر تكون غالبًا شبيهة بتصرفات الأطفال، فالطفل عادة عندما يتعرض للضغط من أقرانه المتسلطين أو ممن يكبرونه سنا، أو يتعرض للصدمات العاطفية أو حالات الحزن أو الإحباط يبدأ بالبكاء و الصراخ أو ربما تجاوب بطريقة عدوانية كالشتم والصراخ.

يتصرف الطفل عادة دون تفكير متجاوبا مع عواطفه و انفعالاته و هو لا يحسب لعلاقاته على المدى الطويل أي حساب و لا يعبأ أحيان كثيرة لصورته في أعين الناس إلا عند بلوغه سن معينة هذا إذا كان نموه طبيعيا. الطفل عادة يتعجل النتائج، و إذا أراد شيئا أراده الآن ليس في وقت آخر، و في بعض الأحيان تجده يقضي وقتا ممتعا في إيذاء الآخرين و التحرش بهم، الطفل يصعب عليه تفهم حاجات الآخرين و التوفيق بينها و بين حاجاته كما أنه نادرا ما يتقمص شعور الآخرين، و يصعب عليه الالتزام تجاه أمر ما في ظل وجود المغريات من حوله، و هو لا يفهم الكثير من الأمور مما يفترض بالكبار فهمها كالحاجة إلى النظام، النظافة، الحاجة إلى الراحة و النوم، الادخار، و التعلم و العمل و الحاجة إلى الكسب، لماذا يمرض الناس و لماذا يموتون؟ و كيف ولدتني أمي؟ و من أين أتيت؟ و أين الله؟ و أمور أخرى . و حتى لا أتحامل على الطفل كثيراً في مقالي فإن الطفل له أعذاره في كل هذا، فهو لم يحصل على فترة كافية في الحياة تؤهله لفهمها (أو محاولة ذلك)، و لم تسنح له الفرصة ليمتلك أدوات لتطوير ذاته أو الحصول على إجابات مرضية لأسئلته الملحة، الخبرة و المعرفة التي يمتلكهما لا تجعلانه قادرا على المقارنة مع أحداث سابقة لأن معظم ما يحدث أمامه يحدث للمرة الأولى، و سيكون من الظلم أن نعاقبه أو نحكم على قدراته من خلال التجارب الأولى في الحياة، الطفل عادة ليس لديه القدرة ليضع قوانين "Ground rules" لتحركه خلال أي منظومة اجتماعية، و ليس لديه القدرة أن يعرف من تلقاء نفسه أين تنتهي حريته و أين تبدأ حريات الآخرين، كما أن الحس القيمي لديه لم يعط الفترة الكافية ليتطور فيحفزه أو يمنعه لعمل شيء ما، و هو لا يعرف كيف يمكن أن يبدي آراءه المخالفة لغيره دون أن يسيء إليه أو يبدأ بالصراخ في وجهه ما لم يعلمه أحد عكس ذلك.
ويمكننا من خلال الاختلاط بالآخرين أن نجد أن كثيرا من الكبار مازالوا غير ناضجين وجدانيا و انفعاليا، حيث أن ردود أفعالهم تتشابه إلى حد كبير مع الوصف السابق للطفل، و لا يمكن الحكم على النضج من عدمه لدى الكبار حتى يطبق عليهم ضغطا معينا يستفزهم للقيام بردود أفعال تعكس مدى نضجهم من عدمه، و هي طبيعة الحياة فلا حياة بلا ضغوط، لذلك فهناك فرصة كبيرة لمراقبة تصرفات الناس و التعلم من أخطائهم. لكن يبقى السؤال : هل هناك عذر للكبار في عدم نضجهم و سلوكهم الطفولي؟
إن الأفراد هم من يشكلون المجتمع و كنتيجة تلقائية لكون معظمهم غير ناضج أن يكون المجتمع في مجمله غير ناضج! و من الممكن أن يتأخر نضوج المجتمع أو أن يتوقف نموه عند حد معين، فالمجتمعات التي لا ترى إلا تحت قدميها، تستنزف كل مالديها، تعبث في أوقاتها، لا تلتزم بشكل مستمر بخطط و لا أهداف، لا تتحرك من تلقاء نفسها أو تتحرك بشكل عشوائي في معظم الأوقات و كنتيجة للضغوط المطبقة عليها فقط، المجتمعات التي يحتك أفرادها ببعض بعدوانية ظاهرة، و لا تجد بين حواراتهم ما يمكن أن تصل في نهايته إلى نتيجة أو إلى تصور لما كانوا يتراشقون من أجله، المجتمعات التي لا تحاول الإجابة على اسئلتها الملحة أو ترتجل بفوضوية حلولاً آنية، والمجتمعات التي لا تدرك حاجاتها الأساسية و تخلط بين كلمتي "التطور و الترف"، "الكرم و البذخ"، "الرجولة و العربجة"،" العصبية و الدين". المجتمعات التي لا" تصنع" ولا" ترى" جمالا، المجتمعات التي تلدغ من نفس الجحر خمسين مرة.. تختار الجمرة و تترك التمرة في كل مرة ! هي مجتمعات طفولية لم تنضج بعد!
و علي أن أفرق هنا بين أن يتمتع الإنسان بحس الطفولة الذي يمكنه من الاستمتاع بالحياة و حب الاستكشاف، و بين التصرف بطريقة غير مسئولة و غير ناضجة، فبينهما فرق واضح و كبير !
النضج مطلب ملح و واقعي لما نحن مقبلين عليه في السنوات القادمة، و نحن هنا ضمير منفصل "عائد" على الوطن بكل تأكيد، ولا بد أن نعي أن مزيدا من الفوضى لن تخدم الوطن، و أن مزيدا من العنف لن يزيدنا إلا ضعفا و انكسارا، النضج حالة تسبق الحضارة، و هي كلمة لا تعني بالـتأكيد أن نصبح جادين طوال الوقت، و أن لا نستمتع بأوقاتنا كما يفعل الآخرون، لكنها تعني أن لا تصبح كل أوقاتنا عبثاً في عبث، و العبث في رأيي ثقافة مستعصية لا يمكن فك طلاسمها دون نضج وجداني و انفعالي يمكننا من الإحساس بقيمة الحياة التي توهب للإنسان مرة واحدة، فإما أن يعيش الإنسان فيها خاويا و سطحيا يعبث و يلهو دون الشعور بالمسئولية، و إما أن يهب حياته لرسالة سامية يعيش من أجلها و من أجل الأجيال القادمة.

ليلاس 2016- 5- 17 12:43 AM

رد: هل مجتمعاتنا طفوليه ؟؟
 
بالنسبة لي اتفق معه في بعض النقاط , ان البعض يعيش بعبثيه تامه بلا هدف او رؤيه


ولكن انا ضد ان المجتمع طفولي , بالعكس المجتمعات سريعــة النمو ومتطلعه لذا لاخوف الا من الجهل المتربص في عقول البعض , ومجتمعنا ناضج بالفكر , وبالتنميه واستثمار ماهو يفيد لمصلحتنا ,
.

رحال 2626 2016- 5- 17 12:45 AM

رد: هل مجتمعاتنا طفوليه ؟؟
 
مقال طيب ونقل رائع أختي/ليلاس.
يعطيك العافيه والمقال فعلا أورد أمور صحيحه تحدث في مجتمعنا.

ليلاس 2016- 5- 17 01:04 AM

رد: هل مجتمعاتنا طفوليه ؟؟
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رحال 2626 (المشاركة 1057217814)
مقال طيب ونقل رائع أختي/ليلاس.
يعطيك العافيه والمقال فعلا أورد أمور صحيحه تحدث في مجتمعنا.


بالفعل , امور واقعيه لايمكن انكارها .

اهلا بك رحال :106:

عازف الكلمه 2016- 5- 17 02:35 AM

رد: هل مجتمعاتنا طفوليه ؟؟
 
مقال جميل
واتفق معك يا ليلاس في كون المجتمعات سريعة النمو وانها غير طفوليه او غير ناضجه والا لما واصلت في تقدمها .


اقتباس:

لا يمكن الحكم على النضج من عدمه لدى الكبار حتى يطبق عليهم ضغطا معينا يستفزهم للقيام بردود أفعال تعكس مدى نضجهم من عدمه، و هي طبيعة الحياة فلا حياة بلا ضغوط، لذلك فهناك فرصة كبيرة لمراقبة تصرفات الناس و التعلم من أخطائهم. لكن يبقى السؤال : هل هناك عذر للكبار في عدم نضجهم و سلوكهم الطفولي؟
اعجبني ما ذكر خصوصاً فيما ذكر باللون الاحمر
فلا اعتقد ان للكبار عذر في عدم نضجهم وسلوكهم الطفولي ..

وذلك بسبب ما ذكر نفس الكاتب فيما يلي :
اقتباس:

يتصرف الطفل عادة دون تفكير متجاوبا مع عواطفه و انفعالاته و هو لا يحسب لعلاقاته على المدى الطويل أي حساب و لا يعبأ أحيان كثيرة لصورته في أعين الناس إلا عند بلوغه سن معينة هذا إذا كان نموه طبيعيا.
اشكرك ليلاس على الدعوه الجميله

ليلاس 2016- 5- 17 03:50 AM

رد: هل مجتمعاتنا طفوليه ؟؟
 
اهلا بك الشمالي ،،��

(فـ@ـد) 2016- 5- 17 07:08 AM

رد: هل مجتمعاتنا طفوليه ؟؟
 
موضوع جميل يحتاج لنقاش
ارجو ان اعود في وقت اخر
سلمتِ على النقل والدعوة :icon19::icon19:

ليلاس 2016- 5- 17 07:17 AM

رد: هل مجتمعاتنا طفوليه ؟؟
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة (فـ@ـد) (المشاركة 1057218218)
موضوع جميل يحتاج لنقاش
ارجو ان اعود في وقت اخر
سلمتِ على النقل والدعوة :icon19::icon19:

ننتظر لفتتك و حيآك ب أي وقت ,, :icon1:

So0oT AlFgEd 2016- 5- 17 08:07 AM

رد: هل مجتمعاتنا طفوليه ؟؟
 
مقال جميل ولربما نقول البعض منهم من يعيش هذي الحاله

أسعدني هذا الطرح والدعوه كذلك

شكراً

مــطــنــوخ 2016- 5- 17 09:09 AM

رد: هل مجتمعاتنا طفوليه ؟؟
 
جميل سلمتي ودمتي

حواء ال المدينة 2016- 5- 17 03:46 PM

رد: هل مجتمعاتنا طفوليه ؟؟
 
في داخل كل منا طفل مهما كبرنا يتجلى هذا في أشياء عديدة كرغبتنا للقفز تحت قطرات المطر بكل عفوية فرحتنا بهدية متواضعة بمشاهدة فلم نحبه سعادتنا بأهتمام من نحب لنا الغضب لعدم شراء شئ نحبه ونتمناه هذه الرغبات هي من تشعرنا بحلاوة الحياة وأهميتها بأن دآخلنا لازال جميلآ لم تطاله يد الواقع الغادر وهذا مايدفعنا لتقبل الاشياء التي تتعبنا وتبعثر ذاتنا لنعيد بسرعة ترتيبها بنظرتنا الطفولية الحالمة ..
البعض قد يترك الطفل الذي بدآخله يسير تصرفاته إلى درجة أن ردود أفعاله في الغالب تنم عن عدم الاتزان وهذا يؤدي به إلى عدة مشاكل .. صور عديدة نراها في واقعنا لأشخاص يثورون لأتفه الأسباب بدون تحكيم للعقل او التوقف برهة للتفكير في عواقب أي تصرف يقدمون عليه هذا ما يحد من تطور الشعوب فمجتمع أفراده لايستطيعون التحكم في ردود أفعالهم كيف لهم أن يتقدموا به ..؟!

شكرآ ليلاس مقال قيم وراائع

دمتي متآلقة :106:

ليلاس 2016- 5- 17 05:39 PM

رد: هل مجتمعاتنا طفوليه ؟؟
 
صوت الفقد / مطنوخ / مشرفتنا الغاليه

سعدت بمروركم ������

(فـ@ـد) 2016- 5- 17 07:23 PM

رد: هل مجتمعاتنا طفوليه ؟؟
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ليلاس (المشاركة 1057218226)
ننتظر لفتتك و حيآك ب أي وقت ,, :icon1:

اتفق مع الكاتب
فالمجتمعات كيانات حية لها عمر، ومراحل طفولة ونضج وهرم وموت
المجتمع مثل أي فرد قد يمتد به العمر لا يفيد ولا يستفيد ويصبح عالة على من حوله مراوحا في مرحلة ما ، لا يبارحها
اصبحنا في مأزق فإن انتقدنا الوضع اتهمنا بجلد الذات وانكار الكثير من الايجابيات في مجتمعنا السعودي وإن امتدحنا ما نحن عليه إتهمنا انفسنا بالتقصير في النصح والجبن في قول الحق
من يريد ان يعرف مدى نضج المجتمع فعليه بانعام النظر في وجوه المارة والاستماع لهم ومشاهدة تصرفاتهم عليه برؤية الخوف في أعين الشباب من مستقبل مجهول عليه بإحصاء الفعاليات والانشطة الاجتماعية في الحي او الشارع او المدرسة ..مجتمع يخلوا من الجمال الحسي والمعنوي ..مجتمع لا يجد له متنفس الا في التحريض والتحريض المضاد ..مجتمع غرق حتى اذنيه في برامج التواصل لأنه لا يجد له منبر يفرغ فيه طاقاته
فطبيعي جدا ان يكون نتاجه بعض الشخصيات الطفولية كما ذكر الكاتب
"المجتمعات التي لا تدرك حاجاتها الأساسية و تخلط بين كلمتي "التطور و الترف"، "الكرم و البذخ"، "الرجولة و العربجة"،" العصبية و الدين". المجتمعات التي لا" تصنع" ولا" ترى" جمالا، المجتمعات التي تلدغ من نفس الجحر خمسين مرة.. تختار الجمرة و تترك التمرة في كل مرة ! هي مجتمعات طفولية لم تنضج بعد! "... صدق

ليلاس 2016- 5- 17 08:19 PM

رد: هل مجتمعاتنا طفوليه ؟؟
 
اسعدني تعقيبك ،،

عبقور 2016- 5- 18 01:20 AM

رد: هل مجتمعاتنا طفوليه ؟؟
 
قراءت الموضوع بالامس وسرحت بخيالي حتى غفوت وانا افكر وتمر امامي امثلة وشخصيات مازالت طفولية . بعضها احتفظ بالجانب الجميل في الطفولة كالمرح والبراءة والحب للالعاب والحلويات الملونة وهم قلة . والبعض للأسف الجانب السيء ونراهم غالبا في مواقع التواصل وهم يستعملون العنف في الكلمات والالقاب والكلام البذيء وخلف اسماء مستعارة , ومنهم من له مكانة اجتماعية وان طلبت منهم ان يُعبر في مجلس عن رأيه سيُبهرك بجميل كلامه وعقلانيته , وتنصدم انه نفس الشخص صاحب الكلام البذيء والمهاجم للأخطاء في مواقع التواصل ..
نعم نجد أن كثيرا من الكبار مازالوا غير ناضجين وغالباً بسبب ضغوط تستفزهم لعمل ذلك ويتخلون عن نضجهم في وقتها , وبعضهم ينتمون لفئة "اصرخ حتى تبدوا أقوى " وتكون هذه الشخصية ضعيفة وتشعر بالنقص خاصةً اذا كان الكلام موجه لمن يفوقه في صفة ما , فيسعى لتحقيرة ليسد شعوره بالنقص .
ولكن لاانكر انه يوجد في مجتمعنا شخصيات ناضجة غير طفولية تستحق منا كل الاحترام والتقدير :icon1:

شكراً ليلاس دائماً تنتقين الجميل والرائع :004:

ليلاس 2016- 5- 18 01:25 AM

رد: هل مجتمعاتنا طفوليه ؟؟
 
غفوة العافيه يارب , :16.jpg:


بالفعل وهذا مانسميه الاسلوب السلبي , / اشكرك عبقوره ع المرور اللطيف:rose:

Tariq.Q 2016- 5- 19 05:47 PM

رد: هل مجتمعاتنا طفوليه ؟؟
 
أسعد الله أوقاتك ليلاس ..
شكراً على هذا الإنتقاء الرايق، مقالة رصينة تُشخص بعضاً مما ينطوي عليه واقعنا الإجتماعي والثقافي من عقبات كأداء في طريق النهضة الحضارية والتي تبدأ من النواة الأولى –الإنسان- في جدلية مع البنى الإجتماعية..
القدرة على التحكم في الذات وردود الأفعال هي سمة من سمات الشخصية الناضجة عاطفياً وفكرياً والتي تكتسب بالمران والنشأة في بيئة ثقافية راقية تستهجن ردود الأفعال الطفولية واللامسئولة ،طبعاً دون إغفال منا للعامل الوراثي (الجيني).
فالإنسان مالم يرتقي عبر ثقافة تُهذب الجانب الهمجي والبدائي في داخله ، والتي تتحكم بها الغرائز والدوافع الأكثر رسوخاً وتجذراً فينا (ويحصرها فرويد في غريزتي العنف و الجنس) وإلا سوف يغرق في وحل إنسانيته /همجيته ..
الكاتب أشار في بداية المقالة الى مسألة صحيحة برأيي وهي أن هذه الطفولية و السطحية أحيانا قد تجدها لدى أصحاب شهادات عليا متمكنيين من مجالاتهم الا انهم شبه أميون في المجالات الأخرى ، ونظرتهم لا تختلف عن نظرة العوام التي تكون ذات بعد واحد مسطح لا يرَ بقية الأبعاد والجوانب الأخرى والتي هي سمة الإنسان والمجتمع .. لذلك شاع عند البعض قول العالم في تخصصه هو عامي في التخصصات الأخرى.
أجاد الكاتب بما لا يمكن الإضافة عليه في رصد ظاهرة الطفولة العاطفية/المجتمعية .. إلا أنه لم يتطرق الإسباب التي جعلت منا مجتمع طفولي كما يزعم وأشاركه شخصياً هذا الزعم الى درجة كبيرة رغم أن هذا مُبرر في مقالة قصيرة كهذه ، فالمسألة تحتاج لدراسات جادة لا كتابات إرتجالية والتي هي سمة ردود الأفعال الطفولية التي تحدث عنها الكاتب.
برأيي مما يزيد في صعوبة المسألة أمام الباحث الإجتماعي العربي هو حقول الألغام التي تحف به والتي يمثل الاصتدام بها كابوس أمام الباحثين العرب.. وأعني تلك التابوهات التي تجعل الباحث الجاد يضطر الى المداورة و التحول الى جراح تجميلي يحاول تجميل القبح حيناً وتغطيته أحيانا أخرى تجنباً لغضبة جماهرية (غوغائية) أو غضبة سلطوية أياً كانت هذه السلطة (سياسية ، إجتماعية ، دينية ).
لذلك فمن يريد توظيف علم الاجتماع في مجتمع لا يُشجع على التفكير بحرية قد يجر عليه هذا المنهج على الباحث ويلات ومتاعب لا يعرفها الباحثون الذين ينتمون لمجتمعات حديثة ، فعلم الإجتماع يدرس ثقافة المجتمعات بما تنطوي عليه من قيم ونُظم أخلاقية وعقائد وعادات وتقاليد تُشكل بمجملها العدسة التي ينظر من خلالها المجتمع للوجود ويقيم علاقاته وتفاعله وتفسره بناء عليها ، فهو يدرسها بموضوعية كما يدرس أي أمر آخر؛ أي أنه يشبعها تحليلا وتفكيكاً دون أعتبار عاطفي إزاء موضوع البحث، إذ أن المهم لديه هو فهم الظاهرة بمنهج علمي.
ولعلي أستشهد في هذا السياق بماكس فيبر وهو أحد الآباء المؤسسين لعلم الاجتماع وكيف قام بتطبيق منهجه العلمي لمعرفة السؤال الذي شغله وكان موضوع كتابه "الأخلاق البروتستانتية والروح الرأسمالية" : لماذا ظهرت الحداثة والعقلانية والتي تجد ترجمتها الإقتصادية في الرأسمالية -بإعتبارها أرقى صور العقلانية والرشاد -في أوروبا الغربية وأمريكا ولم تظهر في بقية العالم ؟
بعدما قام بتحليل للجوانب الأخلاقية للمجتمعات أستنتج أن ثمة علاقة قوية بين أخلاق البروتستانتية وظاهرة الحداثة والعقلانية التي تجد صيغتها في الرأسمالية ، أذ الأخلاق التي تتضمنها العقيدة البروتستانتية تحمل معها بذور العقلانية والحث على العمل والإنجاز والنجاح والإدخار ( فالعقيدة تدعو أيضا للتقشف باعتبار الترف مفسدة ) وهذه العقيدة كانت النواة لنشوء الرأسمالية الغربية ، ويستدل على ذلك بأنها ظهرت في إنجلترا البروتستانتية قبل ان تلحقها بقية الدول الكاثوليكية لاحقاً.
بالتأكيد ليس المهم من هذا المثال هو النتيجة التي أنتهى اليها فيبر أو تحليل ظاهرة الرأسمالية! إنما لفت النظر لهذا المنهج (ودائماً أردد المنهج أهم من المعلومة أو الرأي ) الذي يحاول فهم الظواهر ومقاربتها "علمياً" ولا يكتفي بتقديم إجابات تعتمد إما على إرتجالات أو مواعظ تقول كُل شيء ولا تقول شيء في نفس الوقت!

عذراً لهذا الإستطراد .. فالموضوع يُغري بالتطفل على مجالكم .. :smile:
تقديري لك ..

(فـ@ـد) 2016- 5- 19 06:17 PM

رد: هل مجتمعاتنا طفوليه ؟؟
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة tariq.q (المشاركة 1057223331)
أسعد الله أوقاتك ليلاس ..
شكراً على هذا الإنتقاء الرايق، مقالة رصينة تُشخص بعضاً مما ينطوي عليه واقعنا الإجتماعي والثقافي من عقبات كأداء في طريق النهضة الحضارية والتي تبدأ من النواة الأولى –الإنسان- في جدلية مع البنى الإجتماعية..
القدرة على التحكم في الذات وردود الأفعال هي سمة من سمات الشخصية الناضجة عاطفياً وفكرياً والتي تكتسب بالمران والنشأة في بيئة ثقافية راقية تستهجن ردود الأفعال الطفولية واللامسئولة ،طبعاً دون إغفال منا للعامل الوراثي (الجيني).
فالإنسان مالم يرتقي عبر ثقافة تُهذب الجانب الهمجي والبدائي في داخله ، والتي تتحكم بها الغرائز والدوافع الأكثر رسوخاً وتجذراً فينا (ويحصرها فرويد في غريزتي العنف و الجنس) وإلا سوف يغرق في وحل إنسانيته /همجيته ..
الكاتب أشار في بداية المقالة الى مسألة صحيحة برأيي وهي أن هذه الطفولية و السطحية أحيانا قد تجدها لدى أصحاب شهادات عليا متمكنيين من مجالاتهم الا انهم شبه أميون في المجالات الأخرى ، ونظرتهم لا تختلف عن نظرة العوام التي تكون ذات بعد واحد مسطح لا يرَ بقية الأبعاد والجوانب الأخرى والتي هي سمة الإنسان والمجتمع .. لذلك شاع عند البعض قول العالم في تخصصه هو عامي في التخصصات الأخرى.
أجاد الكاتب بما لا يمكن الإضافة عليه في رصد ظاهرة الطفولة العاطفية/المجتمعية .. إلا أنه لم يتطرق الإسباب التي جعلت منا مجتمع طفولي كما يزعم وأشاركه شخصياً هذا الزعم الى درجة كبيرة رغم أن هذا مُبرر في مقالة قصيرة كهذه ، فالمسألة تحتاج لدراسات جادة لا كتابات إرتجالية والتي هي سمة ردود الأفعال الطفولية التي تحدث عنها الكاتب.
برأيي مما يزيد في صعوبة المسألة أمام الباحث الإجتماعي العربي هو حقول الألغام التي تحف به والتي يمثل الاصتدام بها كابوس أمام الباحثين العرب.. وأعني تلك التابوهات التي تجعل الباحث الجاد يضطر الى المداورة و التحول الى جراح تجميلي يحاول تجميل القبح حيناً وتغطيته أحيانا أخرى تجنباً لغضبة جماهرية (غوغائية) أو غضبة سلطوية أياً كانت هذه السلطة (سياسية ، إجتماعية ، دينية ).
لذلك فمن يريد توظيف علم الاجتماع في مجتمع لا يُشجع على التفكير بحرية قد يجر عليه هذا المنهج على الباحث ويلات ومتاعب لا يعرفها الباحثون الذين ينتمون لمجتمعات حديثة ، فعلم الإجتماع يدرس ثقافة المجتمعات بما تنطوي عليه من قيم ونُظم أخلاقية وعقائد وعادات وتقاليد تُشكل بمجملها العدسة التي ينظر لها أي مجتمع للوجود من خلالها ويقيم علاقاته وتفاعله وتفسره بناء عليها ، فهو يدرسها بموضوعية كما يدرس أي أمر آخر؛ أي أنه يشبعها تحليلا وتفكيكاً دون أعتبار عاطفي إزاء موضوع البحث، إذ أن المهم لديه هو فهم الظاهرة بمنهج علمي.
ولعلي أستشهد في هذا السياق بماكس فيبر وهو أحد الآباء المؤسسين لعلم الاجتماع وكيف قام بتطبيق منهجه العلمي لمعرفة السؤال الذي شغله وكان موضوع كتابه "الأخلاق البروتستانتية والروح الرأسمالية" : لماذا ظهرت الحداثة والعقلانية والتي تجد ترجمتها الإقتصادية في الرأسمالية -بإعتبارها أرقى صور العقلانية والرشاد -في أوروبا الغربية وأمريكا ولم تظهر في بقية العالم ؟
بعدما قام بتحليل للجوانب الأخلاقية للمجتمعات أستنتج أن ثمة علاقة قوية بين أخلاق البروتستانتية وظاهرة الحداثة والعقلانية التي تجد صيغتها في الرأسمالية ، أذ الأخلاق التي تتضمنها العقيدة البروتستانتية تحمل معها بذور العقلانية والحث على العمل والإنجاز والنجاح والإدخار ( فالعقيدة تدعو أيضا للتقشف باعتبار الترف مفسدة ) وهذه العقيدة كانت النواة لنشوء الرأسمالية الغربية ، ويستدل على ذلك بأنها ظهرت في إنجلترا البروتستانتية قبل ان تلحقها بقية الدول الكاثوليكية لاحقاً.
بالتأكيد ليس المهم من هذا المثال هو النتيجة التي أنتهى اليها فيبر أو تحليل ظاهرة الرأسمالية! إنما لفت النظر لهذا المنهج (ودائماً أردد المنهج أهم من المعلومة أو الرأي ) الذي يحاول فهم الظواهر ومقاربتها "علمياً" ولا يكتفي بتقديم إجابات تعتمد إما على إرتجالات أو مواعظ تقول كُل شيء ولا تقول شيء في نفس الوقت!

عذراً لهذا الإستطراد .. فالموضوع مُغري للتطفل على مجالكم .. :smile:
تقديري لك ..

هذا القلم الرصين والفكر المتنور حقيق بالمتابعة :106::106:

ليلاس 2016- 5- 19 07:42 PM

رد: هل مجتمعاتنا طفوليه ؟؟
 
[QUOTE=Tariq.Q;1057223331]

القدرة على التحكم في الذات وردود الأفعال هي سمة من سمات الشخصية الناضجة عاطفياً وفكرياً والتي تكتسب بالمران والنشأة في بيئة ثقافية راقية تستهجن ردود الأفعال الطفولية واللامسئولة ،طبعاً دون إغفال منا للعامل الوراثي (الجيني).
فالإنسان مالم يرتقي عبر ثقافة تُهذب الجانب الهمجي والبدائي في داخله ، والتي تتحكم بها الغرائز والدوافع الأكثر رسوخاً وتجذراً فينا (ويحصرها فرويد في غريزتي العنف و الجنس) وإلا سوف يغرق في وحل إنسانيته /همجيته ..

اتفق معك تماما بما قلته , اتي بمثال , عالم النفس د البرت ايللس . الي كتب عن العلاج العقلي الانفعالي والسمات التي تحد من تقليل نسبة التفكير السطحي , سواء في العمليات اللفظيه والاستبصار وتغيير السلوك للافضل , وماهو عائد على الفسيولوجيه وتوثر عليه , ومحاولة محاربة الانفعالات غير الناضجه والحد منها , ولعل من اهم السمات الناضجه هي التحكم بالانفعالات ,




الكاتب أشار في بداية المقالة الى مسألة صحيحة برأيي وهي أن هذه الطفولية و السطحية أحيانا قد تجدها لدى أصحاب شهادات عليا متمكنيين من مجالاتهم الا انهم شبه أميون في المجالات الأخرى ، ونظرتهم لا تختلف عن نظرة العوام التي تكون ذات بعد واحد مسطح لا يرَ بقية الأبعاد والجوانب الأخرى والتي هي سمة الإنسان والمجتمع .. لذلك شاع عند البعض قول العالم في تخصصه هو عامي في التخصصات الأخرى.
أجاد الكاتب بما لا يمكن الإضافة عليه في رصد ظاهرة الطفولة العاطفية/المجتمعية .. إلا أنه لم يتطرق الإسباب التي جعلت منا مجتمع طفولي كما يزعم وأشاركه شخصياً هذا الزعم الى درجة كبيرة رغم أن هذا مُبرر في مقالة قصيرة كهذه ، فالمسألة تحتاج لدراسات جادة لا كتابات إرتجالية والتي هي سمة ردود الأفعال الطفولية التي تحدث عنها الكاتب.
برأيي مما يزيد في صعوبة المسألة أمام الباحث الإجتماعي العربي هو حقول الألغام التي تحف به والتي يمثل الاصتدام بها كابوس أمام الباحثين العرب.. وأعني تلك التابوهات التي تجعل الباحث الجاد يضطر الى المداورة و التحول الى جراح تجميلي يحاول تجميل القبح حيناً وتغطيته أحيانا أخرى تجنباً لغضبة جماهرية (غوغائية) أو غضبة سلطوية أياً كانت هذه السلطة (سياسية ، إجتماعية ، دينية ).
لذلك فمن يريد توظيف علم الاجتماع في مجتمع لا يُشجع على التفكير بحرية قد يجر عليه هذا المنهج على الباحث ويلات ومتاعب لا يعرفها الباحثون الذين ينتمون لمجتمعات حديثة ، فعلم الإجتماع يدرس ثقافة المجتمعات بما تنطوي عليه من قيم ونُظم أخلاقية وعقائد وعادات وتقاليد تُشكل بمجملها العدسة التي ينظر من خلالها المجتمع للوجود ويقيم علاقاته وتفاعله وتفسره بناء عليها ، فهو يدرسها بموضوعية كما يدرس أي أمر آخر؛ أي أنه يشبعها تحليلا وتفكيكاً دون أعتبار عاطفي إزاء موضوع البحث، إذ أن المهم لديه هو فهم الظاهرة بمنهج علمي.
ولعلي أستشهد في هذا السياق بماكس فيبر وهو أحد الآباء المؤسسين لعلم الاجتماع وكيف قام بتطبيق منهجه العلمي لمعرفة السؤال الذي شغله وكان موضوع كتابه "الأخلاق البروتستانتية والروح الرأسمالية" : لماذا ظهرت الحداثة والعقلانية والتي تجد ترجمتها الإقتصادية في الرأسمالية -بإعتبارها أرقى صور العقلانية والرشاد -في أوروبا الغربية وأمريكا ولم تظهر في بقية العالم ؟
بعدما قام بتحليل للجوانب الأخلاقية للمجتمعات أستنتج أن ثمة علاقة قوية بين أخلاق البروتستانتية وظاهرة الحداثة والعقلانية التي تجد صيغتها في الرأسمالية ، أذ الأخلاق التي تتضمنها العقيدة البروتستانتية تحمل معها بذور العقلانية والحث على العمل والإنجاز والنجاح والإدخار ( فالعقيدة تدعو أيضا للتقشف باعتبار الترف مفسدة ) وهذه العقيدة كانت النواة لنشوء الرأسمالية الغربية ، ويستدل على ذلك بأنها ظهرت في إنجلترا البروتستانتية قبل ان تلحقها بقية الدول الكاثوليكية لاحقاً.
بالتأكيد ليس المهم من هذا المثال هو النتيجة التي أنتهى اليها فيبر أو تحليل ظاهرة الرأسمالية! إنما لفت النظر لهذا المنهج (ودائماً أردد المنهج أهم من المعلومة أو الرأي ) الذي يحاول فهم الظواهر ومقاربتها "علمياً" ولا يكتفي بتقديم إجابات تعتمد إما على إرتجالات أو مواعظ تقول كُل شيء ولا تقول شيء في نفس الوقت!

عذراً لهذا الإستطراد .. فالموضوع مُغري للتطفل على مجالكم .. :smile:


جميل استشهادك بماكس فيبر , ع قولته "إنّ الإنسانَ لم يولد ليحل مشاكل هذا العالم، ولكن ليحدد مكمنها، وبالتالي يتمكن من ضبطها في مفاهيم واضحة"

طارق , اعجبني استطرادك وصياغتك جميله , وصاحب قلم فذ , فعلا مثل ماقال فهد تستحق المتابعه , وخليك بالقرب , ترا علمنا يتصل بجميع العلوم يعني حياك ب أي وقت :16.jpg::tongue:



كل التحايا . :106:


All times are GMT +3. الوقت الآن حسب توقيت السعودية: 12:02 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. جامعة الملك الفيصل,جامعة الدمام
المواضيع والمشاركات في الملتقى تمثل اصحابها.
يوجد في الملتقى تطوير وبرمجيات خاصة حقوقها خاصة بالملتقى
ملتزمون بحذف اي مادة فيها انتهاك للحقوق الفكرية بشرط مراسلتنا من مالك المادة او وكيل عنه